يحتفل جموع المسلمين من شتى بقاع الأرض في 12 ربيع الأول من كل عام بـ"المولد النبوي الشريف"، ويعتبر قدوم النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الدنيا حدثًا مميزًا ومقدسًا، قد تجلى حب المسلمين وتقديرهم للرسول وآل بيته في الاحتفالات التي بدأت من أرض مصر قبل آلاف السنين، ولم تقتصر الاحتفالات على مصر فقط، بل امتدت إلى العديد من الدول والشعوب حول العالم حتى يومنا هذا.
يرجع الاحتفال به إلى عصر الدولة الفاطمية، حيث اقتصر احتفال المولد النبوي على عمل الحلوى وتوزيعها وتوزيع الصدقات، والاحتفال الرسمي ينطلق بموكب قاضي القضاة، وتحمل صواني الحلوى، ويتجهون إلى الجامع الأزهر ثم إلى قصر الخليفة وتلقى الخطب ثم يدعى للخليفة، ويرجع الجميع إلى دورهم.
وفي عهد الدولة الأيوبية كان أول من احتفل بالمولد النبوي بشكل منتظم الملك مظفر الدين كوكبوري، حيث كان يصرف أموالا كثيرة في الاحتفال تصل إلى ثلاثمئة ألف دينار كل عام، وقبل المولد بيومين تٌخرج الإبل والبقر والغنم وتزف بالطبول والأناشيد، حتى يأتي بها إلى الميدان، ويشرعون في ذبحها، ويطبخونها، وكانت صبيحة يوم المولد، يجتمع الناس وينصب كرسي للوعظ بعدها تقام موائد الطعام.
بينما كان العثمانيون يحتفلون بالمولد في أحد الجوامع الكبيرة بحسب اختيار السلطان، وعندما تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة قصر الاحتفال على الجامع الحميدي، ويحضر إلى باب الجامع عظماء الدولة وجميعهم بالملابس الرسمية التشريفية، وعلى صدورهم الأوسمة، ثم يقفون في صفوف انتظارًا للسلطان، ويخرج السلطان على جواده بسرج من الذهب الخالص، وحوله موكب ضخم يسير الموكب بين صفين من جنود الجيش العثماني وخلفهما جماهير الناس، ويصلون المسجد ويبدأون بقراءة القرآن ثم قراءة قصة مولد النبي محمد، ثم ينتظم بعض المشايخ في حلقات الذكر، فينشد المنشدون وترتفع الأصوات بالصلاة على النبي.