الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

«سماء حمراء».. يفتتح أسبوع أفلام جوتة بالإسكندرية

مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

افتتح على مسرح الجراج بمركز الجزويت الثقافي بالإسكندرية أسبوع السينما الألمانية، وهو يعد من الأحداث الثقافية الكبرى التى ينتظرها عشاق فن السينما بالإسكندرية.
يتضمن أسبوع الأفلام، بالإضافة للأفلام الألمانية المنتجة حديثا وأفلام مصرية وعربية حديثة بدورها، بالإضافة لبعض الورش مع مخرجى الأفلام المعروضة ومشاركة الجمهور بمناقشة بعضها عقب العروض، تتنوع بين الدراما والكوميديا والوثائقية بالإضافة للأفلام القصيرة.
وشارك العديد من الأفلام في مسابقات سينمائية دولية، وقد حظى فيلم الإفتتاح سماء حمراء بإقبال جماهيري واسع، وهو للمخرج الألماني كريستيان بيتزولد، الذي يعد من كبار مخرجي السينما العالمية، الفيلم إنتاج ٢٠٢٣، وحصل على جائزة الدب الفضى الكبرى للجنة التحكيم بمهرجان برلين السينمائي الدولي فى الدورة الثالثة والسبعين.
يعد فيلم سماء حمراء الجزء الثاني من ثلاثية أفلام تستند قصصها على عناصر الطبيعة، التي ارتبطت فى أذهاننا بميلاد الفلسفة اليونانية عن نشأة الحياة، بدأها بفيلم أوندين، والذي كان الماء عنصرا رئيسيا فى حكايته وهو الفيلم الفائز بجائزة أحسن ممثلة فى مهرجان برلين السينمائي بالإضافة لجائزة النقاد العرب كأفضل فيلم للأفلام الأوربية فى مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الثانية والأربعين، ومن المتوقع أن يكون فيلمه القادم مستمدا من عنصر التراب استكمالا لثلاثية عن عناصر الوجود.
لا يعتمد فيلم سماء حمراء على البناء التقليدي لسينما هوليوود الأكثر انتشارا حول العالم، من حيث الإثارة وسخونة الأحداث، يعتمد الفيلم على إيقاع بطيء قد يصل لحد الملل، ذلك الشعور الذي يتسم به بطل الفيلم بيتر، الشخص البدين والكسول الذي يمتهن كتابة الأدب، يذهب بيتر برفقة صديقه مصور الفوتوغرافيا لرحلة إستجمام على شاطئ بحر البلطيق، مصطحبا معه مسودة روايته الجديدة لمراجعتها، وأيضا لينجز صديقه المصور مشروعا جديدا يتعلق بمهنته، وفى طريق الذهاب تتعطل سيارتهم فى غابة كثيفة الأشجار، ما يدفعهم لتكملة المشوار سيرا على أقدامهم للوصول لبيت ريفي على ساحل البحر، وهناك ينضموا لفتاة تقيم لبعض الوقت بالمنزل المملوك لوالدة صديقه المصور وشخص آخر يعمل مرشدا على شاطئ البحر، يشكل الأربعة مسار الأحداث طيلة الفيلم الذي يتجاوز الساعة بقليل، نيران مشتعلة فى عمق الغابة تتسع دائرتها، إلا أنها تظل طوال الفيلم تشكل خلفية للأحداث بوصفها فعل معتاد يتكرر موسميا، ولكنها هنا تبدو وكأنها تشكل معادلا موضوعيا لتلك النيران التي تختلج فى صدر بطل الفيلم بيتر، حتى وإن كانت تختبئ وراء فتور سلوكه، يمارس أبطال الفيلم الثلاثة عدا بيتر حياتهم بعفويتها منخرطين بين إعمالهم والإستمتاع بالبحر ليظل بيتر كسولا مترفعا عن مشاركتهم، متذرعا بإنجاز العمل فى روايته، التي نكتشف فى سياق الأحداث أنها رواية متهافتة لا تصلح للنشر، وذلك بعد أن سمح على مضض أن يعطيها للفتاة لقرائتها، لتبدى رأيا فى غير صالحها، مما دفعه لإهانتها بوصفها غير متخصصة فى نقد الأعمال الأدبية، ليتأكد تباعا صدق نظرتها عندما رفضها الناشر الذي جاءهم لمطالعة مسودة الرواية قبل نشرها، وفى حوار بين الناشر والفتاة نكتشف أنها متخصصة فى دراسة الأدب بل وتعد رسالة الدكتوراة فى الشعر، الأمر الذي أطاح بكل ذلك الهدوء والتعالي لدى بيتر، تلتهم النيران صديق بيتر المصور ومعه المرشد البحري أثناء محاولتهما جر السيارة المعطلة من داخل الغابة، لتصبح النيران أكثر إقترابا وقدرة على صنع ذلك المصير الموجع لأثنين من أبطال الفيلم، ينتهي الفيلم وقد تمكن بيتر من تملك مجموعة من المعاني المغايرة البعيدة عن نظرته الكسولة اللامبالية، ليكتب رواية جديدة إستمدها من مجموع الوقائع التي حدثت طوال فترة رحلته، رواية تصلح لأن يقدمها لقرائه تعبيرا حيا عن مصائر البشر المنخرطين فى قلب الحياة بدأبها وعفويتها، بعيدا عن تلك النظرة المتخفية وراء نرجسية إدعاء صناعة أدب خال من أي معنى.
فيلم سماء حمراء رغم إيقاعه البطئ ظاهريا إلا أنه يمنح المشاهد فرصة هائلة لتأمل حياة البشر من حولنا، لافتا النظر إلى دواخلهم النفسية، عبر رؤية فلسفية مستمدة من طابع الثقافة الألمانية، بوصفها أهم الثقافات المنتجة للفلسفة عبر التاريخ الإنساني.
 

main-photo (3)
main-photo (3)
Binder1_Page_3
Binder1_Page_3