قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن إسرائيل وحزب الله لديهما أسباب مقنعة لعدم خوض الحرب الآن، قائلة إنه لو أرادت إسرائيل وحزب الله حربا شاملة لكان ذلك قد حدث منذ زمن بعيد. فكل طرف يرحب بتدمير الطرف الآخر، غير أن الوقت لم يكن مناسبا حتى الآن لأي منهما للانخراط في صراع شامل.
وذكرت الصحيفة -في تحليل نشرته، مساء أمس الأحد، أن تبادل الأعمال العدائية المكثف عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية صباح الأحد قد دفع الطرفين مرة أخرى إلى شفير حرب كهذه، ولكنهما توقفا وتراجعا مرة أخرى.
وأضافت الصحيفة، أنه فيما يتصل بالذخائر التي تم استخدامها، فقد كان ذلك أكبر اشتباك منذ عدة أشهر. لقد أرسلت إسرائيل نحو 100 طائرة مقاتلة في الجو، والتي نفذت طلعات جوية على مدى سبع ساعات وضربت أكثر من أربعين موقعا بالصواريخ، ولكنها قتلت ثلاثة أشخاص فقط، وفقا للإحصاءات حتى هذه الليلة.
وتابعت الصحيفة أنه من الواضح أن القوات الإسرائيلية تهتم بالخسائر المدنية في لبنان أكثر كثيرا مما تفعل في غزة. ففي حين تصر إسرائيل على أنها ستقاتل لحين القضاء على حماس تماما، أكد وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، اليوم أن حكومته ليس لديها مصلحة في مثل هذه المعركة الوجودية مع حزب الله.
ووفقا لرواية إسرائيل الخاصة للأحداث، فقد أطلق حزب الله 320 صاروخا وعددا كبيرا من الطائرات بدون طيار صباح يوم الأحد، لكنه تسبب في عدد قليل فقط من الإصابات. كانت الوفاة الإسرائيلية الوحيدة ناجمة عن حطام صاروخ اعتراضي. ومع ذلك، قالت الجماعة الشيعية اللبنانية أنها حققت أهدافها، للانتقام لقائد قتلته إسرائيل الشهر الماضي، لكن هدف الرسالة كان واضحا، وهو وضع حد للأعمال العدائية في ذلك اليوم وتقليل الضغوط على حزب الله لمواصلة المعركة.
وأشارت الجارديان إلى أنه لدى الجانبين أسباب وجيهة لعدم خوض الحرب الآن. إن إسرائيل لا تملك القدرة على الصمود في مواجهة جبهة أخرى بينما لم تنجح بعد في القضاء على حماس تماما في غزة، وفي ظل دفع الضفة الغربية نحو شفير انفجار أوسع نطاقا للعنف من جانب المستوطنين المتشددين وداعميهم داخل الدولة الإسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة أن قادة الجيش الإسرائيلي يدركون أيضا أن الحرب مع حزب الله لا يمكن كسبها دون غزو بري، وهو الأمر الذي من شأنه أن يترتب عليه تكلفة باهظة في الأرواح الإسرائيلية. وعلى الرغم من الترقيات الأخيرة، فإن الدبابات الإسرائيلية لا تزال تعتبر عُرضة للكمائن إلى حد كبير.
ومضت الصحيفة تقول إن بنيامين نتنياهو لديه سبب وجيه لإبقاء إسرائيل في حالة صراع، لأن هذا يساعد في تجنب الحساب مع الناخبين والمحاكم، فهو يواجه اتهامات بالفساد. وربما يفكر رئيس الوزراء وحكومته الأمنية في شن المزيد من الغارات الجوية بعد النجاح الواضح الذي تحقق اليوم، ولكن هذا بعيد كل البعد عن إرسال جنود مشاة صغار عبر الحدود أو استفزاز حزب الله لهجمات صاروخية على تل أبيب أو مدن أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن إسرائيل وحزب الله لا يرغبان في حرب شاملة الآن، فهذا لا يعني أنها لن تحدث. ويستخدم كلا الجانبين أدوات بدائية للغاية - متفجرات عالية بشكل أساسي - لإرسال رسائل إلى بعضهما البعض، ومساحة الخطأ في التقدير عالية دائما.
وقالت إنه من المرجح أن يكون مجال الخطأ أعظم عندما يحاول كل طرف تخمين الديناميكيات السياسية الداخلية للطرف الآخر. فعلى سبيل المثال، عندما قتلت إسرائيل قائد حزب الله فؤاد شكر في غارة جوية على جنوب بيروت الشهر الماضي، لم يكن هناك أي وسيلة لمعرفة عدد الصواريخ أو القذائف التي قد يعتبرها حزب الله كافية للانتقام له، أو إلى أين ينبغي له توجيهها. وفي الوقت ذاته إذا مدد نتنياهو حملة القصف، فإنه يخاطر بإثارة تورط إيران في دعم وكيلها.
وأضافت الصحيفة أنه في خضم هذا التهور المتبادل، تحاول الولايات المتحدة بشكل يائس التخفيف من حدة المخاطر. وكان الهدف الرئيسي لإدارة بايدن منذ السابع من أكتوبر والإنجاز الرئيسي -كما يزعم المسؤولون الأمريكيون ــ منع تحول حرب غزة إلى حريق إقليمي هائل.
واختتمت الصحيفة البريطانية تحليلها قائلة إن المحادثات تستمر هذا الأسبوع، ولا يزال المطلعون الأمريكيون يصرون، على أن التوصل إلى اتفاق في متناول اليد، مضيفة أنه ربما تندلع الحرب دون رغبة أي من الطرفين، ولكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن السلام.