- 15 مليار دولار عوائد مرتقبة من التعاون التجاري
- أنقرة تبحث عن محفزات لإنجاح سياساتها الاقتصادية عبر القاهرة
"تركيا تدرك أهمية التقارب الاقتصادي والجيوسياسي مع مصر في ظل تقدمها حاليا في الملف الأفريقي"
يواجه الاقتصاد التركي عددا من التحديات المعيقة لمحاولات تعافيه أو خروجه من دائرة التباطؤ في ظل التداعيات العالمية وما تعانيه أوروبا منذ العام الماضي جراء الحرب الروسية الأوكرانية المستمر رحاها منذ فبراير قبل الماضي؛ فعلى الرغم من محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية في البلاد مع توجهات البنوك المركزية لمواجهة كبح معدلات التضخم المرتفع وتهاوي العملات الأجنبية بسبب تلك الأحداث.
ولا تزال الليرة التركية تصارع البقاء أمام الدولار رغم استمرار معدلات نزيفها نحو 0.45% في آخر تداولات قبل أيام لتتراجع إلى 34 ليرة، في ظل الخسائر التي يشهدها الاقتصاد التركي على مدار 5 سنوات سابقة، وهو ما دفع أسطنبول، للتفكير جديا في إعادة هندسة العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول الأقوي في منطقة الشرق الأوسط والتي من أبرزها مصر لتحقيق مصالح مشتركة للجانبين للخروج من دائرة الخسارة.
التقارب المصري التركي
وفقا للتقارير فإن العلاقات المصرية التركية شهدت شدا وجذبا علي الصعيد السياسي قبل عقد على الأقل من تبادل الزيارات الرسمية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان؛ إلا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين خصوصا مع الشركات ورجال الأعمال في البلدين لم تتوقف ولكنها تأثرت بصورة طفيفة.
حسبما كشفته التقارير والأرقام الرسمية التي حصلت " البوابة" عليها، فقد بلغت معدلات التبادل التجاري بين البلدين في العام المالي 2012/2013 نحو 3.37 مليار دولار منها صادرات بقيمة 1.08 مليار دولار وواردات بقيمة 2.3 مليار دولار، لكنها تراجعت في العام المالي 2014/2013 بمعدلات تقترب من 25% على الأكثر مسجلة 2.4 مليار دولار منها صادرات بقيمة 880 مليون دولار وواردات بقيمة 1.51 مليار دولار، لكنها سرعان ما تغيرت للأفضل بعد 11 عاما الأخيرة؛ لتصل لنحو 2.1 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي الماضي لتصل لنحو 2.1 مليار دولار منها واردات تركية بقيمة 1.2 مليار دولار وصادرات مصرية بقيمة 900 مليون دولار.
كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر خلال العام المالي 2012/2013 لتصل من 169.2 مليون دولار إلي 31 مليون دولار استثمارات تركية في مصر بنهاية العام 2014/2013؛ لتصبح في الوقت الحالي وتحديدا في الربع الثاني من العام المالي الماضي نحو 176.2 مليون دولار وسط توقعات بزيادتها في الفترات المقبلة.
مصر والإصلاح الاقتصادي التركي
تحاول السلطات التركية، حسبما ذكرت التقارير؛ للتحرك لمنطقة الشرق الأوسط ومن خلال مد جسور التعاون مع مصر بما ينعكس على تحسين وتيرة مخططات الإصلاح الاقتصادي التركي التي جاء بها محمد شيمشك، وزير المالية عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية بفوز أردوغان لولاية جديدة في يونيو الماضي؛ إذ استهدفت تلك المخططات السيطرة على معدلات التضخم التي وصلت لأشدها مسجلة ما يقارب من 52% وفقا لتقارير مكتب الإحصاء التركي الصادرة عن أغسطس الماضي بعد أن كانت تلك المعدلات قد وصلت 85% قبل نهاية 2023.
إصلاحات شيمشك
ولعل ملامح مخطط الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنت عنها تركيا عبر "شيمشك" لمدة 3 سنوات بدأت في سبتمبر الماضي حتي 2026؛ تتضمن الوصول بنسب النمو لـ4 % في المتوسط وتقليص التضخم لـ33% والسيطرة على معدلات البطالة البالغة في الوقت الحالي أكثر من 10.2% من خلال الاهتمام بقطاع التجارة العالمية بحيث يتم رفع معدلات الصادرات التركية لـ267 مليار دولار وتقليص الواردات لـ373 مليار دولار بنهاية العام الحالي، والعمل قدما على تحقيق الانضباط المالي والإصلاح الهيكلي للاقتصاد والارتقاء بمعيشة المواطنين لتحقيق متوسط دخل شهري يقدر بـ17 ألف دولار خلال العامين المقبلين.
