الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

مجزرة بارسالوجو.. تصاعد العنف يهدد استقرار بوركينا فاسو

مجزرة بارسالوجو..
مجزرة بارسالوجو.. تصاعد العنف يهدد استقرار بوركينا فاسو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة، مسئوليتها عن الهجوم الإرهابى الذى وقع فى ٢٤ أغسطس فى شمال وسط بوركينا فاسو، والذى أسفر عن مقتل ما يقرب من ٣٠٠ شخص. وتؤكد الجماعة أن الهجوم استهدف أعضاء ميليشيات مرتبطة بالجيش البوركينابى وليس المدنيين، وفقًا لموقع سايت الأمريكي.
ويعد الهجوم الذى وقع بالقرب من بلدة بارسالوجو أحد أعنف الهجمات في أزمة العنف الإسلاموي المستمرة في بوركينا فاسو. ومع ذلك، أفادت مجموعة من أقارب الضحايا أن ما لا يقل عن ٤٠٠ شخص قُتلوا عندما استهدف الإرهابيون مدنيين يحفرون خنادق دفاعية بأوامر عسكرية.
وتقول جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في بيانها، الذى ترجمه موقع "سايت"، إن الضحايا كانوا من الميليشيات وليسوا مدنيين كما ورد في البداية. وعلى الرغم من هذا الادعاء، أظهرت عدة مقاطع فيديو نشرها المسلحون العديد من الجثث بملابس مدنية.
ويسلط الهجوم الضوء على المخاطر التى يواجهها المدنيون فى بوركينا فاسو، الذين يشاركون بشكل متزايد فى الجهود العسكرية ضد الجماعات الارهابية. وأشار رايان كومينجز من منظمة سيجنال ريسك إلى أن المدنيين الذين يساعدون الجيش غالبًا ما يتم استهدافهم باعتبارهم متعاونين.
ولم يعلن المجلس العسكرى في بوركينا فاسو عن أعداد محددة للضحايا، لكنه أكد أن الضحايا من المدنيين والجنود والمتطوعين المساعدين. وذكرت قناة التليفزيون الحكومية أن الهجوم وقع بينما كان السكان المحليون منخرطين في أعمال مجتمعية.
انتقدت منظمة الدفاع عن حقوق المواطنين قرار الجيش باستخدام المدنيين لبناء الخنادق، والذين زعموا أنه أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وقد ساهمت أعمال العنف الأخيرة في إثارة اضطرابات كبيرة، حيث قُتل أكثر من ٦٥٠٠ مدنى منذ أوائل عام ٢٠٢٠، وفقًا لمشروع بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح.
وقد قيّم مركز مكافحة الإرهاب في السابق أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تهدف على الأرجح إلى تأسيس دعم غير متنازع عليه حول كايا من خلال قمع مقاومة متطوعي الدفاع عن الوطن وإضعاف قدرة وإرادة قوات الأمن على إجراء دوريات وعمليات خارج قواعدها.
كايا هي نقطة استراتيجية في شمال وسط بوركينا فاسو وتضم القاعدة العسكرية الرئيسية في المنطقة الواقعة بين الأراضي المتنازع عليها من قبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين والعاصمة واجادوجو.
كانت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قد زادت بالفعل من شدة هجماتها على طول الطريق N٣ شرق كايا في مايو ويونيو. أدى هجوم كايا إلى رفع عدد القتلى في هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين منذ مايو في مقاطعتي نامينتينجا وسانماتنجا حول كايا إلى ٤٢٠ شخصًا على الأقل مقارنة بـ ١٩٩ شخصًا فقط في الأشهر الأربعة الأولى من عام ٢٠٢٤.
يتبع النشاط المتزايد الشدة حول كايا نمط جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في محاصرة المدن- بما فى ذلك العواصم الإقليمية- حول بوركينا فاسو.
تستخدم المجموعة هذه الاستراتيجية لتعزيز السيطرة على المناطق الريفية، واجتياح المدن الضعيفة والمعزولة، وفرض نفوذها الظلى على المراكز المحاصرة من خلال السيطرة على النشاط الاقتصادي فى المناطق المحيطة.
يضيف الهجوم إلى الضغوط الداخلية المتزايدة للإطاحة بالمجلس العسكرى فى بوركينا فاسو. وقد نجا المجلس العسكري من انقلاب محتمل في أوائل يونيو بعد أن قتلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أكثر من ١٠٠ جندي بوركيني فيما كان الهجوم الأكثر دموية على القوات البوركينابية.
ويعانى المجلس العسكري الآن من أعنف هجوم ضد القوات البوركينابية وربما الهجوم الأكثر دموية بشكل عام في بوركينا فاسو في أقل من شهر. نصب مسلحو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين كمينًا لقافلة عسكرية في ٩ أغسطس، مما أسفر عن مقتل أكثر من ١٤٠ جنديًا بوركينيًا ونحو ٥٠ مدنيًا.
