أعلنت خلال الساعات الماضية، جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، مسؤوليتها عن هجوم دامي كبير أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 200 شخص وإصابة حوالي 300 آخرين، وذلك حدث وسط بوركينا فاسو، في الاسبوع الماضي.
وعقب الهجوم قالت حكومة بوركينا فاسو، إنها سترد بحزم على الهجوم الإرهابي.
ويعتبر هذا الهجوم هو الأكثر دموية في بوركينا فاسو، خاصة انه قد نفذه عشرات الإرهابيين المدججين بالسلاح، الذين دخلوا القرية في الساعات الأولى من الصباح.
وبات تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، أكثر عنفا وارهابًا خلال الشهور الماضية، وكان ذلك ملاحوظ من كثرة العمليات الارهابية التي قاموا بها.
البداية
تأسست نصرة الإسلام في بداية شهر مارس 2017، كانت في البداية خليط من عدة مجموعات إرهابية متنوعة من حيث العرق لكن يجمعهم الولاء لتنظيم القاعدة، وتلك الجماعات هي جماعة " أنصار الدين" و"كتيبة المرابطين" و"إمارة منطقة الصحراء الكبرى" و"كتائب تحرير ماسينا"، وكان الثقل التنظيمي لهذه الجماعات في دولة مالي.
وكانت تركز في البداية على مبدأ أولوية قتال العدو البعيد وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأجنبية الاخرى.
أما الآن، اعتمدت على مبدأ أولوية قتال العدو القريب المتمثل في جيوش المنطقة، وذلك بناء على المصلحة التنظيمية وطبيعة الأوضاع على الأرض.
وهذا الأمر يفسر الهجمات شبه المستمرة للجماعة على جيوش كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو سواء بهجمات تقليدية أو هجمات انتحارية دامية.
أسست الجماعة ولايات لها في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد وموريتانيا، وتلك الدول تسيطر الجماعة على بعض المناطق فيها سيطرة تنظيمية، وهو ما جعلها جماعة عابرة للحدود.
وفي الوقت الراهن استغلت الجماعة الفوضى التي ضربت منطقة الساحل الإفريقي، وتداعيات الانقلاب العسكري الذي حدث في النيجر من اجل تكريس هيمنتها على مناطق نفوذها.
توسع وانتشار
في أغسطس 2020 هاجم عناصر نصرة الإسلام قوة للدرك في بلدة سانداري، تلك البلدة واقعة على بعد 80 كيلومترًا فقط من موريتانيا و200 كيلومتر من السنغال، واللافت للنظر حينها في هذه العملية أن الجماعة لم تعتد على تنفيذ هجمات بهذه الطريقة في هذه المنطقة بالاخص، وهو ما جعل الأمر يبدو وكأنه أشبه باستعراض للقوة من قبل الجماعة لإثبات الوجود والأحقية في السيطرة على الحدود مع موريتانيا والسنغال.
وعمدت الجماعة إلى تطوير أدائها بمحاصرة بعض المدن، ذلك على غرار محاصرتها مدينة تمبكتو التاريخية في مالي خلال أغسطس 2023، وحينها تم إغلاق كل طرق الدخول والخروج من وإلى هذه المدينة الواقعة على أطراف الصحراء، وتسبب حينها هذا الأمر إلى ارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية والمحروقات في المدينة.
كما لم يقتصر نشاط الجماعة على استهداف القوات الحكومية فحسب، بل تعداها إلى أن وصل لاستهداف القوات الأجنبية، على غرار إعلان الجماعة في إبريل 2024 القبض على عنصر ضمن مجموعة فاغنر الروسية التي تقاتل في منطقة جبالي في ولاية سيقو وسط مالي، وأسهم تصاعد نشاط تلك الجماعة في ارتفاع وتيرة الإرهاب في القارة الإفريقية، خصوصًا في ظل التنافس بين القاعدة وداعش على صدارة المشهد في القارة.
ودفع هذا التصاعد الولايات المتحدة الأمريكية في إبريل 2024، إلى الإعلان من خلال وزير خارجيتها " أنتوني بلينكن "، أن وزارته قامت بإدراج سبعة من قادة ما يعرف بـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، بسبب تورطهم في احتجاز رهائن أميركيين في غرب إفريقيا.
كما جاء في بيان الوزارة أن جماعة نصرة، يعد أكبر فروع تنظيم القاعدة وأكثرها فتكًا في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، خاصة عقب أن أعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات الاختطاف والهجمات منذ الإعلان عن إنشائها في 2017.
هذا الأمر يعنى أنّ الجماعة لديها القدرة على تهديد مصالح الدول الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
الأسباب
بحسب دراسة أجراها مركز "تريندز للبحوث والدراسات"، فيمكن القول إن هناك مجموعة من العوامل أدت إلى بقاء جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وإلى تمددها بالرغم من الضربات التي وجهتها لها القوى الدولية والإقليمية، بل وتصاعد تهديدها.
ويمكن تحديد أبرز تلك العوامل في النقاط الآتية..
الخبرة التنظيمية
إذ يتسم عناصر جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تشير بعض التقارير إلى أن عددهم يصل إلى نحو 2000 مقاتل بخلاف المتعاطفين ومن يقدمون الدعم المادي واللوجيستي، بالخبرة التنظيمية الواسعة والمهارة القتالية والقدرة على تحمل الظروف الجوية الصعبة والتعامل، ولديهم القدرة على التعامل مع التضاريس الجبلية الوعرة.
التمويل
وتعد جماعة نصرة الإسلام واحدة من أغنى التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم، بسبب تعدد مواردها الاقتصادية، ولم تعد الجماعة تقتصر في تمويلها على المصادر التقليدية مثل الضرائب والإتاوات وعمليات تهريب السجائر والمشتقات البترولية في المناطق التي تسيطر عليها، بل تخطت من خلال عمليات خطف الرهائن من مواطني الدول الغربية، التي تحصل منها على ملايين الدولارات.
وكذلك هناك التحالفات القبيلة والانتشار الجغرافي الواسع لها، كما أنها تستغل الفراغات الأمنية في الدول المجاورة والأزمات السياسية المستمرة، التي تعطي لها فرصة من ذهب في التوغل والانتشار وتصاعد موجة عنفها.