أصدر البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، الأربعاء الماضي، قرارًا بابويًا عاجلاً حمل رقم 3 لسنة 2024، باعتماد التشكيل الجديد لرؤساء وأعضاء المجالس الإكليريكية للأحوال الشخصية التابعة للكنيسة وذلك في دورتها الجديدة للفترة (2024: 2027)، ويتم اعتماد التشكيل الجديد من قبل الكنيسة عقب انقضاء كل دورة التي تستمر لمدة ثلاث سنوات.
المجالس الإكليركية
وتُعد المجالس الإكليريكية في الكنيسة القبطية المنفذ الرئيسي لحل مشكلات الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، مثل الطلاق والزواج الثاني - ما بعد الطلاق - فتلك الإجراءات لها شقان قانوني وآخر كنسي، وتحتكم المجالس إلى قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين "المسيحيين" المستمد من تعاليم الكتاب المقدس.
وتنص لائحة المجلس الإكليريكي التي تتضمن كيفية عمل المجالس الإكليريكية الإقليمية، على أن الزواج المسيحي رباط ديني مقدس دائم، ويتم علنا بين رجل واحد وامرأة واحدة مسيحيين صالحين للزواج لتكوين أسرة تتعاون على شئون الحياة في معيشة واحدة، وأن المرجعية القانونية للمجلس الإكليريكي للكنيسة القبطية، ترجع إلى تعاليم السيد المسيح بصفة خاصة ومرجعية الكتاب المقدس بصفة عامة، وأقوال آباء الكنيسة على مدى تاريخها كونها أحد أهم الروافد الخاصة بقوانين الكنيسة في الأحوال الشخصية.
آلية عمل المجلس الإكليريكي
في السابق كانت المجالس الملية للأقباط الأرثوذكس هي التي كانت تعني بفض نزاعات الأحوال الشخصية؛ فكان المجلس هو المسئول الأوحد في أصدار أحكام الطلاق او بطلان الزواج ومن ثم هو من له الحق أيضاً في إصدار تصريح الزواج الثاني، وكل ذلك وفقاً للائحة 38، الذي قام بإصداره، المجلس الملي المنتخب من الشعب القبطي والمجمع المقدس "مجمع الرهبان والبطريرك" والشعب القبطي بالموافقة على نص قوانين لائحة أطلق عليها (لائحة 38) وذلك في عهد البطرك الأنبا يؤانس ١٩، وكانت قد وضعت قوانين متكاملة للأقباط الأرثوذكس بما في ذلك الزواج والطلاق والبني والميراث، واستمر ذلك إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقضى القانون فى مادته الأولى بإلغاء المجالس الملية وإحالة الدعاوى المرفوعة لغاية 30 ديسمبر من نفس العام إلى المحاكم المدنية، وبذلك أصبحت المحكمة المدنية هى المسئولة عن تلك الإجراءات بدلاً من المجلس الملي.
لائحة 38
وظل العمل بلائحة 38 كما هو، ولكن كانت الثغرة هنا أنه لن يطبق القانون الكنسي الا عندما يكون الطرفان المتنازعان من ملة الأقباط الأرثوذكس وبشرط أن يظلا كذلك حتى تاريخ رفع الدعوى أما لو اختلفت الملة أو الطائفة فإن القانون الكنسي لا يطبق، ويجرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
وظل العمل بلائحة 38 القديمة، إلى أن تقدمت الكنيسة القبطية في عهد البابا شنوده الثالث بمسودة تعديل القانون القديم في عام 2008م وتم الموافقة عليها من قبل وزارة العدل، وأقر ذلك التعديل على رفض جميع حالات الطلاق وأبقى حالتي علة الزنا وتغير الديانة فقط؛ ليخلق ذلك التعديل أزمة كبيرة وشائكة في الوسط الكنسي والمجتمعي، حيث ضيق ذلك التعديل الخناق على الراغبين في الطلاق أو الزواج الثاني؛ ليظهر فئة جديدة في المجتمع القبطي أطلقت على نفسها «متضرري ومنكوبي الأحوال الشخصية».
إعادة تنظيم العمل
وبناءً على الأزمة السابقة حاول قداسة البابا تواضروس علاج هذا المرض الذي ضرب المجتمع الكنسي، وذلك بإصدار لائحة المجلس الإكليريكى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية جديد يحمل شكل ولون لائحة 38 القديمة، وأعاد تنظيم العمل به لتسهيل البت في مشكلات الأسر القبطية.
