تأتي أحداث 11 سبتمبر 2001 التي مر على اندلاعها 23 سنة بالتزامن مع أحداث متفاقمة ومتوترة تشهدها ليس فقط المنطقة بل العالم برمته، وذلك جراء الحرب الإسرائيلية الجائرة على قطاع غزة، التي لم تضع أوزارها بعد منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، ولكن اللافت هذه المرة، أن الحرب الإسرائيلية في غزة، دفعت إيران لإبراز القدرات التي يتمتع بها وكلائها المنتشرين بمختلف أنحاء المنطقة والمنضوين تحت اسم «محور المقاومة».
وهو الأمر الذي شكل تهديداً ليس فقط لإسرائيل بل أيضاً لأمريكا التي زعمت أنها نجحت في القضاء على الإرهاب، خاصة بعد الاستراتيجيات والتحركات التي دشنتها عقب أحداث 11 سبتمبر التي نفذها «تنظيم القاعدة» الإرهابي بزعامة «أسامة بن لادن» والتي شكلت وقتها "ضربة موجعة" لأمريكا التي لم تتخيل أن يفعل تنظيم إرهابي ذلك بإمبراطوريتها العظمي التي كادت أن تسقط على أيدى «القاعدة».
ويبدو أن الأيام تعيد نفسها، حيث أن واشنطن في الوقت الراهن في صراع مع وكلاء إيران بالمنطقة، خاصة الحوثيين في اليمن، وحزب الله في الأراضي اللبنانية، والمقاومة الإسلامية في العراق، وتنظيمات أخرى في الأراضي السورية، على غرار الجماعات الإرهابية التي لا زالت موجودة في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا، مما يؤكد أن واشنطن لم تنجح حتى الآن في القضاء على ما تسميه بـ«محور الشر».
استغلال إيراني
ومن اللافت أن إيران هي من عملت على توظيف واستغلال أحداث 11 سبتمبر لتحقيق مخططاتها الرامية للسيطرة على المنطقة، وتهديد أمريكا، وهو ما أكدته بعض الوثائق خلال السنوات الماضية، التي كشفت بأن طهران هي من سهلت سفر عناصر تنظيم القاعدة بين أفغانستان وباكستان وإيران، وأنها سمحت في وقت لاحق لـ«أسامة بن لادن» وعائلته بالبقاء في إيران أثناء اختبائهم من السلطات الأمريكية.
وحول الدعم الإيراني لتنظيم القاعدة، تقول الباحثة «ليزا دفتري» رئيسة تحرير مجلة The Foreign Desk في تصريحات سابقة، إنه "تاريخيًا، بينما بدأ النظام الإيراني والقاعدة كأعداء لدودين يكرسون جهودهم لتدمير بعضهم البعض، اقتربوا قبل عقدين من الزمان بعد أن أدركوا أن لديهم المزيد من المكاسب من خلال التعاون، ومع توافق المصالح التكتيكية والاستراتيجية، بدأ الاثنين العمل معاً ضد الغرب".
وكلاء طهران
ومع خفوت نشاط «تنظيم القاعدة» قليلاً في المنطقة، فإن إيران حرصت على تقديم دعم واسع لباقي الوكلاء، وإمدادهم بالأسلحة المتطورة من صواريخ وطائرات وغواصات مسيرة، لمهاجمة المنطقة والدول التي تشكل تهديداً لأيران وخاصة أمريكا، ولإيصال رسالة مفاداها، أن أحداث 11 سبتمبر يمكن تكرارها في أي وقت وأي مكان، وهو ما يمكن أن تشهده المنطقة بالفعل خاصة أن طهران لا زالت تهدد بأن سترد بقوة وبشكل غير متوقع على عملية اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس «إسماعيل هنية» مطلع يوليو 2024، في الأراضي الإيرانية.
بجانب ذلك تركز طهران في الوقت على ميليشيا الحوثي في اليمن، التي باتت لديها منظومة أسلحة مكنتها من استهداف ليس فقط السفن الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب وصولاً إلى المحيط الهندي، بشكل أثر على حركة الملاحة والتجارة العالمية.
بل أيضاً دفعت إيران الحوثي لتهديد الداخل اليمني في محاولة للسيطرة على كامل الأراضي اليمنية ووضعها تحت سيطرة الميليشيا حتى تنفذ إيران مخططها الرامي لجعل اليمن "محافظة إيرانية"، ولكن الميليشيا لم تنجح حتى الآن إذ تقف قوات الجيش الوطني اليمني لهم بالمرصاد، في 12 سبتمبر 2021، أعلن قائد المقاومة الوطنية اليمنية آنذاك «طارق محمد عبد الله صالح»، إفشال القوات المشتركة اليمنية مخطط 11 سبتمبر الحوثي الإيراني لتدمير ميناء المخا، أقدم موانئ البحر الأحمر، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مما أدى إلى اشتعال النار في صهاريج وهناغر الميناء، وإلحاق أضرار متعددة داخل الميناء.