هبط نبأ رحيل الفنان التشكيلي حلمى التونى، كالصاعقة ليس على رأس الوسط الفنى فقط، بل على جميع الأوساط الثقافية فى المجتمع.
جاء ذلك بعدما أعلنت الصفحة الرسمية للفنان حلمي التوني، وفاته صباح اليوم عن عمر يناهز 90 عامًا، موضحة ان صلاة الجنازة ستقام في مسجد مصطفى محمود بالمهندسين.
وزير الثقافة: رحل أحد حراس الهوية المصرية
وسرعان ما نعى الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، الفنان التشكيلي الكبير حلمي التوني، قائلا إن الراحل كان أحد حراس الهوية المصرية، وشكل وجدان جيل بأكمله بأعماله الخالدة، ليرحل تاركًا بصمات لن تمحى على الساحة الفنية من خلال أعماله المتميزة، والتي أسهمت في إثراء الثقافة البصرية على مدار عقود.
وتقدم الدكتور أحمد فؤاد هَنو، بخالص التعازي لأسرة الراحل وتلاميذه ومحبيه ، داعيًا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
نقيب الصحفيين: كانت لوحاته تعبيرا عن مصر المبهجة والواقع بتفاصيله
ولم يترك الكاتب الصحفي خالد البلشي نقيب الصحفيين، الوقت يمر كثيرًا، حتى عبر عن حزنه الشديد لوفاة الفنان حلمي التوني، ونعاه قائلا: “فقدت الثقافة والصحافة المصرية اليوم، فنانًا وصحفيًا ومثقفًا من طراز فريد.. كانت لوحاته ورسوماته تعبيرا عن مصر المبهجة وعن الواقع المصري بكل تفاصيله.. فقدنا اليوم واحدًا من أعمدة الفن التشكيلي والصحافة المصرية، وواحدًا من رواد الرسم الصحفي هو الأستاذ حلمي التوني والذي يحمل رقم 969 في عضوية نقابة الصحفيين، وكان أحد أعمدة جيل الرواد بينما شكلت رسوماته عنوانًا لجماليات الفن الصحفي، وكيف يصير الرسم الصحفي إضافة في الشكل والمضمون، وإضافة للمحتوى الأصيل ومعبرا عن أحلام الناس، وداعًا الأستاذ حلمي التوني.. وداعًا أيها المبدع الجميل والإنسان الذي جسدت رسوماته مفهومًا مختلفًا للإنسانية والجمال”.
واختتم البلشي: "خالص العزاء لكل أصدقائه وتلاميذه ومحبيه.. سلّم لنا على كل الجميلين الذين تركونا بينما بقيت أعمالهم وأعمالك لتخلد ذكرى عصر جميل.. وعزاؤنا أنكم أتحتم لنا بما تركتم أن تتشارك معكم قيمكم وقيمتكم".
أشرف رضا: سنفتقدك كثيرًا
كما نعى الفنان الدكتور أشرف رضا، الفنان التشكيلى حلمى التونى، واقتصرت كلمات الوداع على: " حلمى التونى ... وداعاً .. سنفتقدك كثيراً ... وفنونك وألوانك ... وضحكاتك وتعليقاتك ... وأغلفتك ولوحاتك ... إنا لله وإنا إليه راجعون".
الناقد صلاح بيصار: آخر فرسان الفن الصحفى
وكان للفنان والناقد التشكيلى صلاح بيصار، نصيبا من كلمات الوداع فور إعلان وفاة الفنان حلمى التونى، فقال: "ودعت الصحافة العربية والمصرية ..الفنان حلمى التونى آخر فرسان الفن الصحفى، وقد اضاف اضافة مهمة لهذا الفن فى المجلة والصحيفة والكتاب بين الإخراج والرسوم بمساحة مختلفة ويمثل علامة مهمة مع رواده الاوائل عبد الغنى ابو العنين وحسن فؤاد، وكان له دور كبير فى تطوير المجلات الى افاق الحداثة خاصة دار الهلال، مع فن الكتاب، الذى امتد معها الى العديد من دور النشر العربية بلبنان ودار الشروق بمصر، وهو صاحب الاغلفة المرسومة بمجلة الهلال ومجلة المصور".
