يحتفل العالم في 8 سبتمبر من كل عام باليوم العالمي لمحو الأمية، الذي يسلط الضوء على أهمية محو الأمية كحق أساسي من حقوق الإنسان وأداة أساسية للتنمية الفردية والاجتماعية، وتم إقرار هذا اليوم من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 1967، ويهدف لتعزيز الجهود الدولية والوطنية للقضاء على الأمية، وفي عام 2024 يركز الاحتفال على موضوع "تعزيز التعليم من أجل مجتمعات شاملة"، ويؤكد على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والشمول من خلال التعليم، مع تمكين الأفراد والمجتمعات بالمهارات الأساسية للقراءة والكتابة.
ووفقًا لتقرير صادر عن اليونسكو في عام 2023، لا يزال هناك نحو 773 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من نقص المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، يشكل هذا الرقم تحديًا كبيرًا خاصةً في ظل التحول الرقمي السريع والتكنولوجيا المتزايدة في مختلف نواحي الحياة، ويشير التقرير إلى الحاجة الملحة لتوسيع نطاق التعليم ليشمل الفئات الضعيفة والمهمشة، مع التركيز على الشمولية كأداة للتغلب على الفقر والتهميش الاجتماعي.
جهود مصر في مجال محو الأمية: التحديات والإنجازات
تواجه مصر تحديات كبيرة في مكافحة الأمية على الرغم من الإنجازات الملحوظة التي حققتها في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، فوفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل الأمية في مصر نحو 25.8% في عام 2017، ومع زيادة عدد السكان، يشكل هذا المعدل تحديًا كبيرًا، إلا أن الدولة اتخذت خطوات جادة لمواجهة هذه المشكلة، في أحدث تقرير للجهاز، صدر في يناير 2023، أظهرت البيانات انخفاض نسبة الأمية إلى 23.8%، مما يعكس تحسنًا ملموسًا نتيجة المبادرات الحكومية المستمرة.
أطلقت الحكومة المصرية العديد من البرامج الوطنية الطموحة لتقليص معدلات الأمية، ومن بينها مبادرة "مصر خالية من الأمية بحلول 2030"، تهدف هذه المبادرة إلى القضاء على الأمية نهائيًا بحلول هذا التاريخ، وبحسب وزارة التربية والتعليم، تم إدماج برامج محو الأمية ضمن المناهج الدراسية الأساسية، مع تركيز خاص على التعليم المجتمعي وتعليم الكبار، وذلك لتوسيع نطاق التعلم وزيادة فرص الحصول على التعليم للجميع.
التركيز على الفئات الأكثر تهميشًا
تُعد النساء والشباب في المناطق الريفية من الفئات الأكثر تأثرًا بالأمية في مصر، حيث تجاوزت نسبة الأمية بين النساء في بعض المناطق الريفية حاجز الـ 40%،و لمواجهة هذا التحدي تعمل الحكومة بالتعاون مع المجتمع المدني ومنظمات دولية على تنفيذ برامج تعليمية تهدف إلى تدريب الفئات المهمشة وزيادة الوعي حول أهمية التعليم، كما تقوم الدولة أيضًا بتقديم دعم كبير لبرامج محو الأمية الرقمية، لتهدف إلى تزويد الأفراد بالمهارات التكنولوجية الضرورية لسوق العمل الحديث، مما يسهم في زيادة فرص العمل والتنمية الاقتصادية.
الإنجازات في مجال محو الأمية: مبادرة "مصر خالية من الأمية 2030"
ضمن رؤية مصر 2030، وضعت الحكومة استراتيجية شاملة للقضاء على الأمية، حيث تهدف إلى تحسين نوعية التعليم الأساسي والتقني، وزيادة نسبة الالتحاق بالمدارس، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.، ووفقًا لبيانات الهيئة العامة لتعليم الكبار تم تقليص نسبة الأمية في الفئة العمرية من 15 إلى 35 عامًا بشكل كبير، حيث أظهرت التقارير أنه تم محو أمية نحو 1.5 مليون شخص بين عامي 2018 و2022 كما تسعى الحكومة إلى خفض نسبة الأمية إلى أقل من 10% بحلول عام 2030
دور الجامعات والمؤسسات التعليمية في دعم محو الأمية
تلعب الجامعات المصرية دورًا مهمًا في دعم جهود محو الأمية، حيث تقوم بتنظيم برامج تعليمية تهدف إلى محو الأمية في مختلف أنحاء البلاد، على سبيل المثال قامت جامعة القاهرة بإطلاق مبادرة بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي في عام 2022، استهدفت تعليم أكثر من 100,000 شخص في المناطق الريفية والنائية، بالإضافة إلى ذلك، توفر الجامعات دورات تدريبية مجانية للأفراد في المناطق التي تعاني من نقص في الخدمات التعليمية، مما يسهم في تعزيز القدرات الفردية والتنمية المجتمعية.
