في نوفمبر عام 1967، وبعد حفلها الأسطوري على مسرح أوليمبيا في باريس، أظهرت السيدة أم كلثوم، في لقاء نادر الجانب الوطني العميق لشخصيتها، وهو الجانب الذي لطالما أظهرته في فنها وأدائها المتميز. حيث تحدثت كوكب الشرق أم كلثوم بكلمات بسيطة، ولكنها حملت في طياتها معانٍ عميقة عن حب الوطن والانتماء إليه.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مقتطف من هذا الحوار النادر، ورغم بساطة كلمات السيدة أم كلثوم، إلا أنها كانت بمثابة رسالة خالدة لجميع الأجيال، أن حبها لمصر يتجاوز حدود الغناء والفن.
وجاء نص الحوار الذي أجرته الإعلامية سلوى حجازي، مع كوكب الشرق في باريس، كالتالي:
المذيعة: سمعنا إن أجرك عن حفل باريس هو أكبر أجر أخده فنان هنا وهو 14 ألف جنيه إسترليني.. هل صحيح هيروح كله للمجهود الحربي؟
أم كلثوم: مش كتير عليه
المذيعة: شيفاكي عايزاكي ترجعي بسرعة.. وبتسألي موعد الطيارة امتى عايزين نخلص ونروح؟
أم كلثوم: طبعًا عايز أروح بلدي
المذيعة: إيه عجبك في باريس ونفسك يتحقق في بلدك؟
أم كلثوم: لا احنا تقاليدنا حلوة ومش عايزين حاجة من حد ومنقلدش حد
احنا لينا تقاليدنا وحاجاتنا الخاصة الجميلة اللي نعتز بيها محبش نقلد بلد تانية
المذيعة: طب إيه أجمل مكان عجبك كل ما تيجي باريس تفوتي عليه؟
أم كلثوم ضاحكة: المسلة
المذيعة: ليــه؟
أم كلثوم: عشان بتاعتنا جزء من بلدنا
والسيدة أم كلثوم، المعروفة بـ«كوكب الشرق»، كانت ولا تزال رمزًا للفن العربي الأصيل وأيقونة وطنية مصرية. وُلِدت في 31 ديسمبر 1898 في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية بمصر. بدأت مشوارها الفني في سن مبكرة، وأصبحت بسرعة نجمة في سماء الفن العربي.
أم كلثوم لم تكن مجرد مغنية؛ بل كانت صوتًا يعبر عن مشاعر الأمة وآمالها وتطلعاتها، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الوطنية. وقدمت مجموعة من الأغاني الوطنية التي أصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية للشعب المصري والعربي، منها:
مصر التي في خاطري: تعتبر هذه الأغنية من أشهر الأغاني الوطنية لأم كلثوم، كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي.
أنا الشعب: كتبها الشاعر صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل. وهذه الأغنية تحمل رسالة قوية عن قوة وإرادة الشعب المصري.
والله زمان يا سلاحي: من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، أصبحت النشيد الوطني لمصر لفترة من الزمن. وتمثل الأغنية قوة الجيش المصري وروح المقاومة.
مصر تتحدث عن نفسها: أغنية أخرى من كلمات حافظ إبراهيم وألحان رياض السنباطي، تحتفي بمجد مصر وتاريخها العريق.
أصبح عندي الآن بندقية: كلمات الشاعر الفلسطيني نزار قباني وألحان محمد عبد الوهاب. هذه الأغنية تعبر عن التزام أم كلثوم بالقضية الفلسطينية ودعمها لنضال الشعب الفلسطيني.
طوف وشوف: كلمات حسين السيد وألحان رياض السنباطي، تأخذنا الأغنية في جولة حول معالم مصر الخلابة، وتُعبِّر عن فخر أم كلثوم بوطنها.
وهذه الأغاني، إلى جانب العديد من الأغاني الأخرى، لم تكن مجرد أعمال فنية، بل كانت رسائل قوية تعكس حب أم كلثوم لمصر والتزامها بقضايا وطنها وشعبها. وكانت أغانيها الوطنية وسيلة لتعزيز الروح الوطنية وبث الأمل في قلوب المصريين والعرب في أوقات الشدة والانتصار.