الأحد 10 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

احتفاء أم بدعة؟.. مقارنة بين موقف الأزهر والدعوة السلفية من الاحتفال بالمولد النبوي

مقارنة بين موقف الأزهر
مقارنة بين موقف الأزهر والدعوة السلفية من الاحتفال بالمولد ا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يحتفل المصريون كل عام بالمولد النبوي الشريف بنفس الروح، التي يحتفلون بها بمناسبات أخرى مثل شم النسيم ورأس السنة الميلادية، حيث تشكل هذه الاحتفالات جزءًا أصيلًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمع.

إلا أن التيارات الإسلامية المتشددة غالبًا ما تصدر فتاوى تُحرِّم هذه المناسبات؛ معتبرة إياها بدعة لا تمت للإسلام بصلة. وفي مواجهة هذه الفتاوى، تجد المؤسسة الدينية التقليدية نفسها مضطرة للرد بفتاوى مضادة تبيح هذه الاحتفالات وتؤكد مشروعيتها.

لكن، هل نحن بحاجة إلى فتاوى دينية لتحديد ما نحتفل به؟، وهل يمكن لمجتمعنا أن يتحرر من تلك القيود، التي تجعل الدين حاضرًا في كل تفاصيل الحياة اليومية؟

العديد من علماء الإسلام يميزون بين البدعة «الحسنة» و«الضلالة» الإسلام لا يقوم فقط على العقلانية البحتة بل يشمل أيضًا الجوانب الروحية  موقف الدعوة السلفية من الاحتفال بالمولد النبوى يعتمد على تفسير ضيق لمفهوم البدعة ورفض أى تطورات جديدة فى إطار الدين.

الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من المناسبات ليس مجرد تقليد ديني، بل هو تعبير عن الثقافة والتاريخ والانتماء، ويمثل فرصة للتأمل في القيم الإنسانية المشتركة. ينبغي أن نتجاوز حاجتنا إلى الفتاوى في كل جانب من حياتنا، وندرك أن احتفالاتنا هي تعبير عن هويتنا المجتمعية والإنسانية التي لا تتطلب تبريرًا دينيًا في كل مناسبة.

هذا ما سوف تناقشه هذه الورقة، من خلال دراسة مقارنة بين موقف الأزهر، والدعوة السلفية، من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في السياق الديني والاجتماعي، وأثر مثل هذه الفتاوى التي تصدرها الدعوة السلفية على تنامي الارهاب والتطرف.

موقف الأزهر الشريف

أكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الالكترونية على موقعه الرسمي، أن الاحتفال بميلاد النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم تعظيمٌ واحتفاءٌ بالجناب النبوي الشريف، وهو عنوان محبَّته التي هي ركن من أركان الإيمان.

والمراد من الاحتفال بذكري المولد النبوي، جمع الناس علي الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وسلم إلي الدنيا، فميلاده كان ميلادًا للحياة.

وكرَّم الله تعالي أيام مواليد الأنبياء عليهم السلام وجعلها أيام سلام؛ فقال سبحانه: " وسَلَامٌ عليه يَومَ وُلِدَ" [مريم: ١٥]، وفي يوم الميلاد نعمةُ الإيجاد، وهي سبب كل نعمة بعدها، ويومُ ميلاد النبي -صلى الله عليه وسلم- سببُ كلِّ نعمة في الدنيا والآخرة.

وكان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا سُئِل عن سبب صوم يوم الاثنين، فقال: "ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فِيهِ" [رواه: مسلم]. وهذا إيذانٌ بمشروعية الاحتفال به صلى الله عليه وسلم بصوم يوم مولده.

قال السخاوي رحمه الله: ثم ما زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم يعملون الولائم البديعة المشتملة علي الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرات بل يعتنون بقراءة مولده الكريم وتظهر عليهم من بركات كل فضل عميم. (الأجوبة المرضية:٣/١١١٦).

وعليه: فإن الاحتفال بميلاده جائز، وهو من سبل إظهار المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. يستند هذا الرأي إلى فهم مقاصد الشريعة الإسلامية التي تشجع على الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم كوسيلة لإحياء ذكره وتعزيز محبته في قلوب المسلمين.

الأزهر يستند في هذا إلى أن الاحتفال بالمولد يدخل ضمن "المصالح المرسلة"، وهي الأمور التي تحقق مصلحة للأمة ولا تتعارض مع نصوص الشريعة. كما يرى أن هذه المناسبة فرصة لتذكير المسلمين بالسيرة النبوية الشريفة، ونشر القيم الإنسانية التي دعا إليها الإسلام مثل الرحمة، العدل، والمساواة.

علاوة على ذلك، يدعو الأزهر إلى نبذ الخلافات حول المظاهر الخارجية للاحتفالات ويركز على أهمية الجوهر، وهو تعزيز الأخلاق الفاضلة التي جاء بها النبي محمد. الأزهر يرفض الاحتفال بطريقة قد تسيء لصورة الإسلام، لكنه يدعم الاحتفال كفرصة لإحياء القيم الإسلامية الحقيقية.

موقف الدعوة السلفية وحركات الإسلام السياسي

في المقابل، تعارض الدعوة السلفية ومعظم حركات الإسلام السياسي الاحتفال بالمولد النبوي بشكل قاطع. وتستند هذه الجماعات إلى مفهوم "البدعة" في الإسلام، حيث يعتبرون أن الاحتفال بالمولد النبوي لم يكن ممارسًا في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم.

وبالتالي فإنهم يعتبرونه أمرًا محدثًا يجب تجنبه. السلفيون يعتمدون على مبدأ "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، ويرون أن إدخال هذه الاحتفالات في الدين يتعارض مع مفهوم التوحيد الخالص.

بالإضافة إلى ذلك، ترى هذه الحركات أن التركيز على المظاهر الاحتفالية قد يصرف المسلمين عن جوهر العبادة الحقيقية ويغذي ممارسات دينية مغلوطة. بالنسبة لهم، الشريعة الإسلامية تحدد أصول العبادة بوضوح، ولا تسمح بإضافة أي مراسم أو شعائر جديدة خارج ما تم النص عليه في القرآن والسنة.

وسوف نأخذ هنا دراسة للشيخ علاء بكر أحد قيادات الدعوة السلفة، والدراسة منشورة على موقع "أنا سلفي" تحت عنوان: "الاحتفال بالمولد النبوي بدعة شيعية صوفية".

وبعد مقدمة طويلة وسرد تاريخي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف يقول الشيخ علاء أبو بكر: "ونقول في إجمال: إنّ اتخاذ "المولد النبوي" عيدًا شرعيًّا، أو التقرب إلى الله -تعالى- بالاحتفال به لا يجوز شرعًا، وهو ابتداع في الدين لم يـُعرف في عهده -صلى الله عليه وسلم- وعهد السلف الصالح، فما لم يكن في زمنه- صلى الله عليه وسلم- من الدين فلا يكون اليوم من الدين- كما قال مالك رحمه الله- والإنكار على من ينكر الاحتفال به دليل الجهل العظيم بهديه صلى الله عليه وسلم، والخروج عن هدي خلفائه الراشدين رضي الله عنهم.

يقول محمد عبد السلام الشقيري عن شهر "ربيع الأول" وبدعة المولد فيه: "ففي هذا الشهر ولد- صلى الله عليه وسلم- وفيه توفي، فلماذا يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته؟ فاتخاذ مولده موسمًا والاحتفال به بدعة منكرة ضلالة، لم يرد بها شرع ولا عقل.

ويضيف: لو كان في هذا خير فكيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم، والأئمة وأتباعهم؟! لا شك أنه ما أحدثه إلا المتصوفون الأكالون البطالون، وأصحاب البدع، وتبع الناس بعضهم بعضًا فيه إلا من عصمه الله ووفقه لفهم حقائق الدين".

ويقول الشيخ ابن باز- رحمه الله: "والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد بلـَّغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقًا يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ) (رواه مسلم).

ويقول: "فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله -سبحانه- لبينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه -رضي الله عنهم-. فلمّا لم يقع شيء من ذلك عـُلم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- منها أمته".اهـ.

وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ فَهُوَ رَدٌّ) (متفق عليه)، أي: مردود على صاحبه. وقال- صلى الله عليه وسلم: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ)، (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

نقد تحليلي لموقف علاء بكر والدعوة السلفية

فيما يتعلق بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي يستند إلى تفكيك الحجج المقدمة من قبلهم، وتحليلها في ضوء التقاليد الإسلامية والواقع الاجتماعي.