وفي عام ٢٠١٤م تم إقرار الشكل النهائى للمجالس الإكليريكية حيث يرأس المجلس الإكليريكى البابا وتشكل المجالس الإكليريكية من لجنة مجمعية للأحوال الشخصية والمجالس الإكليريكية.
وتضمنت لائحة المجلس الإكليريكي الذي أصدره البابا تواضروس على أن الزواج المسيحي رباط ديني مقدس دائم، ويتم علنا بين رجل واحد وامرأة واحدة مسيحيين صالحين للزواج لتكوين أسرة تتعاون على شئون الحياة في معيشة واحدة.
ويأتي نص اللائحة بحسب ما نشرته مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن المرجعية القانونية للمجلس الإكليريكي للكنيسة القبطية، والذي يستند على قوانين الأحوال الشخصية للكنيسة القبطية إلى تعاليم السيد المسيح بصفة خاصة ومرجعية الكتاب المقدس بصفة عامة، أقوال آباء الكنيسة على مدى تاريخها أحد أهم الروافد الخاصة بقوانين الكنيسة في الأحوال الشخصية.
الفئات المسموح لها
وحدد المجلس الإكليريكى الفئات المسموح لها بالزواج في الكنيسة وهى البكر المعمد بالكنيسة والأرمل الذى ترمل بعد زواجه في الكنيسة والمطلق من بعد زواجه في الكنيسة وحصل على تصريح زواج منها والمطلق من بعد زواجه مدنيا فقط، وذلك بعد حصوله على تصريح زواج من الكنيسة، يشترط معرفة الخطيب بالزواج المدنى السابق.
يتحدد عمل المجلس الإكليريكى بفروعه ومستوياته كالآتي:
أولا: اللجنة المجمعية للأحوال الشخصية، وتتشكل من قداسة البابا البطريرك رئيسًا وعضوية كل من سكرتير عام المجمع المقدس رؤساء الدوائر الإقليمية.
ثانيا: المجالس الإكليريكية الإقليمية، حيث قسمت الكنيسة القبطية منذ عام 2016 المجلس الإكليريكي إلى ست دوائر إقليمية ينوب عن قداسة البابا في رئاسة كل منها أحد الآباء المطارنة أو الأساقفة وهي كالآتي المجلس الإكليريكي للقاهرة الكبرى وبلاد إفريقيا "الدائرة الأولى" المجلس الإكليريكي للإسكندرية والوجه البحري "الدائرة الثانية" المجلس الإكليريكي للوجه القبلي، المجلس الإكليريكي للأمريكتين، المجلس الإكليريكي لبلاد أوروبا، المجلس الإكليريكي لاستراليا وآسيا..
وتتشكل كل دائرة إقليمية من أحد الآباء المطارنة أو الأساقفة يختاره قداسة البابا نائبًا عن قداسته لرئاسة الدائرة وعضوية اثنين من الآباء الكهنة أحد القانونيين وطبيبة أو طبيب، يقوم باختيارهم رئيس الدائرة وللمجلس أن يستعين ببعض الآباء الكهنة في المناطق التي لا توجد بها إيباراشيات لمعاونة الدائرة الإقليمية فيما يحدده لها من مهام.
ثالثا: المجالس الإكليريكية في الإيبارشيات وتتشكل من مطران أو أسقف الإيباراشية رئيسًا، وعضوية اثنين من الآباء الكهنة قانوني، طبيبة أو طبيب.
التشكيل الجديد
ونشرت مجلة الكرازة منبر إعلام الكنيسة القبطية التشكيل الجديد وهو كالآتي:
في مصر والمهجر
◀ الدائرة الأولي: القاهرة الكبرى يرأسها الأنبا أنجيلوس الأسقف العام، والسكرتير القس يوسف عطية، والأعضاء (القس يوحنا جون، القس داود إدوارد، القس إسحق يعقوب، القس كاراس لمعي، القس بيجول فهمي، القس مرقس ماهر، ألبير أنسي، الدكتورة مارسيل عبدالله).
◀ الدائرة الثانية: الإسكندرية والوجه البحري: يرأسها الأنبا إيلاريون الأسقف العام، السكرتير القس يوحنا مجدي والأعضاء (القس داود نبيل، القس يوليو إدوارد، القمص أنطونيوس فرج الله، القس بولا ميمي، مدحت رزق الله).
