الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

نساء غزة بين الصمود والدمار.. جحيم تعيشه العاملات فى مجال الإغاثة الإنسانية

جحيم تعيشه العاملات فى مجال الإغاثة الإنسانية

نساء غزة
نساء غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحولت غزة إلى أخطر منطقة فى العالم على العاملين فى مجال الإغاثة، الذين يسعون لتقديم الرعاية العاجلة لأكثر من ١.٩ مليون فلسطينى نازح داخليًا، رغم فقدان العديد منهم لأحبائهم، يواصل هؤلاء المساعدون عملهم فى ظل المخاطر الشديدة.

ومع استمرار القصف الإسرائيلى منذ السابع من أكتوبر، شهدت غزة تصاعدًا خطيرًا فى العدوان، مما أسفر عن معاناة إنسانية واسعة النطاق.

الهجمات الجوية والأعمال العسكرية تستهدف الأحياء السكنية والبنية التحتية، مما يؤدى إلى وقوع آلاف الضحايا وتشريد عشرات الآلاف من المدنيين.

ولم يسلم العاملون فى المجال الإنسانى من هذه الاعتداءات؛ حيث يتعرضون لانتهاكات واعتداءات متكررة، مما يعقد الأوضاع ويعطل جهود الإغاثة الضرورية فى هذا القطاع المحاصر.

وتحدثت بثينة صبح، مديرة جمعية الوفاق للمرأة ورعاية الطفولة، لصحيفة «الجارديان» البريطانية، قائلة: «لن أخفى عنكم أننى أعانى من القلق. مثل معظم العاملين فى المجال الإنساني، لا أستطيع النوم. الخوف يطاردنا فى كل خطوة.

أنا واحدة من مؤسسى جمعية الوفاق، ومنذ عام ٢٠١٠، كان عملنا الأساسى هو تقديم الحماية والدعم الاقتصادى والقانونى والنفسى للنساء اللاتى تعرضن للعنف وللأطفال المعرضين للخطر».

وأضافت بثينة: «عندما بدأت الحرب فى غزة، واصلت العمل بسبب إيمانى بحقوق المرأة كحقوق إنسان. هذا الإيمان هو ما ألهمنى فى المقام الأول وأدى إلى استمرارى فى العمل. نواجه تحديات كبيرة، خاصة كنساء، عند الخروج لتقديم المساعدات الإنسانية. نحن نعيش فى حالة توتر دائم، حيث نودع منازلنا وأطفالنا دون ضمان العودة إليهم».

وصفت «صبح» مشاعرها بقولها: «عملنا يعرضنا للعديد من الانتهاكات والشعور بعدم التصديق.

تخيل أن تذهب لمساعدة الناس، بينما تخشى عدم العودة لرؤية أطفالك وأحبائك هذا شعور مرعب يجعلنا نعيش فى صراع دائم بين حماية أنفسنا وعائلاتنا وواجبنا الإنساني».

وأضافت: «على الصعيد الشخصي، أنا مقيمة فى رفح، وكنا نستضيف فى منزلنا من ٣٠ إلى ٣٥ شخصًا فقدوا منازلهم، وكل منهم فى حالة نفسية مختلفة. كان منزلنا أيضًا مركزًا للجمعية، حيث قمنا بالعمل الإدارى من منزلي، مما أدى إلى مشاعر مختلطة حول الواجب والمسئولية، وأيضًا إلى شعور بالذعر، خاصة مع استهداف الاحتلال لمن يقدمون الخدمات الإنسانية».

وتابعت: «فى كل لحظة، كنت أتوقع أن يتم تفجير المنزل بعد الشهر السادس، وأصبح الخوف مسيطرًا على أطفالى بسبب ما نراه فى الخارج وعلى التلفاز، وأجبرت على مغادرة غزة والذهاب إلى مصر مع ابنتي، بينما حاولت تأمين مكان لبقية الأسرة. ولكن قبل وصول أبنائى الصغار إلى مصر، حدث غزو رفح.

وهذا هو شهرى الخامس بدونهم، وأشعر بعدم التوازن لأن نصف قلبى فى مصر والنصف الآخر فى غزة».

وتابعت صبح: «أُجبر أطفالى وزوجى على الانتقال إلى منطقة المواصى فى خان يونس للعيش فى الخيام، وهو وضع مخيف للغاية. قبل شهر، تم تدمير منزلى بالكامل، وهو حلم العمر الذى ضاع. لدينا دفعات مستحقة من سعر المنزل، وسأستمر فى سداد الديون للسنوات الخمس القادمة.

من الصعب أن تشعر بفقدان كل شيء، وهذا هو شعور كل من فقد منزله وحلمه وأحباءه فى غزة. أحيانًا كنت فى الميدان والمنازل والسيارات تُقصف على بعد ٣٠٠ متر منا.

وأخبرنى متطوعو الوفاق عن الاعتداءات الجنسية والتحرش بالنساء النازحات من الشمال إلى رفح من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وعندما رأينا الشباب يُدفنون أحياء فى المقابر فى خان يونس، خشينا أن يواجه أطفالنا نفس المصير. عانينا الكثير خلال ١١ شهرًا. القول بأن نساء غزة صامدات وإرسال صورة للعالم بأننا أسطورة وأننا أكثر قدرة على الصمود لن يكون صحيحًا.
نحن صامدات فقط أمام عائلاتنا وأطفالنا حتى لا ينهاروا، ولكننا نُدَمَر داخليًا. نساء غزة مرهقات جسديًا ومكسورات نفسيًا. نحن نحاول جعل الآخرين يشعرون بالأمان رغم العبء والضغط النفسى الذى نتحمله. الحاجة للدعم النفسى قد زادت فى الشهرين الماضيين لأن النساء لم يعد بإمكانهن تحمل الضغط».

وأشارت «صبح» إلى أن النساء فى غزة فقدن خصوصيتهن وكرامتهن وإنسانيتهن، حيث تعرضت بعضهن لاعتداءات جنسية وتحقيقات فاحشة، وفقدن أزواجهن وأبنائهن وإخوانهن. بعضهن فقدن كل شيء، من عائلاتهن إلى مصادر رزقهن، وأصبحن يعتمدن تمامًا على الآخرين.

وأضافت: «فى غزة، نسمع عن المفاوضات، ولكن لدينا أمل ضئيل فى حدوث هدنة. نحن لا نملك سوى أمل ضئيل فى حدوث معجزة من الله».

وختمت «صبح» بقولها: «نريد أن نعيش حياة طبيعية بين أطفالنا فى أمان، نخطط للمستقبل. كنساء غزة، نحن مدمَّرات نفسيًا. ليس لدينا أحلام أو آمال ونحن فقط نتمنى أن نبقى على قيد الحياة نحن وأطفالنا.

وإلى النساء فى جميع أنحاء العالم، أقول: شكلن تحالفات وارفعن أصواتكن لوقف الحرب واحترام كرامة الإنسان.