ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه بينما يستعد الرئيس جو بايدن لمخاطبة زعماء العالم في الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء، يَعد مساعدوه بخطاب مليء بالتصريحات حول دور أمريكا في تشكيل المستقبل، ويقولون إنه "سيؤكد على قيادة أمريكا" و"سيحشد العمل العالمي" ويقدم "رؤيته لكيفية توحيد العالم" لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحا، لكن الحقيقة هي أن بايدن سيتحدث في وقت من عدم اليقين العميق بشأن مستقبل دور أمريكا في العالم، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، والصراعات المتصاعدة في الشرق الأوسط والمنافسة الاقتصادية المتزايدة مع الصين.
وقالت الصحيفة - في تعليق لمراسليها في الأمم المتحدة مايكل شير وشيرلي ستولبيرج- إن بايدن تعهد بمواصلة السعي إلى وقف إطلاق النار الذي يمكن أن يضع حدا للقتال في غزة، ويعمل مساعدوه في الأمن القومي بحماس لمنع حرب أوسع نطاقا مع حزب الله في لبنان. أما في أوكرانيا، فلا يزال بايدن يواجه قرارات عاجلة، بما في ذلك ما إذا كان سيسمح باستخدام الأسلحة الأمريكية بعيدة المدى لضرب عمق روسيا.
غير أن ثمة شعور بالخطر عندما يتعلق الأمر بنوايا أمريكا على المدى الأبعد إذ تتبنى نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى حد كبير وجهة نظر بايدن بشأن أهمية التحالفات الاستراتيجية، على الرغم من أن وجهات نظرها السياسية المحددة لا تزال تتبلور مع حملتها الانتخابية في إطار زمني مضغوط. أما الرئيس السابق دونالد ترامب فقد بالعودة إلى نمطه الانعزالي "أمريكا أولا"، في حين يتباهى بمهاراته الدبلوماسية.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن زعماء العالم يجتمعون في الأمم المتحدة في الوقت الذي تتصادم فيه أزمات عالمية متعددة مع السياسة الأمريكية بطريقة ربما تعيد تشكيل الطريقة التي تواجه بها الولايات المتحدة أصعب مشاكل العالم.
ونسبت المقال إلى جون ألترمان، وهو مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن قوله: "بالنسبة لعالم يشاهد حاليا حربا في أوكرانيا وحربا في غزة واندلاع محتمل لحرب في لبنان، فإن موقف الولايات المتحدة من هذه القضية مهم للغاية وهو خارج عن سيطرتها تماما ".
وأضاف ألترمان أن معرفة الاتجاه الذي تتجه إليه أمريكا بعد انتخابات نوفمبر "هو أمر من أهم أجزاء حساباتهم الاستراتيجية" بالنسبة لقادة الدول الأخرى.
وللقيام بذلك، يسارع العديد من القادة إلى لقاء القادة الثلاثة الحاليين أو المحتملين لأمريكا وهم- بايدن وهاريس وترامب- أثناء أو بعد زيارتهم لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة هذا الأسبوع.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بايدن في المكتب البيضاوي بعد غد الخميس، وذلك بعد يوم واحد من خطابه أمام الأمم المتحدة.
وفي وقت لاحق من يوم الخميس، سيلتقي زيلينسكي بشكل منفصل في البيت الأبيض مع هاريس - وهو ما يشير إلى أنه حريص على تعزيز علاقته الشخصية معها في حالة فوزها بالرئاسة في نوفمبر المقبل.
وبعد ذلك الاجتماع، يقول المساعدون إن البيت الأبيض ليس لديه خطط لمزيد من المشاركة بين هاريس والزعماء الأجانب، وكانت هناك تكهنات حول اجتماع محتمل بين ترامب وزيلينسكي أيضا، على الرغم من أن المتحدث باسم الرئيس السابق قال يوم الاثنين إنه ليس لديه ما يعلنه.
والآن، يسعى القادة في أوروبا وآسيا وأفريقيا لمعرفة ما إذا كانوا يستطيعون التنبؤ بالمستقبل الذي من المرجح أن يتحقق.
ومع دخول حرب أوكرانيا ضد روسيا عامها الثالث، تواجه أوروبا تساؤلات حول أمنها وما إذا كان ينبغي لها أن تتخلص من الاعتماد طويل الأمد على القوة الأمريكية كضمان ضد الحرب الروسية. ومن المرجح أن تجبر رئاسة ترامب وتيرة هذا النقاش على التسارع مجددا.
وفي الشرق الأوسط، تسبب دعم بايدن الثابت لإسرائيل في عزلته بين نظرائه العالميين، إذ فشلت جهوده الدبلوماسية في إنهاء الأعمال العدائية بعد هجمات حماس في أكتوبر. وأثار التصعيد الأخير للعنف بين إسرائيل وحزب الله في لبنان - بما في ذلك الهجمات الصاروخية الإسرائيلية وأجهزة النداء المتفجرة التي أصابت الآلاف من مقاتلي حزب الله - مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا.
من جانبه،قال جون كيربي،المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض، إن خطاب الرئيس في الأمم المتحدة سيحدد "رؤيته لكيفية تضافر جهود العالم لحل هذه المشاكل الكبرى والدفاع عن المبادئ الأساسية مثل ميثاق الأمم المتحدة".
وقال ألترمان إن السؤال الذي سيطرحه القادة الحاضرون هو ما إذا كانت هذه الرؤية ستستمر بعد 20 يناير، مشيرا إلى أن: "الموقف العام تجاه "الكيفية التي يعمل العالم بها وماهية الدور الذي ينبغي للولايات المتحدة أن تلعبه في العالم؟" يبدو لي متشابها بين هاريس وبايدن ومختلفا بشكل أساسي بين بايدن وترامب".