قبلت الهيئة العليا للانتخابات فى تونس أوراق ٣ مرشحين للتنافس على ولاية رئاسية جديدة فى البلاد تستمر لـ٥ سنوات قادمة، على رأسهم الرئيس الحالى قيس سعيد، وأمين عام حركة الشعب، زهير المغزاوي، ورئيس حركة عازمون العياشى زمال، وبعد شهر تكون تونس أمام استحقاق انتخابى مختلف خاصة وأن حركة النهضة الإخوانية التى كانت مسيطرة على الانتخابات لسنوات باتت هى الطرف الأضعف بعدما لفظها الشارع التونسي، واستطاع قيس سعيد تفكيك قبضتهم التى سيطروا بها على تونس.
وسط هذا المشهد الجديد للانتخابات التونسية، تترقب حركة النهضة أى فرصة تسمح لها باختراق المشهد السياسى وضمان عودتهم، وهو ما يمكن ملاحظته فى طريقتهم الرسمية وغير الرسمية فى التعاطى مع ملف الانتخابات التى تمثل لهم طوق نجاة من قيس سعيد الذى كشفهم وفضح طريقتهم فى السيطرة على المؤسسات فى البلاد.
ففى الموقف غير الرسمي، باءت محاولة عبد اللطيف المكى القيادى السابق بحركة النهضة ورئيس حزب العمل والإنجاز حاليا بالفشل، بعدما استبعدت الهيئة العليا للانتخابات أوراقه من المشاركة، لأسباب تتعلق بتزوير التزكيات الشعبية التى حصل عليها المرشح، وأمام القضاء قضت المحكمة برد الطعن الذى قدمه المكى على رفض أوراق ترشحه.
وعلى الرغم من أن الأصوات الرسمية لحركة النهضة وجبهة الخلاص تؤكد أن عبداللطيف المكى يمثل حزبه وتياره فقط، ولا يعبر عن الموقف الرسمى لجبهة الخلاص، إلا أن المراقبين يذهبون إلى أنها كانت محاولة من إخوان تونس لاختراق الانتخابات بمشاركة غير رسمية لهم.
أما الموقف الرسمى فهو الموقف الذى يعول على كسب المزيد من الوقت، ويظهر ذلك جليا عندما تتحدث قيادات حرة النهضة وجبهة الخلاص عن مؤشرات تفيد بأن الانتخابات لن تكون نزيهة، وأن موقفهم حتى الآن لم يتم حسمه بصورة كاملة.
كسب المزيد من الوقت
فى حديث مكرر لإذاعات وقنوات تليفزيونية محلية، أعاد بلقاسم حسن عضو المكتب التنفيذى بحركة النهضة وجبهة الخلاص ترديد موقف الحركة والجبهة المتذبذب واصفا إياه بأنه "قوة الموقف" الذى تمتلكه الحركة والجبهة معا، بينما يكشف حديث القيادى بالنهضة عن الترقب لأى فرصة يمكن من خلالها النفاذ إلى المشهد الانتخابي، والتأثير على شعبية الرئيس الحالى الذى أطاح بهيبتهم فى قرارات ٢٥يوليو/ جويلية الشهيرة.
وفى حديثه، شرح بلقاسم حسن موقف الحركة نظريا من الانتخابات قائلا: نحن نعتبر الانتخابات الرئاسية للعام الجارى استحقاقا وطنيا دستوريا، وليس جزءا من أجندة الانقلاب، ومن الطبيعى أن تنتهى عهدة ٢٠١٩ الآن، ونحن معنيون بهذه الانتخابات، ونريدها انتخابات تنافسية حرة نزيهة شفافة فعلا وليست شكلا، وإذا كانت لا تستوفى هذه الشروط نحن لا نشارك فيها.
وأضاف "بلقاسم"، بأنه ليس لدينا قرار مشاركة وليس لدينا قرار مقاطعة، وهذا يعنى أننا نريد الانتظار والمزيد من الوقت لنأخذ القرار المناسب.
