فى منتصف يوليو الماضى أعلن شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية عن تأسيس شركة لتوطين صناعة الصوامع محليًا، وربط الصوامع بشبكة السكك الحديدية بالتعاون مع وزارة النقل، والاستفادة من خدمات النقل النهرى فى مجال تداول الأقماح ليوفر العملة الأجنبية فى ظل الاستعانة بشركات أجنبية من العديد من الدول مثل أمريكا والدنمارك وفرنسا لإنشاء الصوامع، بجانب أيضا استعانة القطاع الخاص بشركات فرنسية وتركية وإسبانية.
فكيف تؤثر تلك الشركة على زيادة إنتاج القمح والاكتفاء الذاتى منه، وما هى رؤية الوزارة بشأن تلك القضية التى تعد صمام الأمن الغذائى فى مصر. وتصدرت مصر قائمة الدول الأكثر استيراداً للقمح فى العالم، بحسب بيانات موقع statista، لكن الصين تجاوزتها منتصف العام الماضى بمشتريات بلغت ١٢ مليون طن فى ١١ شهراً. وتراجعت نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح إلى ٤٨.٢٪ فى ٢٠٢٢، وفق إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
رؤية وزارة التموين والتجارة الداخلية
بجانب تأسيس شركة لتوطين صناعة الصوامع محليًا، وربط الصوامع بشبكة السكك الحديدية بالتعاون مع وزارة النقل، والاستفادة من خدمات النقل النهرى فى مجال تداول الأقماح، فتتضمن رؤية وزارة التموين والتجارة الداخلية فى الحكومة الجديدة عدة محاور منها:توفير مخزون استراتيجى من السلع الاستراتيجية الأساسية لتأمين احتياجات البلاد لمدة تكفى احتياجات البلاد لفترات طويلة، والعمل على توفير قواعد بيانات رقمية للمنتجين والمصنعين وسلاسل الإمداد تضمن إمكانية تتبع وتدفق كميات وأسعار السلع عبر سلاسل الإمداد وصولًا للمستهلك، وتضافر كافة أجهزة الدولة المعنية بالرقابة بتشديد وإحكام الرقابة على الأسواق من خلال الحملات والتواجد الميدانى للتصدى لأى محاولات من شأنها الإضرار بحقوق المستهلك وضمان طرح سلع جيدة مطابقة للمواصفات القياسية.
مع استكمال رفع كفاءة إدارة وتشغيل الصوامع وزيادة السعات التخزينية للقمح تعد من المحاور التى تعمل وزارة التموين والتجارة الداخلية بقيادة الدكتور شريف فاروق على إنجازها خلال الفترة المقبلة بهدف مواكبة توسع الدولة فى زيادة المساحات المزروعة من القمح بشكل مستدام لرفع معدلات المكون المحلى خلال السنوات القادمة من خلال إنشاء صوامع جديدة وزيادة السعات التخزينية لبعض الصوامع القائمة لزيادة السعات التخزينية من ٣.٤ مليون طن لتصل إلى ٥ ملايين طن.
كما تستهدف الوزارة إنشاء ٦٠ صومعة حقلية بمحافظات "الشرقية، المنوفية، المنيا" بتكلفة استثمارية تصل إلى ٤١٦.٧٠٨ مليون جنيه وتبلغ طاقة تخزين الصومعة ١٠ آلاف طن بإجمالى سعات تخزينية ٦٠٠ ألف طن، كما تم تنفيذ ٦ صوامع حقلية بسعة تخزين ٥ آلاف طن للصومعة الواحدة بإجمالى ٣٠ ألف طن بالإضافة إلى أنه جار توصيل خدمة السكة الحديد لصومعة عرب العليقات بمحافظة القليوبية بتكلفة ١٨ مليون جنيه بالإضافة إلى ٥٣٣ ألف يورو مع زيادة السعة التخزينية لصومعة طهطا من ٦٠ ألف طن إلى ٩٠ ألف طن بتكلفة ١٢٤ مليون جنيه.
بداية فكرة تدشين الصوامع
وتعود بداية فكرة تدشين الصوامع إلى شركة المقاولون العرب التى قامت ببناء الصوامع المعدنية لصالح الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، وقد نفذت الشركة أكثر من ٧٠٪ من مشروعات الصوامع بالتعاون مع مجموعة كمبريا يونجرين الدنماركية، التى تمتلك حوالى ٩٠٪ من صوامع القمح فى مصر.
