تسعى ميليشيا الحوثي بكل الوسائل والأدوات الممكنة لإقناع اليمنيين خاصة بمناطق سيطرتها، بأن الحكومة الحوثية الجديدة التي تحمل اسم «حكومة التغيير والبناء» حريصة على خدمة المواطن في المقام الأول، إلى أن جاء برنامج هذه الحكومة ليكشف عكس ذلك ويؤكد أن نهج الميليشيا لن يتغير وأنه سيظل قائما على سرقة أموال وموارد اليمنيين بطرق مختلفة.
برنامج الحكومة
يأتي هذا في سياق ما أعلنه المتحدث باسم حكومة الميليشيا وزير الإعلام «هاشم شرف الدين» في 19 أغسطس 2024، بشأن موافقة مجلس النواب الحوثي على منح الثقة لحكومة التغيير والبناء برئاسة «أحمد غالب الرهوي» وصوّت بالإجماع على برنامج الحكومة، وذلك في جلسته المنعقدة برئاسة الشيخ «يحي علي الراعي»، ومشيراً، أن مجلس النواب يدرك التحديات التي ستواجه الحكومة أثناء تنفيذ برنامجها العام، سواء كانت أمنية أو دفاعية أو اقتصادية، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية، ومضيفاً بأن ذلك سيتطلب إعادة بناء مؤسسات الدولة بعد سنوات من التحديات الإقليمية والدولية التي جعلت اليمن محط اهتمام عالمي.
جدير بالذكر، أن موافقة المجلس جاءت بعدما أصدر رئيس المجلس الأعلى الحوثي «مهدي المشاط» في 10 أغسطس 2024، قراراً ينص على تكليف المحافظ السابق لمحافظة أبين الجنوبية «أحمد الرهوي» بتشكيل ما اسماه بـ «حكومة التغيير والبناء» المكونة من 19 وزيراً، كما تضمن القرار تعيين رئيس الحكومة السابق «عبد العزيز بن حبتور» عضواً في المجلس السياسي الأعلى الحوثي.
محاولات مستميتة
وتحاول ميليشيا الحوثي بكل الطرق إثبات أنها الحاكم الشرعي لليمن، ولذلك فإن برنامج حكومة «الرهوي» كشف في أحد بنوده إنه سيقلص نفقات الدولة، وستكتفي الحكومة فقط بما يمكنها من تسيير عملها بأقل الأموال، ولذلك تم تقليص عدد الوزارات إلى 19 وزارة بدلاً من 32، وستعمل الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة للتغلب على أزمة السيولة في العملة الوطنية، وستركز أولويات الحكومة على «التغلب على التحديات المتمثلة في التراجع الحاد في مستوى الإيرادات، وضغط النفقات العامة الذي أدى تفاقم عجز الموازنة، وستعمل على تعزيز ضريبة الدخل، الضريبة العامة على المبيعات، الرسوم الجمركية، الاهتمام بفريضة الزكاة، تعزيز العوائد من تحويلات المغتربين».
صدمة يمنية
وقد تسبب هذا البرنامج في حالة من الصدمة بالأوساط اليمنية بعد توقعات بأن حكومة الميليشيا ستركز على الوضع الداخلي السيء الذي يعيشه اليمنيين بدلاً من الحرب. وأن تبدأ منذ الشهر الأول حلّ أزمة رواتب الموظفين الذين لم يتسلموها منذ سنوات، وارتفاع الأسعار، والجبايات على التجار، وإيقاف عجلة بناء المراكز المالية الجديدة للحوثيين، لكن البرنامج لم يضع هذه القضايا ضمن أولوياته.
وهو ما يعني أن الميليشيا التي ستركز على تحصيل الجبايات من اليمنيين، لن تدفع رواتب الموظفين بمناطق سيطرتها بانتظام وفقاً للبرنامج الذي يدل على أن الميليشيا تعول على أن تدفع المملكة العربية السعودية الرواتب، حتى يتثنى لهذه الجماعة توجيه الإيرادات التي تحصل عليها لرفع مستوى الإعداد والجاهزية لجبهات القتال وتمويل نفقات أجهزتها الأمنية ثم توجيه الباقي لحل أزمة النفقات التشغيلية الضرورية للوزارات مما يصعب عليها صرف الرواتب الشهرية بشكل منتظم.
هدف حوثي
وحول ذلك التوقيت، يقول الدكتور «محمود الطاهر» المحلل السياسي اليمني، في تصريح لـ«البوابة نيوز»، أن هذا البرنامج ليس بغريب على حكومة جميع وزرائها «قيادات حرب وشخصيات متطرفة» حيث أن البعض منهم كان متخصص في جمع وخطف الاطفال والزج بهم إلى جبهات القتال، وآخر تاجر سلاح، وفاسدين، وقطاع طرق، وهو ما يبدو أن الحوثي لا يعير عملية السلام أي اهتمام.