١- البدعة والابتداع:
الحجة المركزية التي يطرحها علاء بكر والدعوة السلفية تستند إلى مفهوم البدعة، حيث يرون أن الاحتفال بالمولد النبوي هو بدعة لأنه لم يُمارس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد السلف الصالح. يعتمد هذا الرأي على أحاديث مثل: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ فَهُوَ رَدٌّ" (متفق عليه)، ومبدأ "كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (رواه أبو داود والترمذي).

نقد هذا المفهوم

الفهم الضيق للبدعة: مفهوم البدعة في الفكر السلفي يُفسر بشكل ضيق، بحيث يُرفض كل جديد لم يرد في عهد النبي أو السلف الصالح. ومع ذلك، العديد من علماء الإسلام يميزون بين البدعة "الحسنة" و"الضلالة".
ابن حجر العسقلاني على سبيل المثال، يرى أن البدعة قد تكون "حسنة" إذا لم تتعارض مع مبادئ الشريعة وكانت تؤدي إلى تحقيق مصلحة دينية أو اجتماعية. الاحتفال بالمولد قد يُعتبر من هذه البدع الحسنة، لأنه يعزز المحبة للنبي ويذكر المسلمين بقيمه وتعاليمه.
التغييرات الاجتماعية والتاريخية: الإسلام دين عالمي يتكيف مع تغييرات الظروف الاجتماعية والتاريخية. الحجج التي تستند إلى رفض كل جديد لأن السلف لم يقوموا به تتجاهل تطور الحياة البشرية، وظهور حاجات جديدة تستدعي وسائل جديدة للتواصل الديني.
الاحتفال بالمولد النبوي هو وسيلة ثقافية لإظهار الحب للنبي وتعزيز السيرة النبوية، ولا يعني ذلك إضافة شعائر دينية جديدة، بل هو تعبير اجتماعي وديني ضمن إطار الإسلام.

٢- الاحتجاج بعدم الاحتفال في عهد الصحابة
من الحجج الأخرى التي قدمها علاء بكر والدعوة السلفية هو أنه لو كان الاحتفال بالمولد خيرًا، لما غفل عنه الصحابة والتابعون. هذه الحجة تعتمد على عدم وجود الاحتفال في القرون الأولى للإسلام.
نقد هذه الحجة
غياب النصوص ليس دليلًا على التحريم: غياب الاحتفال بالمولد في عهد الصحابة لا يعني بالضرورة أنه محرم. هناك العديد من الممارسات الدينية والاجتماعية التي لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكنها أصبحت مقبولة لاحقًا لأنها لا تتعارض مع أصول الدين.
يمكن القول بأن المولد النبوي هو تعبير عن المحبة والتقدير للنبي، وهو أمر مشروع إذا كان يتم بطريقة تتوافق مع الشريعة.

التطورات التاريخية والدينية
الصحابة عاشوا في فترة كانت تحتاج إلى الحفاظ على الأساسيات الدينية بسبب التحديات الكبيرة التي واجهتها الأمة الإسلامية. مع مرور الزمن وتوسع العالم الإسلامي، ظهرت حاجة لتكييف العادات والتقاليد وفقًا للثقافات المحلية.
المولد النبوي يمكن اعتباره جزءًا من هذا التطور الطبيعي، طالما أنه يعزز الروابط الروحية والاجتماعية بين المسلمين.
المسألة العقلانية والعاطفية
علاء بكر يثير مسألة "لماذا يفرح الناس بمولد النبي ولا يحزنون لوفاته؟"، ويصف الاحتفال بالمولد على أنه تصرف غير عقلاني.

نقد هذه الحجة
العاطفة في الدين: الدين الإسلامي لا يقوم فقط على العقلانية البحتة بل يشمل أيضًا الجوانب العاطفية والروحية. الاحتفال بالمولد هو تعبير عن المحبة والفرح بقدوم النبي إلى العالم، وهو ما يربط المؤمنين بالرسالة التي جاء بها.
فالتعبير عن الفرح لا يعني تجاهل الحزن على وفاته، بل يمكن أن يتعايش الاثنان معًا، حيث يُستخدم المولد كفرصة لتعزيز حب الرسول وتذكر قيمه.

التحذير من محدثات الأمور
السلفية تعتمد على نصوص مثل حديث النبي: "فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ... وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ". وهذا يقودهم إلى رفض الاحتفال بالمولد على أساس أنه محدثة.