وقال بلقاسم: إن أى موقف يخص الانتخابات بالمشاركة أو تحديد مرشح للتوافق عليه يخص الكيانات المنتمية لنا ولا يعبر عن موقف حركة النهضة ولا عن جبهة الخلاص الوطني. وذلك فى إشارة منه لمحاولة ترشح القيادى السابق بالنهضة عبداللطيف المكى الذى رفضت الهيئة أوراق ترشحه.
وتابع بلقاسم، إن التعاطى مع الانتخابات من منتمين لصف جبهة الخلاص هى إما مواقف فردية أو مواقف تخص الجبهات الصادرة عنها مثل حزب العمل الذى يؤيدنا، لكنه كان يرى الدفع مرشح فى هذه الانتخابات، ورأينا أنه يعبر عن موقف حزبه وليس عن موقف النهضة والخلاص معا.
مخاوف رئيس الجمهورية
وحذر الرئيس التونسى قيس سعيد من محاولات وصفها بأنها تسعى لـ"تأجيج الأوضاع" وأن هذه الأصوات وفق رأيه تعمل بدعم من الخارج، لذا رأى قيس سعيد أن يشدد على وزير الداخلية خالد النورى فى التصدى لأى محاولات من هذا النوع تضر بتونس وبمشهدها الانتخابى المقبل.
جاء هذا فى المقابلة التى أجراها الرئيس التونسى مع خالد النورى وزير الداخلية، الجمعة الماضية، حيث جرى استعراض الوضع الأمنى العام فى البلاد، منوها بالجهود التى تبذلها قوات الأمن إلى جانب قواتنا المسلحة العسكرية للحفاظ على الأمن القومي، وداعيا إلى مزيد اليقظة والتأهب لكل محاولات تأجيج الأوضاع فى شتى المناطق العمومية وهى محاولات يائسة تقتضى المسئولية التاريخية إحباطها وفق ما يقتضيه القانون.
وأكد رئيس الجمهورية، فى هذا اللقاء، على أن الانتخابات ليست حربا بل هى موعد يتجدد فى مواعيد محددة طبق ما يضبطه الدستور، مشيرا، فى هذا السياق، إلى أن بعض الدوائر المرتمية فى أحضان اللوبيات المرتبطة بدورها بجهات خارجية لا تقوم اليوم بحملة انتخابية بل بحملة مسعورة ضد الدولة التونسية وضد الشعب التونسى صاحب السيادة وحده.
وبدوره أشاد الرئيس التونسى بالوعى الذى أظهره الشعب التونسى وسيسجله التاريخ بأحرف من ذهب، وهو وعى أقوى من كل الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى المعلوم مصدرها والمفضوحة أهدافها ومراميها.
كما شدد رئيس الجمهورية، ضرورة استكمال إعداد حركة الولاة فى أسرع الأوقات وعلى اعتماد عنصر أول قبل أى عناصر أخرى فى عملية الاختيار وهو الولاء لتونس وحدها، مع ضرورة العمل على الاستجابة لمطالب المواطنين، هذا فضلا عن واجبات الحياد والتحفظ والانضباط والوعي، فى كل آن وحين، بأن تونس دولة موحدة كما ينص على ذلك الدستور.
يشار إلى أن تونس تشهد استحقاقا انتخابيا هاما فى شهر أكتوبر المقبل، وهو الانتخاب الرئاسى الأول الذى يعود إلى تونس بعد تخليص المؤسسات من قبضة ركة النهضة الإخوانية، وبعد فتح التحقيقات مع قيادات من الصف الأول والثاني، فى جرائم تتعلق بالإرهاب والفساد المالى والإدارى وغسيل الأموال، وأدين رئيس الحركة راشد الغنوشى بالسجن لمدة سنة فى قضية تتعلق بإهانة المؤسسات الأمنية وترديد شعارات تتماهى مع جماعات الإرهاب.