في أحد الأحياء الشعبية بمحافظة السويس، نشأ "أحمد عطية" بأسرة متوسطة، كان يعمل كفني كهرباء في ميناء السخنة، وظيفة بسيطة لكنها مستقرة، وفرت له ما يكفي لتكوين أسرة صغيرة، منذ صغره، تعلم الاعتماد على نفسه، وتطور ليصبح شابًا قادرًا على تحمل المسؤوليات فكر في الزواج، ووقع اختياره على إحدى فتيات العائلة، ظنًا منه أن الحياة ستصبح أجمل بصحبتها.
بنى "أحمد" بيته في منطقة الألبان الشعبية بحي الأربعين، حيث كان يعيش في مجتمع بسيط وأقل من المتوسط، لم يكن أحد يتوقع أن تصبح حياته معقدة بهذا الشكل، فقد كان الجميع يعرفونه بشخصيته الهادئة وعمله الدؤوب لتلبية احتياجات أسرته.
الطموح والعمل الشاق
على الرغم من الوظيفة الجيدة التي كانت تتيح له الاستقرار المالي، لم يكتف أحمد بذلك سعى دائمًا لتحسين مستوى حياته وحياة أسرته، فبدأ بالعمل الإضافي كفني مكيفات وثلاجات، وتعلم حتى نحت الأحجار الكريمة، كان يعمل بجد من أجل تحقيق حلمه في شراء شقة جديدة وسيارة، ليضمن لزوجته وأطفاله الأربعة "4 بنات" حياة أفضل.
اشترى شقة في أحد الأبراج القريبة من شارع ناصر بحي فيصل بالسويس، تطل شرفتها على شوارع واسعة ومساحات مفتوحة، وكانت بمثابة إنجاز كبير بالنسبة له، كما أنجبت زوجته مولودًا ذكرًا، الذي أصبح قرة عينه، وأمل أن يكبر ليكون سندًا له ولأخواته البنات، لكن في وسط كل هذه النجاحات، كانت السماء تلبد بالغيوم.
مرض والدته
ضرب السرطان والدة "أحمد"، ليصبح الحمل الذي كان يحمله على كتفيه أكبر مما يستطيع تحمله، كان يحب والديه كثيرًا ويوليهم اهتمامًا كبيرًا، ولم يتردد لحظة في القيام بكل ما يستطيع لعلاج والدته، سافر معها إلى القاهرة بحثًا عن العلاج، وتحمل تكاليف الجلسات الكيماوية والمراجعات الطبية، مما أثر بشكل كبير على نفقات الأسرة.
بينما كان يركز على علاج والدته، بدأت علاقته بزوجته تتوتر، كان الموقف أكثر تعقيدًا عندما طلب منها بعض الذهب الذي كانت قد ادخرته، ليسدد جزءًا من تكاليف العلاج، لكنها رفضت، هذا الرفض أشعل خلافات كبيرة بينهما، وبدأت حياتهما الزوجية تتدهور بشكل لم يتوقعه الزوج.
الخلافات تتفاقم
لم تكن الخلافات مجرد مشاكل عابرة بين زوجين، بل تطورت إلى شجار عنيف، تصاعدت الأمور حتى ذهبا معًا إلى قسم الشرطة، حيث وقعوا على مذكرة صلح أملًا في تهدئة الوضع وإنهاء الخلافات المتفاقمة، لكن، رغم هذا الصلح، لم تهدأ الأجواء، بعد العودة إلى المنزل، تجددت المشاكل مرة أخرى حضر أقارب الزوجة، وبدأ شجار حاد بينهم وبين "أحمد"، مما أدى إلى تصاعد الموقف بشكل مأساوي.
النهاية المأساوية
في خضم هذا الشجار العائلي، أطلق أحد أقارب الزوجة عيارين ناريين، استقر العيار الأول بين قدمي "أحمد"، بينما أصاب العيار الثاني صدره مباشرة سقط "أحمد" مضرجًا بدمائه أمام زوجته وأمها، بينما فرَّ الجناة.
وصلت الإسعاف بسرعة، لكن الوقت كان قد فات، "أحمد"، الذي كان يعمل ليلًا ونهارًا من أجل أسرته، فارق الحياة على الفور، جثمانه نُقل إلى ثلاجة حفظ الموتى، لتنتهي حياته التي ملأتها التضحيات على نحو مأساوي وغير متوقع.
بعد وفاة أحمد، بدأت الشرطة بالتحقيق في الجريمة تم التحفظ على الزوجة ووالدتها للتحقيق معهما، كما تم ضبط المتهمين باقي أطراف المشاجرة وتم ضبط السلاح المستخدم في الجريمة، في الوقت نفسه أمرت النيابة العامة بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثة وتحديد سبب الوفاة، وأمرت النيابة بحبس المتهمين 4 أيام احتياطياً على ذمة التحقيقات.