نقد هذا الرأي
التفريق بين المحدثات الشرعية والاجتماعية: هناك فرق بين "المحدثات" التي تؤدي إلى تحريف العقيدة أو الشريعة، وبين تلك التي تهدف إلى تعزيز الأخلاق والقيم الإسلامية. الاحتفال بالمولد لا يُعتبر تعديًا على الشريعة، بل هو وسيلة لتذكير المسلمين بسيرة النبي وقيمه.

الخلاصة
موقف علاء بكر والدعوة السلفية من الاحتفال بالمولد النبوي يعتمد على تفسير ضيق لمفهوم البدعة ورفض أي تطورات جديدة في إطار الدين. بينما يعتبر الأزهر ومؤيدو الاحتفال أن المولد يمثل فرصة لتعزيز المحبة للنبي والتمسك بالقيم الدينية.

بالنظر إلى الواقع الاجتماعي والتاريخي، يتضح أن الاحتفال بالمولد ليس بدعة ضالة، بل يمكن أن يكون وسيلة حسنة لتعزيز الروابط الروحية والاجتماعية، طالما أنه لا يتعارض مع أصول الشريعة.
الأسس الدينية

رأي الأزهر: يؤكد الأزهر الشريف أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم هو تعبير عن تعظيمه واحتفائه، وهو واجب يعكس محبة الرسول، التي تُعد ركنًا من أركان الإيمان. يُعتبر المولد النبوي مناسبة للاحتفاء بالنبي عبر الذكر، والإنشاد، وإطعام الطعام، والصيام، والقيام، وهو دليل على الفرح بمجيئه إلى الدنيا. كما يستشهد الأزهر بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعم فكرة الاحتفال.

رأي الدعوة السلفية: تعتمد الدعوة السلفية على مفهوم البدعة، حيث ترى أن الاحتفال بالمولد النبوي هو ابتداع لم يكن معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو عهد السلف الصالح. يستند السلفيون إلى أحاديث تحذر من المحدثات في الدين، مما يجعلهم يعتبرون الاحتفال بالمولد شيئًا مرفوضًا.

التفسير الفقهي
رأي الأزهر: يفسر الأزهر الاحتفال بأنه مشروعية تستند إلى نصوص قرآنية وأحاديث، حيث يعتبر الاحتفال وسيلة للتعبير عن المحبة للرسول، ويستشهد بأن النبي كان يصوم يوم الاثنين لأنه يوم ميلاده، مما يدل على مشروعية الاحتفال.

رأي الدعوة السلفية: تعتبر الدعوة السلفية الاحتفال بالمولد بدعة لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، حيث يرفضون أي ممارسات جديدة لم تكن موجودة في زمن النبي أو الصحابة. يرون أن ترك الصحابة لهذه الممارسة يدل على عدم مشروعيتها.

٣- الأبعاد الاجتماعية والثقافية:
رأي الأزهر: يعزز الأزهر فكرة الاحتفال بالمولد كوسيلة لتعزيز القيم الاجتماعية والإيمانية بين المسلمين. يرى أن هذه الاحتفالات تقوي الروابط الاجتماعية وتظهر الفرح بالمولد، مما يؤدي إلى تكوين مجتمع متماسك ومحب.

رأي الدعوة السلفية: يتسم موقف الدعوة السلفية بالتشدد، حيث يرون أن الاحتفال بالمولد قد يؤدي إلى الانحراف عن الجادة الصحيحة للدين. يعتبرون أن الاحتفال يمكن أن يتحول إلى مظاهر بدعية قد تضر العقيدة.

ردود الفعل تجاه مظاهر الاحتفال
رأي الأزهر: يرحب الأزهر بمظاهر الاحتفال، مثل إقامة الولائم والتصدق، ويعتبرها من الأعمال الصالحة التي تقرب المؤمنين من الله وتعزز من قيم المحبة والتعاون.
رأي الدعوة السلفية: يرفض السلفيون مثل هذه المظاهر، ويعتبرونها تصرفات غير مشروعة. يرون أن هذه الاحتفالات قد تتضمن عناصر تعارض الدين مثل البدع أو الشرك، وبالتالي يجب تجنبها.

التأثير الاجتماعي والسياسي

يمتد هذا الجدل حول المولد النبوي إلى النقاشات الأوسع حول دور الدين في الحياة العامة والسياسية. فالأزهر، باعتباره مؤسسة رسمية، يسعى إلى الحفاظ على الوحدة الاجتماعية من خلال تشجيع المناسبات الدينية التي تجمع المصريين.

