كشفت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، عن أسباب الخلافات وتصاعد التوترات بين إثيوبيا والصومال الدولة العضو في جامعة الدول العربية، وعن خريطة حركات التطرف والإرهاب في الصومال وخاصة حركة الشباب المجاهدين وتاريخ نشاطها الإرهابي ضد الدولة والشعب الصومالي، ولتقييم دور الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب ومخاطره علي الصومال ودول القرن الإفريقي وكل إفريقيا سنتوقف أمام الدور المصري وجهود مصر في دعم الصومال، ورؤية وسياسات مصر للتصدي لشبكات الإرهاب ومشاريعه في القرن الإفريقي والقارة السمراء؛ كما سنتناول كل تلك الملفات والقضايا من خلال تقارير خاصة ولقاءات مع خبراء ومحللين مختصين بملفات الإرهاب والتنمية.
وعرضت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، تقريرًا بعنوان “حركات التطرف والإرهاب في الصومال”، للتعرف على خريطة حركات التطرف والإرهاب على الأراضي الصومالية، كاشفة عن أن الصومال واحدة من أكثر الدول الإفريقية تأثرًا بحركات التطرف والإرهاب، والتي تُسهم في زعزعة الاستقرار وتهديد الأمن الوطني والإقليمي، وقد نتج عن هذا الوضع تدهور الأوضاع الإنسانية، وتفاقم الصراعات الداخلية، ولنشاهد معا أبرز حركات التطرف في الصومال، دوافعها، وأثرها على البلاد.
وأوضحت أن أول هذه الحركات حركة “الشباب المجاهدين”، وتُعتبر حركة الشباب المجاهدين الصومالية واحدة من أبرز حركات التطرف في الصومال، وتتبع فكرياً تنظيم القاعدة وتهدف حسب زعمها لتطبيق الشريعة الإسلامية، وتُتهم من عدة أطراف بالإرهاب بينها الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج والسويد، وتأسست الحركة في أوائل 2004 وكانت الذراع العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية التي انهزمت أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة غير أنها انشقت عن المحاكم بعد انضمامها إلى ما يُعرف بـ«تحالف المعارضة الصومالية»، وتسعى حركة الشباب إلى إقامة دولة إسلامية في الصومال تحكم بالشريعة الإسلامية وفقًا لتفسيراتها المتشددة، وتنفذ الحركة هجمات إرهابية ضد أهداف حكومية، مدنية، ودولية، بما في ذلك تفجيرات انتحارية وعمليات اغتيال.
وتابعت: وتعتمد الحركة على مجموعة متنوعة من مصادر التمويل، بما في ذلك التهريب، الفديات، والتبرعات من الداخل والخارج، وتُعد جزءًا من شبكة القاعدة العالمية، وتستفيد من الدعم اللوجستي والتدريبي من التنظيم الأم، وتوسعت أنشطة الحركة لتشمل مناطق خارج الصومال، بما في ذلك كينيا وأوغندا، مما يُهدد استقرار منطقة القرن الإفريقي بشكل عام، فضلا عن حركة “الاتحاد الإسلامي” وقبل ظهور حركة الشباب، كانت حركة الاتحاد الإسلامي من أبرز حركات التطرف في الصومال، وتأسست الحركة في الثمانينات من القرن الماضي وتبنت نفس الأفكار المتشددة التي تقوم على إقامة دولة إسلامية في الصومال، وساهمت الحركة في تجنيد وتدريب المقاتلين الصوماليين وتعبئتهم بأفكار إرهابية ومتطرفة، ورغم تراجع نفوذها إلا أن الحركة كانت على اتصال بجماعات متطرفة في دول أخرى، مثل السودان وأفغانستان، مما عزز تطور الفكر المتطرف في الصومال.
واستطردت: في سنة 1986 اعتقل حسن عويس مع مجموعة من قادة حركة الاتحاد الإسلامي لنشاطه الإسلامي في أواسط الجيش والمجتمع، وحُكم عليه بالإعدام سنة 1987، بتهمة الدعوة إلى «أسلمة» المجتمع وإرجاعه إلى الحكم الإسلامي؛ ثم خُفف الحكم عنه إلى السجن المؤبد؛ ثم أُفرج عنه في 1988 بعد ثلاث سنوات من الاعتقال إثر ضغوط دولية على الحكومة الصومالية لإطلاق سراح السجناء السياسيين إثر انهيار نظام سياد بري في 1991 ومارس نشاطه الإسلامي علناً عبر حركة الاتحاد الإسلامي التي خاضت قتالاً مع بعض الفصائل الصومالية وأمراء الحرب الآخرين، وكان من بين تلك الفصائل فصيل الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف الذي أسره الاتحاد الإسلامي عام 1994 ولكنه أُفرج عنه لاحقًا بعد عدة أيام تلبية لشفاعات قبلية وشرعية في الصومال.