وتم تنفيذ ١٥ صومعة قمح بإشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بسعة تخزينية تبلغ ٦٠ ألف طن، ضمن المرحلة الأولى التى تتضمن ٢٥ صومعة لتخزين الحبوب (القمح)، وذلك كجزء من المنحة الإماراتية كهدية لمصر، وتتبع هذه الصوامع الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، وهى موزعة فى عدة محافظات منها الدقهلية والبحيرة والشرقية والجيزة وشمال سيناء والدقهلية والمنيا والغربية والمنوفية والفيوم والوادى الجديد والقليوبية والإسكندرية، وتتبع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
صومعة طنطا
وتُعتبر صومعة طنطا واحدة من أكبر المخازن الحديثة التى تم بناؤها بمنحة من دولة الإمارات، حيث بلغت تكلفتها حوالى ٦٢ مليون جنيه، تقع الصومعة فى منطقة تجنيد طنطا، وتتكون من ١٢ خلية، مع ٥ هناجر تشمل هنجرى برما، وهنجر الكرسة، وبلتاج، وسمنود، وتبلغ السعة التخزينية للهنجرين الأول والثانى ٥ آلاف طن و١٢٠ طنا على التوالي، فى حين تبلغ سعة هنجر الكرسة ٢٥٦٠ طنا، وبلتاج ٢٥٦٠ طنا، وسمنود ١٦٠٠ طن، يهدف هذا المشروع إلى حل العديد من المشكلات التى كانت موجودة فى عمليات توريد وتخزين القمح فى المحافظة.
السعة التخزينية لصوامع القمح
فى نهاية يناير الماضى أعلنت وزارة التموين عزمها على زيادة الطاقة الاستيعابية لصوامع تخزين القمح بإجمالى ٤٢٠ ألف طن لتصل إلى ٤.٦٢٠ مليون طن، عبر إنشاء ٦ صوامع باستثمارات ١٤٥.٦ مليون دولار خلال العام الجارى ٢٠٢٤.
توزعت الصوامع الجديدة التى سيتم إنشاؤها فى محافظة كفر الشيخ بطاقة ٩٠ ألف طن وزيادة الطاقة الاستيعابية لصوامع بنى عبيد بالدقهلية لتصل إلى ٦٠ ألف طن فى مقابل ٣٠ ألفا فى الوقت الحالى وتوسعة صوامع كوم أبو راضى ٢ بمحافظة المنيا إلى ١٢٠ ألف طن فى مقابل ٦٠ ألفا حاليا، وإنشاء صومعة جديدة فى أسيوط بسعة ٩٠ ألف طن وأخرى فى المنوفية بقدرة ٤٥ ألف طن وصومعة جديدة فى المنيا ١٠٥ آلاف طن بحسب تقرير صادر من لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب بشأن التوصية بالموافقة على المنحة الموفرة من الوكالة الفرنسية للتنمية والتى ستمول مشروع الصوامع.
٢٥٠ مليون إلى ٢٧٠ مليون رغيف خبز
على جانب آخر تنتج وزارة التموين من ٢٥٠ مليونا إلى ٢٧٠ مليون رغيف خبز مدعم يوميا لأصحاب البطاقات التموينية بسعر ٢٠ قرشا للرغيف، رغم أن تكلفة إنتاج الرغيف ١٢٥ قرشا، إلا أن الوزارة تتحمل فارق التكلفة حتى يظل سعر الرغيف ثابتا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية باستمرار دعم الخبز لتخفيف العبء على المواطنين خاصة الأسر الأولى بالرعاية ويستفيد من منظومة دعم الخبز ما يقرب من ٧١ مليون مواطن.
٨٣ صومعة لتخزين القمح
لدى وزارة التموين والتجارة الداخلية ما يقرب من ٨٣ صومعة لتخزين القمح المخصص لإنتاج الخبز المدعم بعد زيادة عدد الصوامع من ٣٢ صومعة فى ٢٠١٤ إلى ٨٣ صومعة فى ٢٠٢٣ وتشمل ٧٨ صومعة داخلية و٥ صوامع موانئ.
