في عصر تتنافس فيه الهواتف الذكية على من يستطيع شحن نفسه بشكل أسرع أو تحميل المزيد من التطبيقات في آنٍ واحد، قرر البيجر- نعم، البيجر الذي بالكاد يستطيع إظهار "صباح الخير" على شاشته الصغيرة الباهتة -أن يعود من تقاعده ليأخذ الأضواء مرة أخرى، ولكن هذه المرة، في انفجار غير متوقع في مفاجأة تقودنا إلى التفكير: هل دخلنا حقبة جديدة من "إرهاب التكنولوجيا المتقدمة وحروب الجيل الرابع"؟
تخيل معي، جهاز بالكاد يستطيع عرض بضع كلمات على شاشة صغيرة، يصبح فجأة أداة تفجير مصغرة! السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن لجهاز قديم كهذا أن يصبح مصدر قلق؟ هل هو تطور تقني غير متوقع، أم أن هناك خطأ أو مؤامرة كبرى؟
دعونا نبدأ من البداية. البيجر، هذا الجهاز المستخدم للنداء، وظيفته تلقي الرسائل النصية البسيطة لا يحتاج لشبكات 5 G أو بطاريات معقدة، مجرد جهاز بسيط كان في تسعينات القرن الماضي يشعرك بالفخر كلما أرسلت لك المستشفى أو البنك رسالة الآن، وقد أصبح متحفًا متنقلًا، هل من المعقول أن ينفجر فجأة؟
وإذا كان البيجر قد بدأ بالانفجار، فما الذي ينتظرنا في هواتفنا الذكية المتطورة التي تعتمد على بطاريات الليثيوم ومئات التطبيقات المفتوحة في آنٍ واحد؟
هل يمكن أن يحدث شيء مشابه مع الهواتف الذكية التي نحملها في جيوبنا؟ الجواب ببساطة: نعم ولا.
نعم فاحتمالية انفجارها ليست مستبعدة، ولكن غالبًا ما تكون هذه الحوادث مرتبطة بمشاكل في البطاريات أو سوء الاستخدام. ومع تطور تكنولوجيا الهواتف، أصبحت هذه الأجهزة أكثر أمانًا من حيث التصميم والمواد المستخدمة، إلا أن بعض المشاكل قد تنشأ نتيجة عدم الالتزام بمعايير الأمان مثل استخدام بطاريات غير أصلية أو تعرض الأجهزة لظروف غير ملائمة.
وهو ما يذكرنا بضرورة مراجعة واعتماد أعلى معايير الأمان حتى مع الأجهزة التي قد نعتبرها بسيطة أو قديمة.
ولكن أن تتخيل هاتفك ينفجر بنفس السخرية التي حدثت مع البيجر، فهذا غير واقعي، فالأمر هنا ليس بصدفة سيئة أو حادثة غريبة، بل هو عمل إرهابي مرتبط بجوانب تقنية بحتة.
في نهاية المطاف، حادثة انفجار البيجر ليست مجرد حادثة عابرة، بل درس تقني مؤلم، وتذكرة بأن التكنولوجيا التي نعتبرها آمنة وبسيطة قد تصبح أحيانًا مصدر خطر غير متوقع.