وأضاف: " التونى من أهم فنانى الرسم الصحفى بلمسته الحديثة الخاصة ..وكانت له مساحة تعبيرية تخاطب الوجدان وتتلامس مع الأحداث بصحيفة السفير اللبنانية ..كما أسهم فى الارتقاء بكتاب الطفل العربى ايضا فى الرسوم و الاخراج بدور النشر المختلفة من دار الفتى العربى ودار الشروق، مع مجلات الاطفال بداية من مجلة سمير والعربى الصغير الكويتية ..وفن الملصق وغيرها من إبداعات" .
وتابع: "وحلمى التونى مصور مجرب فى فضاء التصوير، .كانت له لغته الخاصة ..جمع فيها بين التعبيرية و السيريالية امتدت فى مراحل واتجاهات عديدة لعل أجملها ما قدم من اعمال بروح الفن الشعبى فى معزوفات مصرية باوتار شعبية .. الى حواراته البصرية مع الفن المصرى القديم والفن القبطى، فى إيقاعات تمتزج فيها الرموز من النخلة والهدهد والنفير والبيضة والطربوش والاهرامات،.مع حواء بتاج الحسن والجمال".
ووجه بيصار التحية الى روح الفنان التشكيلى حلمى التونى قائلا: "أسكنه الله فسيح جناته وتغمده برحمته" .
حلمى التوني فى سطور
يُعد الفنان حلمي التوني الذي رحل اليوم علامة مميزة فى تاريخ الفن المصري، فهو فنان تشكيلى متخصص فى التصوير الزيتى والتصميم، أحدث نقلة كبيرة فى إبداع تصميمات أغلفة الكتب، بالإضافة إلى لوحاته المشحونة بالجمال الأنثوى وسحر الخيال وحكايا التراث الشعبى.
أقام الكثير من المعارض الفردية فى مصر ومعظم الدول العربية منها معرض طوافة بقصور الثقافة فى عواصم المحافظات ١٩٦٥م، عرض بعنوان "وجوة جميلة زمن جميل" ١٩٩٨م، معرض (للنساء وجوه) ٢٠١٩م، وغيرها وساهم فى الكثير من المعارض الجماعية فى مختلف دول العالم منها ألمانيا - البرتغال - اليابان - لبنان - العراق - سوريا.
وأصدر "التونى" سلسلة كتب كان زمان، مناظر مصرية، أبواب مصرية ، بيت الفن، عروسة حنان ، المنمنمات.
عمل حلمى التونى أثناء دراسته بمجلة الكواكب الأسبوعية التابعة لدار الهلال منذ عام ١٩٥٦م مشرفا يصمم الأغلفة ويضع الرسوم التوضيحية، ثم تولى الإشراف على مجلة المصور ورسم فى مجلتى سمير، ميكى للأطفال وساهم فى إخراج مجلة (المسرح والسينما).
وانتقل للعمل بدار أخبار اليوم عام ١٩٧٣م، ولكن صدر قرار بعزل ١٠٤ صحفيين منهم التونى فسافر إلى لبنان عام ١٩٧٤م حتى تستقر الأمور وأقام هناك معرضا للوحاته الزيتية عام ١٩٧٥م.
حصل "التونى" على عدة جوائز من لوحاته فى صالون القاهرة - معرض القطن، وجائزة سوزان مبارك الأولى والتميز للرسم لكتب الأطفال ثلاث مرات.
كما حصل على جائزة اليونيسيف عن ملصقة للعام الدولى للطفل عام ١٩٧٩، وجائزة معرض بيروت الدولى للكتاب لمدة ثلاث سنوات متتالية منذ عام ١٩٧٧: ١٩٧٩، وحاز أيضا على جائزة معرض (بولونيا لكتاب الطفل) عام ٢٠٠٢، كما فاز بميدالية معرض (ليبرج الدولى لفن الكتاب) الذى يقام مرة كل ست سنوات.
أدرج اسم الفنان حلمى التونى فى موسوعة متحف فى كتاب تأليف من تأليف الدكتور صبحى الشارونى ( إصدار دار الشروق ١٩٩٨م).
ارتبط اسمه حلمى التونى بتصميم رسومات أغلفة الكتب والمجلات العربية التى وصلت لنحو ٤٠٠٠ كتاب ومجلة منها ٥٢ غلافا لأعمال نجيب محفوظ، وصمم عرائس شخصيات مسرحية (صحصح لما ينجح) التى ألفها صلاح جاهين، والتى حققت نجاحاً كبيراً على مسرح العرائس .
