أكد جان لوك ميلانشون، أحد أبرز السياسيين والوجه البارز لليسار الفرنسي على الدفاع عن المسلمين بشكل دائم بكل قوته باعتبارهم مضطهدين، رغم ما قدموه من تضحيات لفرنسا.
وقال في حوار خاص لـ "البوابة نيوز": "علاقات فرنسا مع العالم العربي، وخاصة مع منطقة الشرق الأوسط، عميقة ومتينة، وقد وضع الرئيس شارل ديغول الأسس لهذه السياسة التي يجب الحفاظ عليها وتعزيزها.
أما بالنسبة للمغرب العربي، فإن سياسة ماكرون تبدو غير متماسكة ومربكة، إذ يبدو أنه يتنقل بين المواقف دون وضوح، والمغرب العربي، الذي يشكل حوضًا صغيرًا للبحر الأبيض المتوسط، يمثل منطقة حياة مشتركة مع فرنسا. لدينا في فرنسا ملايين من المواطنين من أصول مغاربية: ثلاثة ملايين مزدوجي الجنسية «فرنسي - جزائري»، ومليون على الأقل «فرنسي - مغربي»، وأربعمئة ألف «فرنسي - تونسي»، ومئة ألف من ذوي الأصول المصرية. هؤلاء هم جزء من نسيج المجتمع الفرنسي، ونحتاج إلى سياسة متماسكة تحترم هذه الروابط وتدعمها".
وأضاف: "من الأهمية بمكان أن نتبنى سياسة محترمة ومتبادلة مع الدول المغاربية. لا نقبل أن يتم التحدث إلينا بطريقة غير لائقة، لكن علينا أيضًا أن نفهم أن الآخرين لا يقبلون ذلك أيضًا. إن الأوضاع متوترة بعض الشيء، خاصة مع الجزائر التي لها تاريخ معقد مع فرنسا. يجب علينا تصحيح هذه العلاقة وبناء أساس جديد من التعاون والاحترام المتبادل، وأستذكر فكرة ساركوزي الجيدة بإنشاء «اتحاد ٤+٥» الذي جمع بين الساحل الأوروبي والمغاربي، بما في ذلك موريتانيا. كان ذلك خطوة مهمة لإعادة تأسيس العلاقة بيننا. إذا أصبحت رئيسًا، سأعمل على تطوير هذا التعاون وتعزيز الروابط بين فرنسا والمغرب العربي بما يخدم مصالح الجميع ويعزز السلام والاستقرار في المنطقة".
وأوضح: "بعض الأشخاص بسبب اهتماماتهم التي تتوافق مع مجتمعهم أو عرقهم، مثل إيريك زمور وآخرين، حولوا العلمانية إلى إلحاد الدولة. هذا لا يمكن أن ينجح. أو نقول إن هناك ديانة يهودية مسيحية تقليدية في فرنسا. لكن الأمر انتهى، فحتى الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية لم تطلب ذلك أبدًا".
وتابع: "لقد اعترفت على مضض بالجمهورية عام ١٩٢٠، ومسألة فصل الكنيسة عن الدولة، وقد تم ذلك. أرى أن للمسلمين الحق في الاحترام وحرية العبادة والضمير، ولا يملك أحد في فرنسا القدرة على إنكار ذلك، ويجب محاربة أولئك الذين يعارضون ذلك. عندما تكون هناك تهديدات ضد المساجد، عندما تكون هناك هجمات ضد المسلمين، يجب على المجتمع الوطني بأكمله أن يرد، كما يفعل عندما تكون هناك هجمات ضد كنيسة كاثوليكية أو معبد يهودي".
وذكر: "ولا يعني هذا أن يجبر أحد على الإجهاض؛ لأن هناك قانونًا لحرية الإجهاض. لأن إذا قررت المرأة، بناء على إيمانها، أنها لن تجهض، فهي حرة في ذلك، ولن نجبرها. في الديانات التوحيدية الثلاث الكبرى. لقد توصل جميعهم تقريبًا إلى النقطة التي اعتبروا فيها أن الحكم في الخير والشر هو يعود فقط على الأخلاق الفردية للشخص، فكل إنسان مسئول عن أفعاله حتى في الإسلام موجود، ومكتوب في كتبكم أن الله لا يفعل الشر ولكن الناس من يفعله إلخ. وبالتالي فإن هذا يجعل الشخص مسئولًا بشكل فردي، ومن هنا لا صعوبة في توضيح أن الدولة لا تتدخل في الدين، وبأن الدين لا يتدخل في الدولة العلمانية. إذا قام شخص متعصب في فرنسا بممارسات مخالفة للقانون فيجب معاقبته، فالقانون واحد على الجميع. لكن شعور المسلمين في فرنسا هو أن القانون ليس هو نفسه بالنسبة لهم. لذلك عندما نريد خلق أو تعزيز الوحدة الوطنية في فرنسا، يجب أن نهتم بمشاعر المسلمين، وأؤكد أن ٩٩.٩٩٪ من المسلمين في فرنسا لا يشكلون أي نوع من المشاكل للقوانين ولا للجمهورية".
وحول موقفه من المسلمين قال: "لأنني أعرف الضرر الذي سببناه لبعضنا البعض في فرنسا على مدى سنوات عديدة. فالحرب بين الكاثوليك والبروتستانت التي استمرت ثلاثة قرون في بلادنا أزهقت أرواح الملايين. لذا فإن حرية المعتقد في فرنسا هي وريثة حرية العبادة التي كانت المطلب الأول. في ذلك الوقت، لم يكن أحد يطالب بحرية المعتقد في فرنسا. لم يكن الأمر كذلك حتى القرن الثامن عشر، عندما قام فيلسوف الحقبة النورية بمركزية مسألة حرية الضمير، وبالتالي حرية المعتقد. لذا، نعم، أنا أحمي المسلمين بقدر ما أستطيع؛ لأنهم يتعرضون لسوء المعاملة، والتمييز، والإذلال، لأن ما فعلوه من أجل الوطن لم يتم الاعتراف به أبدًا. وأنا، من على منصة الجمعية الوطنية، سألت العنصريين، أين كنتم عندما كان المسلمون يقاتلون في مونتي كازينو وأماكن أخرى لتحرير فرنسا. نعم أفعل ذلك والكل يعرف تصوري عن الأديان؛ لقد وضعت الدين جانبًا دائمًا، لكني أدافع عن حقوق المسلمين في الإيمان وممارسة شعائره".