كما تم وضع خطة طموحة للانتقال بنشاط التخزين فى مجال الحبوب فى مصر نقلة حضارية متميزة للحفاظ على المخزون والوصول لأقل نسبة فاقد ممكنة واحتفاظ البلاد برصيد استراتيجى آمن من القمح لا يتعرض لعوامل التلف بما يحقق من زيادة القدرة التخزينية للقمح والحفاظ على جودة المخزون وتقليل نسبة الفاقد والتالف.
الاحتياجات مقابل الواردات
تبعاً للبيانات الواردة فى تقرير التوجهات الاستراتيجية للاقتصادِ المصرى للفترة الرئاسيةِ الجديدة (٢٠٢٤-٢٠٣٠)، الصادرة عن مجلس الوزراء، فإن مصر تحتاج خلال العام الجارى ٢٠٢٤ ما مجموعه ٧.٧ مليون طن من القمح، وذلك من أجل توفير ٩٣.٥ مليار رغيف خبز خلال السنة، وفى عام ٢٠٢٣ بلغت واردات مصر من القمح حوالى عشرة ملايين طن، غالبيتها من روسيا، وبنسبة ٦٨٪ تقريباً.
فيما ضمت مصر أسواقاً جديدة -منها الهند- لاستيراد القمح، ليصل إجمالى عدد البلدان الموردة ٢٢ منشأ، منها ١١ رئيسية لسد الفجوة ما بين إنتاج مصر من القمح واستهلاك مصر من القمح.
ومن ناحيته أوضح عبدالغفار السلامونى نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، أن رفع كفاءة إدارة وتشغيل الصوامع وزيادة السعات التخزينية للقمح بهدف مواكبة توسع الدولة فى زيادة المساحات المزروعة من القمح يؤكد مدى وجود رؤية إيجابية لدى الحكومة الجديدة، لافتا إلى سعى وزارة التموين لإنشاء صوامع جديدة لزيادة السعات التخزينية للأقماح فى الصوامع من ٣.٤ مليون طن لتصل إلى ٥ ملايين طن.
كما علق "السلاموني"، فى تصريحات صحفية له، على خطة التطوير التى أطلقتها "التموين"، قائلا إنها جيدة وتعمل على توفير قواعد بيانات رقمية للمنتجين والمصنعين وسلاسل الإمداد تضمن إمكانية تتبع وتدفق كميات وأسعار السلع عبر سلاسل الإمداد وصولاً للمستهلك، فضلاً عنّ المنظومة التموينية للمطاحن ومنظومة صرف الأقماح والمكرونة الناجحة على أرض الواقع والتى تصب فى مصلحة المواطن.
وأشار إلى مدى حرص الوزارة على سلامة تخزين القمح المخصص لإنتاج الخبز المدعم، بجانب وجود صوامع لدى القطاع الخاص بسعة تخزينية تتجاوز مليون طن قمح مما يزيد من المخزون الاستراتيجى للقمح.
وأشار عبدالغفار السلامونى إلى ارتفاع معدلات توريد القمح المحلى من المزارعين إلى ما يقرب من ٣ ملايين و٥٦٠ ألف طن قمح حتى الآن مما يشير إلى نتائج إيجابية فى الموسم الحالي، خاصة بعد زيادة سعر إردب القمح هذا العام إلى ٢٠٠٠ جنيه لتشجيع المزارعين على التوريد.
إنتاج مصر
بحسب وزارة الزراعة الأمريكية، فإنه من المرجح أن تحافظ مستويات إنتاج مصر من القمح فى العام المالى ٢٠٢٣-٢٠٢٤ على ٩.٨ مليون طن متري، مع استمرار معدلات المساحة المزروعة عند ١.٥٣ مليون هكتار.
وبحسب بيانات مجلس الوزراء المصرى نرصد إنتاج مصر من القمح منذ عام ٢٠٢٢ نزولا لعام ٢٠١٥:
-فى عام ٢٠٢٢، بلغ إنتاج مصر من القمح ١٠ ملايين طن.
-فى العام ٢٠٢١ بلغ إنتاج مصر من القمح ٩.٨٤ مليون طن.
-فى العام ٢٠٢٠ بلغ إنتاج مصر من القمح ٩.٧٩ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٩ بلغ إنتاج مصر من القمح ٨.٤٩ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٨ بلغ إنتاج مصر من القمح ٨.٤٨ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٧ بلغ إنتاج مصر من القمح ٨.٤٨ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٦ بلغ إنتاج مصر من القمح ٩.٥٨ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٥ بلغ إنتاج مصر من القمح ٩.٤٧ مليون طن.
