تتنافس الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب مع بعضهما البعض الأسبوع المقبل فى أول مناظرة تليفزيونية بينهما، وهى مواجهة عالية المخاطر قد تمنح الفائز ميزة فى السباق الأخير إلى يوم الانتخابات.
وذكر الكاتب جيمس أوليفانت فى تحليل نشرته وكالة "رويترز" للأنباء، أنه بالنسبة لـ"هاريس"؛ فإن المواجهة فى فيلادلفيا يوم الثلاثاء المقبل، هى فرصة لتحديد أولوياتها وإظهار شجاعتها ضد منافس قلل من ذكائها وعرضها لهجمات عنصرية وجنسية.
وستتاح لترامب فرصة محاولة إضعاف بعض الزخم الذى اكتسبته هاريس فى السباق الذى أصبح أكثر صرامة منذ أن أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطى فى يوليو.
وتشير معظم استطلاعات الرأى إلى أن هاريس تتقدم قليلا على المستوى الوطنى وفى أغلب الولايات المتأرجحة، لكن ترامب لا يزال على مسافة قريبة من الفوز فى انتخابات الخامس من نوفمبر.
وأضافت الوكالة أن المناظرات قد تكون ذات أهمية بالغة، وقد تكون هذه المناظرة الوحيدة؛ فقد انسحب الرئيس جو بايدن من السباق بعد أداء متعثر فى يونيو. ولكن فى عام ٢٠١٦، اعتُبرت هيلارى كلينتون المنتصرة فى جميع مناظراتها الثلاث ضد ترامب، لكنه فاز فى الانتخابات.
تغيير المرشحين
فى الانتخابات التى تشهد مواجهة بين رئيس سابق ونائب الرئيس الحالي، يصور كلا المرشحين نفسيهما بشكل متناقض إلى حد ما كمرشحى "التغيير" الذين سوف يقلبوا الوضع الراهن.
وتسعى هاريس إلى الحصول على الفضل فى إنجازات إدارة بايدن دون أن تثقل كاهلها أخطاؤها، كما اقترحت أيضًا أن رئاستها ستمثل بداية جديدة للبلاد.
وعلى الرغم من بقائه أربع سنوات فى البيت الأبيض من ٢٠١٧ إلى ٢٠٢١، فقد صور ترامب نفسه مرة أخرى على أنه متمرد يتصدى لمؤسسات واشنطن.
ولكنه استغل أيضا خبرته على المسرح العالمى مقارنة بهاريس، حيث تعهد على سبيل المثال بأنه قادر على إنهاء الصراعات فى أوكرانيا وغزة وحماية البلاد من كوريا الشمالية المسلحة نوويا أو إيران.
هجمات ترامب الشخصية
ومنذ أن أصبحت هاريس مرشحة، شكك ترامب فى صحة تراثها وأطلق سلسلة من الهجمات الشخصية فى خطاباته ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، متحديا مساعديه وحلفائه الذين نصحوه بالتركيز أكثر على سياساتها.
وإذا كرر هذه الهجمات على منصة المناظرة، فقد يؤدى ذلك إلى تنفير الناخبين المترددين، وخاصة أولئك الذين يشككون فى أنه يتمتع بمزاج رئاسي.
وفى مناظراته ضد كلينتون عام ٢٠١٦، كان ترامب يغضب منها بشكل متكرر، ويقاطع المذيعين، ويشير بأصابعه إليها ويطلق عليها أسماء. وقد حاول نفس التكتيك مع بايدن فى عام ٢٠٢٠؛ ما دفع بايدن إلى القول "هل ستصمت يا رجل؟" بعد أن قاطعه ترامب عدة مرات.
لقد تجاهلت هاريس إلى حد كبير الهجمات الشخصية التى شنها ترامب حتى الآن. وسوف يراقب بعض المشاهدين كيف ستتعامل مع ترامب إذا ما استخدم أسلوبه المتسلط فى المناظرة.
ولكى تظهر تناقضا صارخا مع ترامب، يتعين عليها أن تظهر أنها لن تنجر إلى الحفرة معه.
