استغل وزير الخارجية الأوكراني الجديد أندري سيبها، فترة عمله في أنقرة ووارسو لإقامة علاقات وثيقة مع دول حلف شمال الأطلسي الناتو، إضافة إلى قدرته على التحدث باللغة البولندية بطلاقة في أول مكالمة هاتفية يجريها بصفته كبيراً للدبلوماسيين، لتزيد من رصيد مؤهلاته إضافة إلى قربه من مركز السلطة الأوكراني أثناء الحرب.
وتولى سيبيها منصب وزير الخارجية خلفاً لديميترو كوليبا في التعديل الوزاري الشامل الذي أُعلن الخميس الماضي.
وعمل سابقاً في مكتب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تحت قيادة مدير المكتب الرئاسي أندريه يرماك، خلال أول عامين من الغزو الروسي.
يذكر إن وزير الخارجية السابق كان" معروفاً في العواصم الأوروبية بجهوده لتحقيق طموح أوكرانيا في الانضمام لحلف الناتو، والاتحاد الأوروبي، بينما كان يرماك يتولى مسؤولية الأعباء الدبلوماسية الثقيلة".
وكان يرماك، أقرب مساعدي زيلينسكي وأكثرهم ثقة، يشرف على المفاوضات المتعلقة بالضمانات الأمنية، وحافظ على العلاقة "الحاسمة"مع واشنطن، كما أجرى مبادرات لتعزيز العلاقات مع ما يُعرف بـ"الجنوب العالمي".
وأثار تزايد تركيز السلطة في المكتب الرئاسي، تحت قيادة يرماك مخاوف لدى بعض الحلفاء الذين انتقدوا ما وصفوه "نقص الشفافية"، بما في ذلك التغييرات المفاجئة للموظفين في كافة الأجهزة الحكومية، حسبما أفادت "بلومبرغ" الشهر الماضي، في المقابل رفض زيلينسكي الالتفات إلى تلك الشكاوى، بينما أصر يرماك على أنه كان في الأساس يقوم بدور المنسق.
وكان زيلينسكي، قد أشار إلى تغييرات حكومية محتملة، لكن التعديلات التي حدثت الأسبوع الماضي، جاءت دون "تفسير واضح"، ما تسبب في حيرة لدى الحلفاء الغربيين.
وتعد التغييرات الحكومية "شبيهة بأسلوب زيلينسكي في تعزيز دور أقرب المقربين منه، بما في ذلك سيبها، الذي يُعتبر دبلوماسياً بارزاً يحظى باحترام كبير، وأدار مجموعة من الحقائب الوزارية".
وقال يوري ياكيمينكو، رئيس مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية "رازومكوف": "ليس من عادة الرئيس إشراك الآخرين في اتخاذ القرارات، فهو يعتقد أن قراراته هي الأنسب، وليست محل نقاش، ما يعكس نوعاً من النزعة المحافظة".
وقال سيبها في بيان على منصة "فيسبوك" لتوضيح أولوياته، إن السياسة الخارجية ستحددها "وقائع الحرب"، مضيفاً: "المهمة الأولى للدبلوماسية الأوكرانية، من السفير إلى المُلحق، هي ضمان قدرة أوكرانيا الدفاعية. الأسلحة، الأسلحة، الأسلحة".
وأثبت سيبها، البالغ من العمر 49 عاماً، كفاءته تحت قيادة يرماك، كما استغل علاقاته في أنقرة أثناء عمله في المكتب الرئاسي، للمساعدة في التفاوض على صفقة "لرفع الحصار عن البحر الأسود لاستئناف صادرات الحبوب الحيوية"، إذ شارك في "اتفاق الحبوب منذ بداية المفاوضات" وفقاً لما ذكره مسؤول مُطلع على المحادثات لـ"بلومبرغ".
ويأتي التعديل الوزاري في وقت تحقق القوات الروسية تقدماً طفيفاً بمنطقة دونيتسك الشرقية، كما تتصاعد الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة، بما في ذلك الهجوم الذي أسفر عن سقوط أكثر من 50 شخصاً في مدينة بولتافا الأسبوع الماضي.
وترقى سيبها في المناصب بالخارجية الأوكرانية، منذ تخرجه في جامعة إيفان فرانكو الوطنية في لفيف عام 1997.
وبعد الخدمة في الوزارة بكييف، وأيضاً السفارة الأوكرانية في بولندا، تولى منصب السفير في تركيا عام 2016.
وأشاد وزير الدفاع الأوكراني السابق، أوليكسي ريزنيكوف، بقدرات سيبها، مؤكداً أنه كان "يحظى بتقدير كبير داخل الإدارة؛ نظراً إلى القدر الهائل من المعرفة الذي يمتلكه، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات مع تركيا".
وقال ريزنيكوف "إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، لاحظ سيبها خلال زيارته إلى كييف في فبراير 2023"، مضيفاً بأنه "برز بما يكفي ليدفع بايدن إلى ذكره في قمة الناتو الماضية في ليتوانيا".
ولعب وزير الخارجية الجديد أيضاً دوراً بارزاً في إدارة العلاقة مع بولندا، وهي أحد أبرز داعمي "الناتو"، لكن هذه العلاقة اتسمت بالتعقيد، لا سيما بعد قرار وارسو فرض قيود على واردات الحبوب، وهو ما أدى إلى نشوب صراع سياسي حاد خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي.