الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فضائيات

داليا عبدالرحيم: الاضطرابات السياسية في بنجلاديش أحيت الجماعات المتطرفة.. أستاذ فلسفة: الجماعة الإسلامية في بنجلاديش تتبنى نفس منطق الإخوان.. وباحث: 3.5% حجم "الجماعة" من إجمالي السكان

الإعلامية داليا عبدالرحيم
الإعلامية داليا عبدالرحيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي: “ما أشبه اليوم بالبارحة” هذا لسان حال كل العاملين في مجال الإسلام السياسي وشئون الحركات الإسلامية؛ فمثلما حدث في 28 يناير 2011 في مصر حدث ما يشبهه تمامًا في بنجلاديش يوم 7 أغسطس 2024 مع اختلاف طفيف، فبدلًا من اقتحام السجون في بنجلاديش بمجرد سقوط حكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة في بنجلاديش في 5 أغسطس 2024، تم إطلاق سراح مئات من زعماء المعارضة، وفتح مكاتب الجماعة الإسلامية هناك، واستشعر العالم الصعود الفوري للقوى الإسلامية، وألقت الصحف البنغالية القريبة من الجماعة باللوم في افتتاحيتها على "مشروع شيطاني بمساعدة القوى الصهيونية والغربية" لدعم الشيخة حسينة وكتبت: "الحمد لله، إن نظرية الأمتين تثبت صحتها حتى اليوم، وإن شاء الله ستظل حية إلى يوم القيامة".

وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن نظرية الأمتين هي فكرة مفادها أن المسلمين وغير المسلمين لا يمكنهم العيش معًا في ظل نظام سياسي مختلط، وهو مبدأ ديني أدى إلى ولادة باكستان كدولة إسلامية في عام 1947 وفشل عندما تفككت الدولة في عام 1971، مما أدى إلى إنشاء بنجلاديش على أساس لغوي.

وأوضحت أن الجماعة الإسلامية هي أكبر منظمة دينية في جنوب آسيا ولها فروع في الخارج، ولديها عدة فروع متصلة أيديولوجيًا ممثلة في الجماعة الإسلامية في باكستان، والجماعة الإسلامية في بنجلاديش، والجماعة الإسلامية في الهند، والجماعة الإسلامية في آزاد كشمير (التي تسيطر عليها باكستان)، والجماعة الإسلامية في جامو وكشمير (في كشمير الهندية)، وفي حين تدعي كل هذه الجماعات الاستقلال التنظيمي عن بعضها البعض، فإن التزامها الأيديولوجي مشترك، ومن المعروف أنها آوت مقاتلين متطرفين، باستثناء الجماعة الإسلامية في الهند، والتي تُمثل الأقلية وحدها، وتبدي قدرًا من الاعتدال في ظل التعددية الهندية، وفي بنجلاديش يعد الحزب القومي البنجالي اليميني المؤيد للجماعة الإسلامية في بنجلاديش من المستفيدين الرئيسيين المباشرين من الاحتجاجات الطلابية التي قادتها حركة الطلاب ضد التمييز، والتي هندست سقوط رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وهي زعيمة علمانية اتجهت نحو الصين بدلاً من الولايات المتحدة، وحظرت الجماعة الإسلامية وشنقت كبار قادتها لمساعدتهم الجيش الباكستاني في حرب التحرير عام 1971 التي أدت إلى انفصال بنجلاديش عن باكستان.

وتابعت: “أعتقد أنه من المهم في البداية قبل الحديث عن الأحداث الحالية في بنجلاديش ودور الجماعة الإسلامية فيها أن نتعرف بشكل سريع عن التاريخ السياسي لبنجلاديش وأهم أحداثه”.

وعرضت تقريرًا بعنوان “التاريخ السياسي لبنجلاديش”، موضحة أن جمهورية بنجلاديش الشعبية تقع جنوب شرق شبه الجزيرة الهندية، وبعد تقسيم الهند عام 1947 أصبحت أرض البنغال جزءًا من جمهورية باكستان، ويفصل بينهما نحو ألفي كيلومتر وتقعان على طرفي الهند، وانفصلت بنجلاديش عن باكستان بمساعدة الهند عام 1972، لكن انضمامها للأمم المتحدة تأخر حتى 1974، كما عانت من الاضطرابات السياسية وغياب الاستقرار، خصوصا في عقدي ما بعد الاستقلال، ومع ذلك حققت نموا اقتصاديا ظل يتصاعد على الدوام، ومنذ مطلع تسعينيات القرن الـ20 اعتمدت بنجلاديش النظام البرلماني، وتصدرت سيدتان الواجهة السياسية هما خالدة ضياء أرملة الرئيس الراحل ضياء الرحمن، وحسينة واجد، وهي البنت الكبرى لمجيب الرحمن.

وأوضحت أنه فاز الحزب الوطني البنغالي الذي تقوده خالدة ضياء في انتخابات عام 1991 فأصبحت أول رئيسة وزراء في جمهورية بنجلاديش، ثم في انتخابات عام 1996 فاز حزب رابطة عوامي الذي تقوده حسينة واجد، وعادت خالدة للمنصب من جديد عام 2001 وظلت تشغله حتى 2006، وعلى مدى العامين التاليين عاشت البلاد موجة عنف واضطراب سياسي اعتقلت على خلفيتها خالدة وحسينة، وتحت قيادة حكومة انتقالية أجريت انتخابات في أواخر عام 2008 فاز بها حزب حسينة، فعادت مجددا إلى منصب رئيسة الوزراء، وفي 11 يناير من العام 2024 تم الإعلان عن فوز حسينة واجد للمرة الخامسة بمنصب رئيسة وزراء بنجلاديش، لتُصبح ضمن قائمة القيادات النسائية البارزة الأطول مكوثا في الحكم على مستوى العالم، وعلى وقع الاحتجاجات الأخيرة ضد تخصيص 30% من الوظائف الحكومية لأفراد عائلات المشاركين في حرب الانفصال عن باكستان، علقت الحكومة خدمات الإنترنت والرسائل النصية في 18 يوليو الماضي، كما فرضت حظر التجوال، ونشر الجيش دورياته في العاصمة داكا.

كما عرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، تقريرًا بعنوان “الأوضاع السياسية الراهنة في بنجلاديش وتركيبة الحكم بعد الانتفاضة الأخيرة"، مؤكدة أن بنجلاديش شهدت انتفاضة واسعة النطاق نتيجة للاستياء الشعبي من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وارتفاع معدلات الفقر والفساد، وهذه الانتفاضة كانت مدفوعة أيضًا بتهم متعلقة بالتزوير الانتخابي في الانتخابات الأخيرة، التي شهدت فوز حزب رابطة عوامي بأغلبية ساحقة، وردت الحكومة على الانتفاضة بالقوة، حيث تم استخدام الشرطة والجيش لتفريق المتظاهرين، وأدى هذا إلى انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، واستغل حزب بنجلاديش القومي وجماعات المعارضة الأخرى ومن بينها الجماعة الإسلامية هذه الانتفاضة لتكثيف ضغوطهم على الحكومة، مطالبين بإجراء انتخابات جديدة تحت إشراف حكومة انتقالية محايدة.

وتابعت: أثرت الانتفاضة الأخيرة على التحالفات السياسية في بنجلاديش، حيث بدأت بعض الفصائل داخل حزب رابطة عوامي بإبداء تذمرها من القيادة الحالية، وقد يؤدي هذا إلى انشقاقات داخل الحزب الحاكم، مما يضعف موقف الشيخة حسينة، ودائما كان للجيش البنجالي دورًا حاسمًا في السياسة البنجالية، وهناك تكهنات بأن الجيش قد يتدخل مرة أخرى إذا استمر الوضع في التدهور، إما من خلال دعم حكومة انتقالية أو عبر فرض حالة الطوارئ، وقد يؤدي الوضع الراهن إلى تزايد الضغط على الحكومة لتنظيم انتخابات جديدة، وإذا تم ذلك فقد نشهد تصاعدًا في العنف السياسي والتنافس الشديد بين الأحزاب السياسية الرئيسية.