تحول الصراع
يمكن أن تُعتبر مجزرة بارسالوجو نقطة تحول في الصراع في بوركينا فاسو لعدة أسباب؛ منها:
تصعيد غير مسبوق للعنف: فالهجوم الذى أدى إلى مقتل ما يقرب من ٣٠٠ شخص يعد واحدًا من أعنف الهجمات في تاريخ الصراع في بوركينا فاسو. إذ تأكدت التقارير التي تشير إلى استهداف المدنيين، فهذا يعنى أن الجماعات المسلحة باتت مستعدة للقيام بعمليات واسعة النطاق وبلا تمييز، مما يزيد من خطورة الوضع.
وكذلك زيادة التوترات بين السكان المحليين والجيش: فإذا كان الضحايا بالفعل من المدنيين الذين كانوا ينفذون أوامر الجيش بحفر خنادق دفاعية، فقد يؤدى ذلك إلى تفاقم العداء بين السكان المحليين والقوات الحكومية. هذا الأمر قد يعزز من تجنيد الجماعات المسلحة لعناصر جديدة من بين السكان الغاضبين. ولا شك أن مجزرة بهذا الحجم يمكن أن تجذب انتباهًا دوليًا أكبر للأزمة فى بوركينا فاسو، مما قد يؤدى إلى تدخلات دولية أو تعزيز الدعم العسكري والمساعدات الإنسانية للبلاد. ومثل هذه المجزرة قد تدفع الحكومة والقوى الدولية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في مكافحة الإرهاب في المنطقة، بما في ذلك التفكير في تقوية الدفاعات، تحسين الاستخبارات، وزيادة التنسيق مع الدول المجاورة. بناءً على هذه النقاط، يمكن القول إن مجزرة بارسالوجو قد تشكل منعطفًا حاسمًا في الصراع في بوركينا فاسو، سواء من حيث تصعيد العنف أو إعادة تشكيل السياسات المحلية والإقليمية والدولية تجاه الأزمة.
التداعيات المحتملة
مجزرة بارسالوجو قد تؤدى إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة، مثل زيادة فى النزوح والهجرة، حيث إن العنف المتصاعد قد يدفع المزيد من السكان إلى الفرار من مناطقهم، مما يزيد من أعداد النازحين داخليًا واللاجئين إلى الدول المجاورة.
هذا قد يخلق أزمة إنسانية أوسع نطاقًا ويزيد الضغط على الدول المجاورة التى تعانى بالفعل من مشاكل أمنية واقتصادية.
وكذلك تعزيز التجنيد للجماعات المسلحة، فمثل هذه الهجمات الوحشية قد تستغلها الجماعات المسلحة فى ترويج دعاية متطرفة وزيادة تجنيد الشباب الذين يشعرون بالغضب والإحباط من العنف والفقر. هذا قد يؤدى إلى توسيع نطاق الصراع ليشمل مناطق جديدة وزيادة عدد المقاتلين في صفوف الجماعات الإرهابية.
ولا شك أن استهداف المدنيين، سواء كانوا يحفرون خنادق دفاعية أو لا، يمكن أن يؤدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي وزيادة الانقسامات داخل المجتمع المحلي. هذا قد يؤدى إلى نشوب نزاعات داخلية بين الفصائل المحلية وبين السكان والجيش.
كذلك تفاقم انعدام الثقة في الحكومة، إذا تبين أن الحكومة لم تتمكن من حماية المدنيين أو أنها تورطت بشكل غير مباشر في هذه المجزرة، قد يؤدى ذلك إلى زيادة انعدام الثقة في مؤسسات الدولة وتعزيز الشعور بالعجز والفوضى، مما قد يضعف قدرة الحكومة على فرض القانون والنظام.
وزيادة التدخل الدولي، فهذا النوع من الهجمات قد يجذب المزيد من الاهتمام الدولي، مما قد يؤدى إلى تدخلات خارجية، سواء عبر تقديم مساعدات عسكرية أو إنسانية.
ومع ذلك، هذا التدخل قد يكون سيفًا ذا حدين، حيث يمكن أن يؤدى إلى تفاقم الصراع إذا لم يتم تنسيقه بشكل صحيح مع الحكومة المحلية والقوى الإقليمية. وكذلك تدهور الأمن الإقليمي، فإن انتشار العنف فى بوركينا فاسو قد يمتد إلى الدول المجاورة، مثل مالي والنيجر، حيث تنشط نفس الجماعات المسلحة. وهذا قد يؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها وزيادة التعقيدات الأمنية في منطقة الساحل. في ضوء هذه التداعيات، يمكن القول إن مجزرة بارسالوجو قد تسهم في زيادة عدم الاستقرار في بوركينا فاسو والمنطقة المحيطة بها، مما يستدعى استجابة حازمة وشاملة من الحكومة والمجتمع الدولي.