لماذا مصر؟
وفقا لمحللين فإن تركيا تدرك أهمية التقارب الاقتصادي والجيوسياسي مع مصر في ظل تقدمها حاليا في الملف الأفريقي، وهو ما يعني فتح أسواق تركية في القارة السمراء عبر "القاهرة" بحلول عام 2026؛ بما يعني زيادة إيراداتها ومستهدفاتها من التبادل التجارى لأكثر من 300 مليار دولار في الأعوام المقبلة؛ خصوصا مع إنشاء منطقة صناعية لوجستية تركية بالمنطقة الاقتصادية بجرجوب علي ساحل البحر المتوسط بغرب مصر، وهو ما يعني توفير استثمارات تبلغ 6 مليارات دولار وإتاحة 20 ألف فرصة عمل، بما يعني تعزيز حركة التجارة البينية لدول البحر المتوسط وأفريقيا وهو ما تسعى إليه تركيا لتحسين وضعها الاقتصادي في الوقت الحالي.
القاهرة أسطنبول..صفحة جديدة
ولعل التقارب المصري التركي لم يكن وليد الصدفة؛ فوفقا لمصادر مطلعة والتي كشفت عن وجود طلبات تركية لمصر؛ تضمن فتح باب للتواصل وبدء صفحة جديدة من العلاقات أساسها تحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة؛ إذ تضمنت تلك التحركات لقاءات ثنائية بين الحكومتين المصرية والتركية بصورة منفردة وهو ما ظهر خلال فعاليات قمة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي استضافته مصر بمدينة شرم الشيخ في سبتمبر من العام الماضي؛ حيث تم إجراء مقابلات بين كل من الدكتور محمد معيط، وزير المالية في ذلك الوقت ونظيره التركي محمد شيمشك؛ للاتفاق علي عمليات طرح سندات مصرية تركية وبحث أطر للتعاون المشترك في المجال الاقتصادي؛ بخلاف اللقاءات التي سبق إجراؤها علي هامش قمة مؤتمر دافوس 2023 وما تلاها من مباحثات من الجانبين.
قالت المصادر لـ البوابة، إن تلك اللقاءات مهدت لترتيب زيارات رفيعة المستوى بين الحكومتين، وهو مع عزز إجراءات الزيارة الأولي للرئيس التركي رجب منتصف فبراير الماضي إذ أعلن خلالها استهداف الوصول بمعدلات التبادل التجاري إلي ما بين 10 و15 مليار دولار علي الأقل في السنوات القليلة المقبلة.
زيارة السيسي تحرك المياه الراكدة
ركزت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ الأسبوع الماضي للعاصمة التركية إسطنبول، تعزيز التعاون الاقتصادي والتي شملت قطاعات محددة وواعدة تضمن تسريع وتيرة النمو للجانبين بشراكة القطاعين الحكومي والخاص في الدولتين، إذ جرى توقيع 15مذكرة تفاهم تضمنت تعزيز التعاون في مجالات (المنسوجات والملابس الجاهزة، الصناعات الغذائية، السياحة، الثقافة، المجال العسكري، الصحة، اللوجسيتات والنقل، الصناعات الهندسية والكيميائية، الأدوية، التصنيع الزراعي، والمنتجات الورقية والتغليف، البناء والتشييد، الصناعات الورقية)
وفي اليوم التالي من زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتركيا وتحديدا يوم 6سبتمبر الجاري، أعلنت الحكومة عن تخصيص قطعتي أرض إحداهما بمدينة 6 أكتوبر الجديدة،وأخري لتطوير مشروع منطقة صناعية بالعاصمة الإدارية، على مساحة 2.6 مليون متر2 باستثمارات تصل 4مليارات دولار وتوفر 30 ألف فرصة عمل.
وحسبما ذكرت تقارير رسمية صادرة عن الحكومة المصرية والتي تضمنت وصول حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2023 نحو 5.9 مليار دولار حيث شهدت الصادرات السلعية المصرية إلى تركيا ارتفاعًا كبيرًا وسجلت 2،934 مليار دولار مقارنةً بحوالى 2،288 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 بنسبة زيادة 28%، فيما تعد تركيا أكبر مستقبل للصادرات المصرية خلال عام 2023 ومن أهم الشركاء التجاريين لمصر ومن أبرز الصادرات المصرية للسوق التركية خلال عام 2023 شملت المنتجات الكيماوية والأسمدة، ومواد البناء، والغزل والمنسوجات، والسلع الهندسية والإلكترونية والملابس الجاهزة، والحاصلات الزراعية.
وسجلت الواردات السلعية من تركيا انخفاضًا ملموسًا خلال عام 2023 حيث بلغت 2،941 مليار دولار مقارنةً بحوالى 3،573 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 وبنسبة انخفاض بلغت 17.68%.
ويبلغ إجمالي عدد الشركات التركية في مصر ما يقارب من 1700شركة بمختلف المجالات والقطاعات، باستثمارات تجاوزت 3 مليارات دولار.