تُحيي اليوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ذكرى استشهاد القديسة فيرينا، وتحتفل الكنيسة بذكرى رحيلها في اليوم الرابع من شهر توت من كل عام.
ويذكر الكتاب التاريخي الكنسي “السنكسار” قصتها كالآتي:
وُلِدَت هذه القديسة في أسرة قبطية في قرية جاراجوس بإقليم طيبة بالصعيد العلى واسم ?يرينا يعني ( ثمرة طيبة ).
نالت المعمودية على يدي أسقف قديس يُدعى شيرامون أسقف مدينة نيلوس وهو الذي أشرف على تعليمها ونشأتها الدينية فتعلمت الصلاة ونمت في النعمة والقامة حتى صارت شابة هادئة وكانت والدتها تباشر صناعة ملابس خدمة الكهنوت.
وكان عدد كبير من المسيحيين في ذلك الوقت يجاهرون بإيمانهم ضد الرومان وينالون إكليل الشهادة.
وكانت فيرينا أيضاً تشتاق إلى أن تنال نصيبها من الاضطهاد والاستشهاد وكانت تزور المحبوسين من المسيحيين وتقدم لهم ما يحتاجونه.وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس 284 – 305 ذاع صيت الكتيبة الطيبية التي كان على رأسها القائد موريس الشجاع التقي الذي كان من مدينة طيبة. أصدر الإمبراطور أوامره بترحيل فرقة القديس موريس إلى غرب أوربا لمساعدة الإمبراطور مكسيميانوس ولإخماد ثورة شعب الباجور بجنوب شرق فرنسا.
وقد رافقت القديسة فيرينا والقديسة ريجولا والقديس فيكتور والقديس فيلكس هذه الحملة إلى غرب أوربا.
واصطف جميع فصائل الكتيبة وكان عددهم ستة آلاف وستمائة وعلى رأسهم القائد موريس ومعه كبار الضباط المعاونين له وخلف الجميع وقفت القديسة فيرينا انتظاراً لتحرك الكتيبة لإخماد ثورة شعب الباجور.
وطلب الإمبراطور مكسيميانوس من الكتيبة تقديم البخور للآلهة الوثنية فرفض الجميع فأمر بقطع رؤوسهم جميعاً ونالوا إكليل الشهادة وعلى رأسهم القديس موريس. وأما القديسة فيرينا فبدأت سيرها نحو الشمال وعبرت جبال الألب في سويسرا واعتكفت في كهف ضيق في شمال سويسرا مع مجموعة من العذارى وكانت فيرينا تجيد حياكة الملابس وتطريزها. وبدأت القديسة تتعلم لغتهم حتى أجادتها وقدمت معرفتها بالتمريض وعلاج الأمراض عن طريق الأعشاب الطبيعية، وكانت القديسة كالمنارة تضيء لمن حولها واعتبروها أماً لجميع العذارى.
وكرست القديسة حياتها لله في خدمة الفقراء الذين حرصت أن تقدم لهم الطعام والعناية بالمرضى والعناية بالنظافة والاهتمام بالمظهر العام. واستمرت في جهادها وصلاتها رغم مرضها وضعف جسدها وكانت حياتها مزيجاً من الخدمة مع الاعتكاف للعبادة والتأمل.
وعندما حان وقت رحيلها عن العالم ظهرت لها القديسة العذراء مريم ومعها بعض العذارى في قلايتها وبشرتها ببركات الحياة الأبدية ونعيم الفردوس. فقامت القديسة ?يرينا من سريرها وقالت كيف أستحق أن تأتي أم ربي وإلهي إلى خادمتها؟ فقالت لها والدة الإله لكي أكافئك على أمانتك التي خدمتي بها ربك واتبعيني مع هؤلاء وافرحي معهم إلى الأبد.
وامتلأت القلاية من رائحة البخور وانتقلت إلى السماء وتُعيِّد لها الكنيسة في مثل هذا اليوم.وقد استلم قداسة البابا شنوده الثالث البطريرك المائة والسابع عشر من بطاركة الكرازة المرقسية جزء من رفات القديسة فيرينا الموجود بكنيستها بتسورتساخ بسويسرا.بركة صلواتها فلتكن معنا.ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.