قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن المناظرة الرئاسية التى جرت، أمس الثلاثاء، شهدت مواجهة بين مرشحين لديهما أهداف متباينة تمامًا.
وأضافت الصحيفة أن كمالا هاريس سعت إلى تقديم نفسها للناخبين؛ موضحةً شخصيتها، سجلها السياسي، والأهم من ذلك، رؤيتها للمستقبل، بينما حاول دونالد ترامب، على الجانب الآخر، إخفاء الجوانب ذاتها من شخصيته وسياساته. وأكدت الصحيفة أن هاريس تمكنت من تحقيق هذا الهدف.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن هاريس رسمت رؤية إيجابية لأمريكا، رغم ما تمر به من تحديات، حيث دعت إلى تجاوز السياسات العنيفة التى هيمنت على المشهد السياسى فى السنوات الأخيرة.
فى المقابل، لفتت الصحيفة إلى أن ترامب قدم صورة سوداوية للولايات المتحدة، واصفًا إياها بأنها "أمة فاشلة" تقترب من "الحرب العالمية الثالثة"، حيث تنتشر الجريمة ويتسبب المهاجرون فى الفوضى فى البلدات الصغيرة، بل ويأكلون حيوانات الأمريكيين الأليفة. واعتبرت الصحيفة أن هذا الخطاب يكشف عن مزيج من التشاؤم والتهويل.
وأضافت الصحيفة أن هاريس، رغم عدم كمال كل خططها، إلا أنها نجحت فى إظهار كيف أن سياسات ترامب ستكون أكثر ضررًا.
وأوضحت أن خططه الاقتصادية ستؤدى إلى زيادة الدين الوطنى بشكل أكبر مما تقترحه هاريس، وأن سياساته المتعلقة بالتعريفات الجمركية ستؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مدعيًا بشكل غير صحيح أن الدول الأجنبية تتحمل تكاليف هذه الرسوم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هاريس أبدت معارضة واضحة لهذه السياسات، مما يعكس فهمًا اقتصاديًا أعمق.
كما سلطت الصحيفة الضوء على تركيز هاريس على خفض أسعار المساكن من خلال زيادة العرض بالتعاون مع المطورين العقاريين، معتبرة ذلك الحل الوحيد طويل الأمد لمشكلة ارتفاع الأسعار. فى المقابل، لاحظت الصحيفة غياب خطة إسكانية واقعية لدى ترامب.
وفيما يخص قضايا الإجهاض، قالت "واشنطن بوست" إن هاريس قدمت مواقفها بإحساس عميق، مستخدمة قصصًا واقعية لنساء عانين من الإجهاض، لتظهر البعد الإنسانى لموقفها. كما تبنت موقفًا متوازنًا حول قضية الهجرة؛ مشيرة إلى مشروع قانون فى مجلس الشيوخ كان سيشدد من إجراءات أمن الحدود لو لم يقم ترامب بحشد حلفائه الجمهوريين ضده.
وأشارت الصحيفة إلى أن هاريس انتقدت حماس، ومن ناحية أخرى، انتقدت قتل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين، واصفة موقفها من الحرب فى غزة بأنه توازن حساس.
وأكدت المرشحة الديمقراطية أن الحرب يجب أن تتوقف فورا لتحرير الأسرى، وأضافت هاريس أنها تؤيد حل الدولتين.
وعلى الصعيد الدولي، أكدت هاريس على التزامها بدعم أوكرانيا وحلفاء الديمقراطية ضد التوسع الاستبدادى العالمي، مشددة على الدور التقليدى لأمريكا فى قيادة العالم الحر.
أما ترامب، فقالت الصحيفة إنه تفاخر بتأييد الزعيم المجرى فيكتور أوربان له، وهو ما لا يعتبر تأييدًا يستحق الفخر.
وأشارت إلى أن ترامب تمكن من ضبط انفعالاته لبعض الوقت، لكنه سرعان ما انحدر إلى التصريحات الجدلية، حيث قدم نقاطًا حول استجابته لجائحة كوفيد-١٩، لكنها كانت تتداخل مع تصريحات غير صحيحة.
وذكرت الصحيفة أن ترامب ادعى أن المهاجرين غير الشرعيين يأكلون حيوانات المواطنين فى المدن التى لجأوا إليها، وعندما سئل عن مصدره، أشار إلى "الأشخاص على التليفزيون".
كما هاجم هاريس، متهمًا إياها بأنها كانت "غير سوداء" فى مرحلة ما، وادعى كذبًا أنه "أنقذ" قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة، بينما حاول فى الواقع إلغائه.
واختتمت "واشنطن بوست" تحليلها بالقول إن هاريس فازت فى المناظرة سواء من حيث النبرة أو المضمون، حيث قدمت رؤية تتجاوز الخلافات السياسية الأخيرة؛ مشددة على ضرورة رسم مسار جديد للمستقبل، مع الحفاظ على القيم التأسيسية للأمة. وأضافت أن هذه الرؤية تحتاج إلى ترجمة إلى سياسات ملموسة، لكنها تقدم بديلًا أكثر إقناعًا من خطاب ترامب المظلم.
