جدل كبير يدور الآن في نقابة المحامين حول قانون الإجراءات الجنائية الجارى مناقشته من خلال لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالبرلمان كمرحلة من مراحل سن هذا التشريع الجديد إحلالاً له بدلاً من التشريع الحالي الصادر منذ عام 1950.
بحسب ما وصفته "المحامين" فيعد القانون والذي هو الركن الدستورى الركين للقضاء الجنائي، لما لهذا القانون من دور راسخ فى حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات فى جميع مراحل النظام الجنائى لما يهدف إليه من تعزيز الثقة والعدالة في النظام القضائى من خلال ضمان عدم تجاوز السلطات القانونية لحدودها والحد من تعسفها إذ هو ـ بحق ـ حجر الزاوية فى تحقيق العدالة الجنائية، بحسب وصفها.
حالة انعقاد دائم لنقابة المحامين
عقدت أول أمس، الإثنين، نقابة المحامين، اجتماعا عاجلا مشتركا بين مجلس النقابة العامة للمحامين ونقباء النقابات الفرعية، لبحث مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وأعلنت "المحامين" اعتبار مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التي سيجري رفعها.
كما أكدت نقابة المحامين أنها تستشعر نبض جمعيتها العمومية، وأنها لن تتخلى عن دورها الدستوري كشريك في إرساء قواعد العدالة، وصون الحقوق والحريات تحت مظلة القانون والدستور.
مشروع قانون لم يحظ بالدراسة الكافية
وصفت نقابة المحامين المشروع المطروح بأنه لم يحظ بالدراسة الكافية على الرغم مما تضمنه من مزايا واستحقاقات دستورية حتى يعبر عن الأهداف المتوخاة من التشريع.
وتابعت قائلة: فضلًا عن أنه لم يسبقه حوار فاعل وموسع فى المجتمع القانونى بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما أثارته بعض نصوص المشروع من لغط وجدل كبيرين في الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته بعض تلك النصوص من توسع فى سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.
ممثل النقابة يفاجئ بهذا العوار
أعلنت "المحامين" أن ممثلها في اللجنة الفرعية لمجلس النواب، قد أبدى أثناء المناقشات باللجنة الفرعية اعتراض النقابة على النصوص المعيبة، غير أنه فوجئ بعرض المشروع بذات أوجه العوار على لجنة الشئون التشريعية والدستورية.
قرر مجلس النقابة العامة للمحامين فى اجتماعه الذي انعقد بالاشتراك مع السادة نقباء المجالس الفرعية، يوم الإثنين الماضي، إعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها مقارنة بنصوص القانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
كما طالبت مجلس النواب بعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون في هذا الشأن، مع فتح كافة قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها.
البرلمان يخطر علام بالحضور
أخطر مجلس النواب، أمس الثلاثاء، نقيب المحامين، عبد الحليم علام رئيس اتحاد المحامين العرب، بتحديد مواعيد جديدة أيام الأحد والإثنين والثلاثاء الموافق 1 ،2 ،3 / 9 / 2024، لمناقشة تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
وجاء نص الخطاب كالتالي:
الأستاذ عبد الحليم علام نقيب المحامين.. تحية طيبة.. وبعد: "إلحاقًا بكتبنا لسيادتكم بشأن مناقشة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، في ضوء ما انتهت إليه اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب من إعداد مشروع قانون جديد ومتكامل للإجراءات الجنائية بمشاركة ممثل من نقابتكم الموقرة.
نقاط الجدل
طرحت "المحامين" أمثلة للمواد التي سببت لغط فعلى سبيل المثال لا الحصر:-
- أعاد مشروع القانون صياغة بعض من نصوص القانون الحالي المخالفة دستوريًا، والتي تتنافى مع اعتبارات وأسس العدالة حيث لم يورد المشروع أي تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي.
- لم يورد المشروع أي تعديلات على النصوص التي تمنح لسلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محام، والحق في حجب أوراق التحقيق عن المحامي، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التي لا ضابط لها.
- أعاد المشروع صياغة ذات النصوص التي تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم في بعض الحالات
- أعاد المشروع بحصر اللفظ ذات النصوص الخاصة بالطعن بالاستئناف على أحكام الجنايات، في تجاهل تام للملاحظات التي سبق إبداؤها وما أسفر عنه الواقع العملي من ثبوت خطأ بعض هذه النصوص.
- كرس المشروع ذات النصوص التي تقصر حق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجني عليه والمدعي بالحق المدني من ذلك الحق.
- ما استحدثه المشروع من حق لمحكمة الجنايات بدرجتيها من إقامة الدعوى الجنائية على كل فعل يقع خارج الجلسة، وترى المحكمة - في تقديرها - أن من شأنه الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير في قضاتها أو في الشهود دون تحديد نطاق محدد لمكان وزمان ارتكاب الجريمة ما يوسع من اختصاص المحكمة بالمخالفة لأصول المحاكمات الجنائية.
- تكريس الإخلال بحقوق الدفاع في عدد من المواد بإلغاء حق المحامي في إبداء ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق على النحو المقرر بالمادة 124 من القانون الحالي، وجاء المشروع ليمنح الحق لعضو النيابة بمنع المحامي من الكلام في صياغة أقل ما توصف به أنها تفتقر للذوق التشريعي.
وتمثل مساسًا بقيمة رسالة المحاماة وتنطوي على مساس بحقوق الدفاع لجعل ذلك رهينا بالإذن من قبل عضو النيابة العامة القائم على التحقيق.
- ما تضمنه المشروع من إساءة معنوية لرسالة المحاماة فيما نص عليه من إجراءات خاصة تتخذ ضد المحامي في جرائم الجلسات، فضلا عن عدم انضباط وفساد صياغته بما قد يقود إلى إعاقة عمل المحامي بذريعة الإخلال بنظام الجلسة.
- ما استحدثه المشروع من نص يسمح بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا في الدعوى.
-ما استحدثه المشروع من اعتبار الأحكام الصادرة غيابيًا في الجنح في حق المتهم حضورية، على سند من إعلان المتهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبما لا يتناسب مع الواقع العملى وما يحدث من تلاعب فى إعلان المتهم لحرمانه من العلم بتاريخ الجلسة.
وغير ذلك مما تتضمنه المشروع من أوجه عوار و مخالفات دستورية سيجري تفصيلها في مذكرة شارحة على هدي ما سيلي من قرارات.
لماذا تتضامن نقابة الصحفيين؟
لم يكن تضامن نقابة الصحفيين مع المحامين من أجل دعم نقابة مهنية فقط، بل أيضا حفاظا على حقوق أعضاءها الصحفيين في ممارسة عملهم بشكل حر ومستند إلى قانون يكفل حقوقهم.
وأكدت "الصحفيين" في بيان لها، أهمية العمل المشترك لخروج القانون بشكل يصون حقوق المجتمع والأفراد، ويكفل حريتهم فى إجراءات تقاضى عادلةً، وكذلك حقوق الصحفيين فى ممارسة عملهم، خاصة وأن القانون يعد العمود الرئيسى لمنظومة العدالة ودستورها، ونصوصه هى نصوص مكملة للدستور، وسيظل أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات فى جميع مراحل التقاضى، وأى خلل يناله سيقوّض أعمدة هذه المنظومة، وسيتسبب فى النيل من ثقة المواطنين فى نظام العدالة.
كما دعمت "الصحفيين" مطلب المحامين، ومطلب كل المهتمين بضرورة طرح المشروع لحوار مجتمعى شامل، تشارك فيه كل أركان منظومة العدالة، والمواطنين، وممثليهم والمؤسسات المعنية بالحقوق العامة، ونحذر من خطورة تمرير القانون دون نقاش عام، وهو ما سيمثل انعكاسًا لخلل كبير، وآثاره ستكون وخيمة على الجميع.
وكان قد أعلن خالد البلشي، نقيب الصحفيين، عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك: إن قانون الإجراءات الجنائية هو العمود الرئيسي لمنظومة العدالة ودستورها.. ونصوصه هي نصوص مكملة للدستور، وسيظل أحد أركان حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات في جميع مراحل التقاضي، وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة.