الصحة النفسية، ركيزة أساسية لتحقيق التوازن الاجتماعي والسعي نحو مجتمع أكثر صحة وسعادة. وفي السنوات الأخيرة، شهد المجتمع المصري تزايدًا ملحوظًا في معدلات الإصابة بالأمراض النفسية، مما يمثل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المجتمع وتطوره. مع اقتراب بداية العام الدراسي، تتزايد المخاوف بشأن تفاقم هذه المشاكل وتأثيرها على الأداء الأكاديمي والاجتماعي للطلاب.
أسباب تفاقم المشاكل النفسية
من جانبها، قالت دكتورة نجلاء رافت عميدة كلية الاداب جامعة القاهرة لـ" البوابة نيوز": تتعدد العوامل التي تساهم في تفاقم المشاكل النفسية في المجتمع المصري، ومن أبرزها الضغوط الحياتية التي يتعرض لها الأفراد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع تكاليف المعيشة، والمسؤوليات المتزايدة، والتغيرات الاجتماعية التى يشهدها المجتمعات والتحولات السريعة والمتسارعة؛ ما يؤدي إلى فقدان الشعور بالأمان والاستقرار، و العنف: وانتشاره في المجتمع، سواء كان عنفًا أسريًا أو اجتماعيًا، له آثار سلبية عميقة على الصحة النفسية، والإدمان الذى انتشر كلا من المخدرات والكحول يزيد من حدة المشاكل النفسية ويؤدي إلى تفكك الأسر، و قلة الوعي الذى يفتقر الكثير من الناس إليه بأهمية الصحة النفسية وأعراض الأمراض النفسية، مما يؤدي إلى تأخر طلب العلاج ،و نقص الموارد الذى تعاني مصر منه و نقص في الموارد المخصصة لعلاج الأمراض النفسية، مما يجعل الحصول على العلاج أمراً صعبًا ومكلفًا.
تأثير تفاقم المشاكل النفسية على المجتمع
وتكمل الدكتورة "رأفت": ويظهر تأثير تفاقم المشاكل النفسية على المجتمع فى نخفاض الأداء الأكاديمي مما يؤدي الى التوتر والقلق وإلى انخفاض تركيز الطلاب وتدهور أدائهم الأكاديمي، وزيادة معدلات الانتحار فقد تدفع المشاكل النفسية الشديدة بعض الأفراد إلى الانتحار، وزيادة الجريمة: ترتبط الأمراض النفسية بارتفاع معدلات الجريمة والعنف، وتدهور العلاقات الاجتماعية التى تؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية للأفراد، مما يؤدي إلى العزلة والوحدة.
ضرورة التدخل العاجل
ومن جابها، قالت الدكتورة سامية خضر لـ"البوابة نيوز": إن تجاهل هذه المشكلة وتأجيل علاجها سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع وظهور آثار كارثية على المجتمع. لذلك، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذه الأزمة، ومن أهم هذه الإجراءات توعية المجتمع حيث يجب تنظيم حملات توعية واسعة النطاق لتسليط الضوء على أهمية الصحة النفسية وأعراض الأمراض النفسية، وتوفير خدمات العلاج النفسية المتخصصة بأسعار مناسبة لجميع شرائح المجتمع، و تدريب الكوادر الطبية على التعامل مع الحالات النفسية وتشخيصها وعلاجها، و دعم الأسرة وتوعيتها بأهمية دورها في رعاية أفرادها الذين يعانون من مشاكل نفسية، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للأفراد، وتشجيع الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة والمجتمعن.
توصيات ضرورية
وتختتم دكتورة "خضر": “إن مواجهة تفاقم المشاكل النفسية في المجتمع المصري تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، من الحكومة إلى المؤسسات الأهلية والأفراد. يجب أن ندرك أن الصحة النفسية هي جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، وأن الاستثمار في الصحة النفسية هو استثمار في مستقبل المجتمع”.
وأوصت دكتورة "سامية خضر" بإنشاء مراكز صحية نفسية في جميع أنحاء الجمهورية لتقديم خدمات علاجية نفسية مجانية أو بأسعار رمزية، و دعم البحث العلمي: يجب دعم البحث العلمي في مجال الصحة النفسية لتطوير برامج علاجية جديدة وفعالة، و تضمين الصحة النفسية في المناهج الدراسية: يجب تضمين الصحة النفسية في المناهج الدراسية لتوعية الطلاب بأهميتها وكيفية الحفاظ عليها، والتعاون مع المؤسسات الدولية: يجب التعاون مع المؤسسات الدولية للحصول على الدعم المالي والفني لمواجهة هذه المشكلة.