-فى العام ٢٠١٤ بلغ إنتاج مصر من القمح ٩.٢٦ مليون طن.
زيادة المساحات الـمُنزرعة من الـمحاصيل الاستراتيجية
وقالت هالة السعيد وزيرة التخطيط خلال إلقائها بيان مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى ٢٤/٢٠٢٥ أمام مجلس الشيوخ، أنه فى إطار جهود الدولة لتعزيز الأمن الغذائي، تستهدف خطة عام ٢٤/٢٠٢٥ زيادة الـمساحات الـمُنزرعة من الـمحاصيل الاستراتيجية، لتصل إلى ٣.٥ مليون فدان فى حالة القمح، ٢.٨ مليون فدان فى حالة الذرة، ٢٢٠ ألف فدان فى حالة الفول البلدي، ولترتفع إنتاجية هذه المحاصيل الثلاثة بما يَسمح بتقليل الفجوة الغذائية والحَد من الواردات الزراعية، ومع استهداف التوسّع فى السِعات التخزينية لصوامع الأقماح لتصل إلى ٥.٢ مليون طن فى عام الخطة مُقابل نحو ٣.٩ مليون طن فى عام ٢٢/٢٠٢٣.
ربط الصوامع بالسكك الحديدية
فى حالة مناطق الصوامع الداخلية يفضل أن يكون الموقع فى منطقة وسطية بين مختلف المزارع التى تقوم بزراعة الحبوب.
كما أن قرب المكان من طرق النقل الرئيسية سكة حديد أو طريق برى أو طريق نهرى يعمل على تسهيل عمليه استقبال وصرف الحبوب.
استعادت السكة الحديد نقل القمح من ميناء بورسعيد إلى الصوامع الداخلية المتصلة بالسكة الحديد بعد توقف دام عدة سنوات، بحسب ما أعلنته هيئة السكك الحديدية.
يحد ربط السكك الحديدية بالصوامع فى نفقة نقل السلع التخزينية كما أن نقل الأقماح باستخدام السكك الحديدية يوفر نحو ٣٠٪ فى الوقت مقارنة بالنقل النهرى أو النقل بالسيارات.
وتمت زيادة السعة التخزينية للأقماح داخل الصوامع إلى ما يقرب من ٥ ملايين طن بعدما كانت لا تتعدى ١.٢ طن قبل عام ٢٠١٤، بجانب وجود صوامع لدى القطاع الخاص بسعة تخزينية أكثر من مليون طن، بحسب السلاموني.
وأضاف أن العمل على ربط السكة الحديد بالصوامع ذات السعات المتوسط والكبيرة وتعظيم نقل القمح والسلع الاستراتيجية بالسكك الحديدية والنقل النهرى تساهم فى انخفاض تكلفة النقل، لافتا إلى أن نسبة الفاقد من الأقماح فى الماضى كانت تتراوح من ١٠ إلى ١٥٪، بسبب سوء التخزين فى الأماكن المكشوفة.
ميكنة ٢٢ صومعة
قامت الوزارة ممثلة فى الشركة المصرية للصوامع والتخزين بالتعاون مع شركة IBM – ACME SAICO بإنشاء منصة آلية مدعومة بالذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا السحابة الهجينة لتحقيق الحوكمة الشاملة لجميع مراحل الشحن والنقل والتخزين الخاصة بتداول القمح بالصوامع، وبمقتضاها فقد تمت ميكنة قرابة ٢٢ صومعة قمح فى عدة محافظات باستخدام برمجيات IBM للميكنة والمدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
يتم تزويد المنظومة الجديدة بأجهزة استشعار مثبتة بالصوامع تعمل على جمع وحفظ البيانات وإرسالها لحظيا إلى المنصة الرئيسية بوزارة التموين للحصول على تقديرات فعلية لكميات وجودة القمح بالصوامع.
وبناء عليها ستتمكن الشركة القابضة للصوامع والتخزين من مراقبة ومعرفة المخزون الفعلى فى الصوامع وحفظ جميع البيانات المتعلقة بالشحنات الواردة لتحقيق معايير الجودة وتقليل الهدر وتحسين آليات التواصل والتنسيق بين الصوامع وجميع نقاط التخزين الأخرى وكذلك مع المطاحن.