في حين أن الجماعات السلفية والإسلام السياسي، التي غالبًا ما تعارض هذه المناسبات، تجد في معارضتها وسيلة لترسيخ شرعيتها السياسية والدينية بين أتباعها.

في نهاية المطاف، يبقى الاحتفال بالمولد النبوي موضعًا للتوافق الاجتماعي بين فئات واسعة من المصريين، حتى مع وجود هذا الخلاف الديني. يظل الأزهر معبرًا عن الهوية الدينية والثقافية لمصر، في حين تقدم الجماعات السلفية نموذجًا بديلًا يركز على الالتزام الحرفي بالشريعة.

أثر رؤية الدعوة السلفية في تنامي جماعات التطرف والإرهاب

التشدد والرفض: تروج الدعوة السلفية لفهم صارم للإسلام يرفض الاحتفالات الدينية التي لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بما في ذلك الاحتفال بالمولد النبوي.
هذا التشدد يمكن أن يؤدي إلى تشويه صورة الإسلام في أعين بعض الأفراد، حيث يُنظر إلى السلفية كحركة تدعو إلى التقيد الصارم بالماضي، مما قد يزيد من حالة الإحباط لدى بعض الشباب الذين يبحثون عن أطر مرنة تفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم.

البحث عن هوية: في ظل تراجع الهوية الثقافية والدينية، قد يشعر البعض بأن رؤية الدعوة السلفية تحجب الجوانب الإيجابية للدين، مما يدفعهم للبحث عن هويات بديلة. وهذا البحث عن الانتماء قد يؤدي إلى الالتحاق بجماعات متطرفة تتبنى أفكارًا ترفض أي شكل من أشكال الاحتفالات أو التقاليد.

استغلال الموقف لتبرير العنف

الجماعات المتطرفة قد تستغل موقف الدعوة السلفية للتأكيد على رؤيتها للعنف كوسيلة للدفاع عن الإسلام. ترى هذه الجماعات أن الاحتفالات مثل المولد النبوي تُعتبر بدعة، وبالتالي يمكن تبرير استخدام العنف ضد من يحتفل بها، مما يسهم في خلق بيئة من التوتر والصراع.

التأثير على الشباب

تشدد الدعوة السلفية يمكن أن يجذب بعض الشباب إلى الجماعات المتطرفة التي تروج لأفكار مشابهة. هذه الجماعات تستخدم مواقف مثل رفض الاحتفال بالمولد كوسيلة لتجنيد الأفراد، حيث تقدم لهم شعورًا بالانتماء ومعنى جديد لحياتهم من خلال تصوراتها المتطرفة.

التوتر بين المكونات المجتمعية

رؤية الدعوة السلفية التي ترفض الاحتفالات قد تؤدي إلى تصاعد التوترات بين المجتمعات الإسلامية المختلفة. يمكن أن يؤدي هذا التوتر إلى انقسامات اجتماعية تدعم حالة من العداء بين مختلف الفئات، مما يسهل استقطاب الأفراد إلى الجماعات المتطرفة التي تدعو للعنف.

الخاتمة

تظهر المقارنة بين رأي الأزهر ورأي الدعوة السلفية حول الاحتفال بالمولد النبوي اختلافًا جذريًا في المفاهيم والتفسير الفقهي. بينما يدعو الأزهر للاحتفال كوسيلة للتعبير عن المحبة للرسول وتعزيز القيم الاجتماعية، ترفض الدعوة السلفية هذه الممارسات بدعوى كونها ابتداعًا.

يعكس هذا الاختلاف في الآراء التباين في فهم الدين وتطبيقاته في الواقع الاجتماعي، مما يستدعي الحوار والنقاش لتعزيز الفهم والتفاهم بين مختلف الاتجاهات الإسلامية.

ومن خلال تحليل المواقف، نجد أن الاختلاف بين الأزهر والجماعات السلفية لا يرتبط فقط بتفسير النصوص، بل بتصور أعمق حول الدين والتفاعل مع التراث. الأزهر يتبع منهجًا وسطيًا، يدعو إلى المرونة في المسائل التي لم يرد فيها نص صريح.

في المقابل، تتبع الجماعات السلفية منهجًا حرفيًا، يرفض أي تطور أو تغيير في الشعائر الإسلامية.