في عمق محيطات الأرض الشاسعة وغير المستكشفة، حيث تغطي المياه حوالي 70% من سطح كوكبنا، يوجد عالم مليء بالغموض والأسرار. ورغم التقدم التكنولوجي الهائل، إلا أن 95% من محيطاتنا لا تزال مجهولة. ومع ذلك، تمكن فريق من علماء المحيطات مؤخرًا من الكشف عن اكتشاف مذهل في رحلة استكشافية غير مسبوقة إلى سلسلة جبال نازكا، حيث تم العثور على جبل بحري ضخم يعج بالحياة غير المكتشفة.
الاكتشاف الكبير
توجه العلماء من معهد شميدت للمحيطات في رحلتهم الاستكشافية إلى سلسلة جبال نازكا، التي تقع على بعد 900 ميل من ساحل تشيلي. باستخدام تقنيات الروبوتات تحت الماء، تمكن الفريق من رسم خريطة للجبل البحري الضخم الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 1.9 ميلًا – وهو ما يعادل ثلث ارتفاع جبل إيفرست. لكن الأهم من ذلك، أن هذا الجبل البحري كان موطنًا لما لا يقل عن 20 نوعًا من الكائنات البحرية التي لم تُرَ من قبل.
أنواع جديدة ومثيرة
من بين الكائنات المكتشفة، نجد ضفدع البحر الذي يتميز بمظهره الغريب، ووحشين طائرين يشبهان السباغيتي، وأخطبوط كاسبر الذي يتميز بشفافيته المدهشة. هذه الكائنات لم تكن معروفة من قبل للعلماء، وتكشف عن التنوع الحيوي الهائل الذي يختبئ في أعماق البحار.
توفر اللقطات التي تم التقاطها خلال الرحلة الاستكشافية أول نظرة على هذه الكائنات الغامضة. وقد كانت هذه الاكتشافات غير متوقعة تمامًا، حيث تم العثور على حديقة مرجانية نادرة تبلغ مساحتها حوالي 800 متر مربع – أي ما يعادل مساحة ثلاثة ملاعب تنس – وهي مليئة بالكائنات الحية غير العادية مثل الأسماك الصخرية ونجم البحر الهش وسرطان البحر الملكي.
أهمية الاكتشاف
لم تكن هذه الرحلة الاستكشافية الأولى من نوعها في هذه المنطقة. فقد كانت هذه الرحلة الثالثة هذا العام ضمن سلسلة من الاستكشافات التي قامت بها بعثات معهد شميدت للمحيطات. وقد نجحت البعثات السابقة في توثيق أكثر من 150 نوعًا جديدًا من الكائنات البحرية، مما يجعل من هذه المنطقة نقطة ساخنة للتنوع البيولوجي في أعماق البحار.
قال تومر كيتير، كبير العلماء المشارك في البعثة وخبير الشؤون البحرية في معهد شميدت للمحيطات: "في ختام بعثتنا الثالثة إلى المنطقة، استكشفنا حوالي 25 جبلًا بحريًا في سلسلة جبال نازكا وسالاس يي جوميز". وأضاف: "تسلط نتائجنا الضوء على التنوع المذهل لهذه النظم البيئية، في حين تكشف في الوقت نفسه عن الثغرات الكبيرة في فهمنا لكيفية ترابط النظم البيئية الجبلية البحرية."
تداعيات مستقبلية
قبل بعثات معهد شميدت للمحيطات، كان من المعروف أن هذا الجزء من المحيط الهادئ موطن لـ 1019 نوعًا بحريًا. لكن مع الاكتشافات الجديدة، يتجاوز هذا العدد الآن 1300 نوعًا، ويواصل الارتفاع. يأمل العلماء أن تساعد هذه النتائج في جمع بعض الألغاز المختبئة في محيطاتنا غير المستكشفة وتؤدي إلى حماية أفضل لهذه البيئات البحرية النادرة.
هذه الاكتشافات ليست مجرد إنجاز علمي؛ إنها تذكير بمدى قلة معرفتنا بالعالم تحت سطح البحر، وإشارة إلى الحاجة الملحة لمزيد من البحث والحماية لهذه العوالم الهشة التي قد تكون أكثر عرضة للتغيرات البيئية مما كنا نتوقع.