ونوهت: بحلول عام 1994 نشطت حركة الاتحاد في المنطقة الصومالية بإثيوبيا، وأرسل الاتحاد وفدًا إلى مؤتمر السلام والوحدة للأمة الصومالية، الذي انعقد في فبراير 1995 في كيبري ديهار، حيث تعهدوا فيه بالتعهدات التي تتسبب في توقف المنظمة فعليًا عن الوجود كقوة سياسية وعسكرية داخل أوجادين، ونفذت الحركة محاولة اغتيال وزير النقل والاتصالات آنذاك عبد المجيد حسين في عام 1996، وداهموا مناطق في منطقة جيجيجا التي تُسيطر عليها عشيرة أوجادين، وحلت حركة الاتحاد الإسلامي نفسها عام 1996، وانسحب معظم قادتها من العمل المسلح ما عدا فريق قاده حسن عويس، وأصبح حسن عويس أحد قادة اتحاد المحاكم الإسلامية، الذي سيطر على مقديشو في يونيو 2006 بعد عدة أشهر من القتال، كما قاد بعد ذلك تحالف إعادة تحرير الصومال جناح أسمرة.
ولفتت إلى أنه يأتي بعد ذلك تنظيم “داعش”، وبدأ تنظيم داعش في الظهور على الساحة الصومالية بعد أن انشق بعض قادة حركة الشباب وأعلنوا ولاءهم للتنظيم، ورغم أن نفوذ داعش في الصومال لا يزال محدودًا مقارنة بحركة الشباب، إلا أن وجوده يُمثل تحديًا أمنيًا إضافيًا، ويعتمد داعش في الصومال على تنفيذ هجمات صغيرة بهدف زعزعة الاستقرار وإثبات وجوده على الأرض، ويسعى التنظيم لاستغلال الخلافات الداخلية بين فصائل حركة الشباب لتوسيع نفوذه داخل البلاد، وفرضت الولايات المتحدة في نوفمبر 2022 عقوبات على شبكة تعمل على تهريب الأسلحة تابعة لتنظيم داعش في الصومال، وشركائهم، والشركات التابعة لهم والتي تعمل على تسهيل نقل الأسلحة إلى الجماعة الإرهابية، وتعمل شبكة داعش في الصومال بشكل أساسي بين اليمن والصومال ولها علاقات مع مجموعات إرهابية أخرى، بما في ذلك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحركة الشباب، ويُشارك العديد من الأفراد المعنيين أيضًا في أنشطة غير قانونية أخرى، بما في ذلك القرصنة والجرائم البيئية، مما يُشير إلى اندماجهم مع الشبكات غير المشروعة العاملة في المنطقة.
وأكدت: وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد صنفت تنظيم داعش في الصومال في 27 فبراير 2018، وأتبعته بتصنيف زعيم هذه الشبكة في الصومال عبد القادر مؤمن في 11 أغسطس 2016 كإرهابيين عالميين، ويعمل تنظيم داعش في الصومال بشكل متزايد على تجنيد عناصر لصفوفه من دول شرق إفريقيا، فيما يواصل شن هجمات إرهابية ضد المدنيين، ويحصل على جزء كبير من تمويله من خلال ابتزاز المجتمعات المحلية للتمويل والتجنيد، حيث تقوم الجماعة بمعاقبة وترهيب واغتيال رجال الأعمال والمدنيين الصوماليين الذين لا يدعمونها مالياً، وفي المحصلة الأخيرة تعتبر حركات التطرف والإرهاب في الصومال تهديدًا خطيرًا لأمن واستقرار البلاد والمنطقة ككل، ومن الضروري تكثيف الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة هذه الحركات والعمل على استئصال جذورها من خلال تعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقة القرن الإفريقي وكل القارة السمراء.
وأشارت إلى أن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المأزومة والصراعات الأثنية والقبلية وغياب العدل الاجتماعي وتفشي الفساد ونهب ثروات الشعوب وتواجد المفاهيم المغلوطة والأفكار الدينية المتطرفة والتدخلات الخارجية من دول وقوى عظمي لتحقيق مصالحها وأجنداتها الخاصة وضعف ورخاوة سلطات أي دولة في تحقيق الأمن والاستقرار وحماية حدودها الإقليمية، كل تلك العوامل أو بعضها توفر المناخ الملائم لظهور ونمو وتمدد وانتشار جماعات التطرف والعنف والإرهاب وهو الحال الذي أوقع العديد من دول القارة الإفريقية في شباك تلك الجماعات ومنها دول القرن الإفريقي.