المناظرة.. فرصة أمام هاريس وترامب
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن المناظرة هى فرصة هاريس لتأسيس هويتها السياسية الخاصة أمام ملايين الأمريكيين الذين يتابعونها. ولكن هاريس ليست معروفة مثل المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين الذين سبقوها مؤخرًا، وهو ما قد يكون بمثابة ميزة ضخمة فى انتخابات قال فيها الناخبون مرارًا وتكرارًا إنهم سئموا من مباراة العودة بين بايدن وترامب.
وستتاح لهاريس، المدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا، فرصة لإظهار مهاراتها فى الادعاء العام. وقد تحاول محاسبة ترامب على سلوكه بعد انتخابات ٢٠٢٠، بما فى ذلك مزاعم بأنه حرض حشدًا من المتابعين على مهاجمة مبنى الكونجرس الأمريكى فى ٦ يناير ٢٠٢١، فى محاولة أخيرة للبقاء فى السلطة.
وقد تمكنها خبرتها فى قاعة المحكمة أيضًا من دحض أكاذيب ترامب فى الوقت الفعلى بطريقة أكثر فعالية مما كان بايدن قادرًا على فعله خلال مناظرتهما فى يونيو.
بالنسبة لترامب، فإن المناظرة تمنحه أفضل فرصة حتى الآن للتأكيد على أن هاريس ليست جاهزة لإدارة البلاد وأنه الخيار الأفضل لهذه الوظيفة.
ومن المرجح أن يهاجم ترامب هاريس بسبب سياسات إدارة بايدن الأمنية على الحدود، والتى فشلت فى منع عدد قياسى من المهاجرين من العبور إلى الولايات المتحدة قبل تشديدها فى وقت سابق من هذا العام، فضلًا عن ارتفاع أسعار المستهلك التى يزعم ترامب أنها جعلت من الصعب على أسر الطبقة المتوسطة تلبية احتياجاتها.
ولكن ترامب قد يواصل محاولاته تحميلها مسؤولية الخروج الأميركى الفوضوى من أفغانستان فى عام ٢٠٢١؛ ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان المرشح الذى اعتمدت حملته على "الفرح" و"الأجواء" مستعدا لتولى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
نقاط الضعف
وأوضحت "رويترز" أن الديمقراطيين ظلوا يقولون منذ أشهر إن ترامب لديه ميول استبدادية ويشكل خطرا على الديمقراطية. وقد تكرر هاريس هذا الهجوم بالإضافة إلى الضغط عليه بشأن معارضته للإجهاض، وهى واحدة من أكثر قضاياه السياسية ضعفا.
ومن المرجح أن تسلط الضوء على دوره فى تعيين قضاة فى المحكمة العليا الأمريكية ساعدوا فى إلغاء الحماية الدستورية لهذا الإجراء، وتحذر من أن حقوق المرأة الإنجابية سوف تتعرض لمزيد من التقليص فى ظل رئاسة ترامب الثانية.
وقال مساعدو ومستشارو هاريس إنها تخطط للتركيز على ما يسميه فريقها إخفاقات ترامب بشأن جدار الحدود الأمريكية والبنية التحتية وجائحة كوفيد-١٩.
وتنتقد هاريس ترامب أيضًا بسبب سياساته الاقتصادية خلال إدارته، وتجادل بأنه أمطر الشركات بتخفيضات ضريبية وعارض رفع الحد الأدنى للأجور.
قد تحاول ربطه بمشروع ٢٠٢٥، وهو مخطط حكم وضعته مؤسسة هيريتيج المحافظة، ويقول المنتقدون إنه قد يسيء استخدام السلطة التنفيذية. وقد حاول ترامب أن ينأى بنفسه عن الخطط.
وقد تثير أيضا إدانة ترامب بارتكاب جناية فى قضية الأموال التى اشتراها من ممثلة أفلام إباحية فى وقت سابق من هذا العام، فضلا عن اتهامات الاعتداء الجنسى التى واجهها.
فى غضون ذلك، قد يذكر ترامب المشاهدين بالسياسات الليبرالية التى تبنتها هاريس خلال الحملة الرئاسية لعام ٢٠٢٠ والتى تخلت عنها الآن، بما فى ذلك إلغاء التأمين الصحى الخاص ودعم ما يسمى "الصفقة الخضراء الجديدة" - وهو برنامج ضخم للطاقة النظيفة.