◀ الدائرة الثالثة: الرئيس الأنبا ثاؤفيليس أسقف منفلوط وتوابعها، والسكرتير، ساويروس فوات عطالله الأعضاء: مرقس عطية عبدالله، وتهاني فيليب أديب، والدكتورة سلوى سمير صادق).
في أوروبا وآسيا وأستراليا
◀ الدائرة الرابعة: قارة أوروبا: الرئيس الأنبا مارك أسقف باريس، السكرتير، القمص أرسانيوس بشري، والأعضاء (جوزيف إستفانوس، القس كيرلس وأقيم، جوزيف أسبيرو، الدكتورة سلوى عطية)
الدائرة الخامسة: الرئيس الأنبا بيتر أسقف نورث كارولينا وتوابعها، السكرتير القمص أنتوني باسيلي، ولأعضاء: (القمص أرسانيوس راغب، القس جون بشارة، القس جون رياض، ديفيد بديع، الدكتورة جيهان فرج)
◀ الدائرة السادسة: آسيا وأستراليا: الرئيس نيافة الأنبا دوماديوس أسقف 6 أكتوبر وتوابعها، السكرتير القمص ميخائيل إبراهيم ( الكويت) الأعضاء: (القمص مرقس يسي "ملبورن"، والقس حنا جاد "سيدني"، والقمص مينا حنا "الإمارات").
آراء ورؤى
ومن جانبه قال المفكر القبطي كمال زاخر، في تصريح خاص لـ" البوابة نيوز" إن الأهم من هذه المجالس صدور قانون الاحوال الشخصية برؤية أكثر استيعابا لمفهوم الزواج وتبعاته، وإنهاء العلاقة الزوجية بشكل يضمن حق كل طرف في العيش الآمن ، تأسيا بلائحة 38 الأكثر اقترابا من المفهوم المسيحي.
بينما قال هاني عزت مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية: «إن القرارات الجديدة بتغيير قادة المجالس الاكليريكية وأعضائها هو يرجع إلى قرار أصدره قداسة البابا تواضروس منذ عام ٢٠١٦ على أن يتم التغيير كل ٣ سنوات وكان قراراً صائباً حتى لا تصبح فى يد شخص واحد مما أدى إلى كثرة الحالات وصعوبة دراستها وإيجاد الحلول لها فكان قرار قداسته هو إعادة الهيكلة للمجالس الاكليريكية وكذلك تغييرات مناطق وابراشيات الصعيد سيكون لها أثر كبير الفترة القادمة لأن القيادات السابقة كانت متشددة ولم يقوموا بتنفيذ قرار المجمع المقدس فى مارس ٢٠١٦ رغم توجيهات قداسة البابا بأن يكون الجميع آباء وليس قضاة».
وأوضح عزت أبرز التحديات التي ستواجه المجلس الإكليريكي قائلاً: «للأسف الشديد لا يوجد الرغبة الحقيقية لخروج القانون للنور وبالذات للحرس القديم وعلى رأسهم مطران طنطا الذى دائما يتصدر المشهد كذلك أنه يجب ان يوافق الأزهر وحقوق المرأة والطفل على القانون وهذه أبرز التحديات المعطلة لصدور القانون، لن يستقر وطن إلا باستقرار الأسرة المصرية الأسرة المسيحية جزء منه والتي هي أيقونة الكنيسة بتشريع قانون عادل ومتزن للأحوال الشخصية كما تفضل وأعلن السيد رئيس الجمهورية».
وأكمل، «على الكنيسة متمثلة فى قداسة البابا تواضروس الثاني أن تحث وزارة العدل لتقديم مسودة القانون للبرلمان لتشريعه وتطبيقه فى المحاكم لمواجهة الدولة العميقة ومافيا تعيير الملة لإنقاذ المصلوبين على أبواب الكنيسة والحد من الفتنة الطائفية وتهديد السلم العام والأمن المجتمعى».
وتابع، «مشدداً على ضرورة صدور تعليمات صارمة وحازمة من قداسة البابا بتطبيق لائحة مارس ٢٠١٦ وبنودها وخاصة الفرقة التى هى بمثابة مسودة القانون المقدم للبرلمان وعلى من يخالف من المجالس بعزل من مكانه أو يستقيل بإرادته».
واختتم عزت قائلاً: أعتقد أن الفترة القادمة بالنسبة للكنيسة ستشهد تغيرات ولو طفيفة لكنها ستكون ايجابية وعلى الدولة ان تثبت قوتها فى سرعة تشريع منظومة قوانين الاحوال الشخصية».