ولفتت إلى أن استمرار الانقسام السياسي الحاد قد يُعرقل أي جهود للتوصل إلى تسوية سياسية، وفي حال عدم التوصل إلى حل قد تدخل بنجلاديش في حلقة جديدة من العنف السياسي وعدم الاستقرار؛ مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد البنجالي، حيث أدت الانتفاضة إلى تراجع الثقة في الاقتصاد، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وتقف بنجلاديش عند مفترق طرق حساس، حيث سيحدد الوضع السياسي في الشهور القادمة ملامح المستقبل، والاضطرابات السياسية الأخيرة تُشير إلى أن البلاد قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، ما لم يتم التوصل إلى حلول توافقية تنهي الأزمة، ورجوعا للبدايات فبعد استقلال بنجلاديش، انقسمت الجماعة الإسلامية وتم تشكيل فرعها في بنجلاديش، في نهاية الحظر الأولي، وفي أعقاب انقلاب عام 1975 انضمت الجماعة الإسلامية إلى تحالف متعدد الأحزاب في الثمانينيات بهدف استعادة الديمقراطية وتحالفت لاحقًا مع الحزب الوطني البنجلاديشي، وشغلت مناصب وزارية في الحكومات التي قادها الحزب الوطني البنجلاديشي في الفترة 1991-1996 و2001-2006، كما أقامت رابطة عوامي بزعامة الشيخة حسينة شراكة مع الجماعة الإسلامية في عام 1996 وبحلول عام 2008، فازت الجماعة الإسلامية بمقعدين في البرلمان، وتحولت الشيخة حسينة، التي تولت السلطة خلال الفترة من 1996 إلى 2001 ومنذ عام 2019، إلى استبدادية، فأدانت أو سجنت المنتقدين، بما في ذلك محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل والذي حل محلها الآن كرئيس للحكومة المؤقتة، وفي الأول من أغسطس، قبل أربعة أيام فقط من انهيار حكومتها، وضعت الجماعة الإسلامية البنجلاديشية وجناحها الطلابي إسلامي شهاترا شيبير، المحظورين بالفعل من النشاط السياسي، تحت قانون مكافحة الإرهاب لعام 2009، والآن أطلق سقوط الشيخة حسينة العنان للقوى الإسلامية اليمينية في بنجلاديش، وإن كان من غير المتوقع أن تظل هذه القوى على نفس التوجات الإيديولوجية عقب هذه التحولات؛ ففي السادس من أغسطس، أعادت الجماعة الإسلامية في بنجلاديش فتح مكتبها المركزي في منطقة بورو موجبازار في دكا، والذي ظل مغلقاً لمدة ثلاثة عشر عاماً، وقال أمير الجماعة الإسلامية الدكتور شفيق الرحمن عند دخوله المكتب برفقة زعماء آخرين من الجماعة: "لقد غادرنا هذا (المكتب المركزي) في التاسع عشر من سبتمبر 2011.. لقد دخلنا المكتب الآن".

ونوهت: في حين لا يمكن تصنيف جميع المحتجين، الذين عارضوا سياسة الحصص في الوظائف لأقارب قدامى المحاربين في حرب 1971، على أنهم قوى إسلامية يمينية، فإن قسمًا كبيرًا منهم ينتمون إلى الجماعة الإسلامية والحزب الوطني البنجلاديشي، وقاطع الحزب الوطني البنجلاديشي الانتخابات البرلمانية لعام 2024 بعد سجن زعيمة الحزب الوطني البنجلاديشي ورئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء لأسباب مختلفة، بما في ذلك الفساد، لأكثر من عقد من الزمان، وتُظهر مقاطع الفيديو أن المحتجين تبولوا على تمثال الشيخ مجيب الرحمن، والد حسينة ومؤسس بنجلاديش الذي دافع عن جمهورية علمانية وديمقراطية، وكان الشيخ مجيب الرحمن محبوبًا من قبل أولئك الذين ناضلوا من أجل إنشاء بنجلاديش للناطقين بالبنجالية في شرق باكستان، وقد صاغ فكرة ديمقراطية لبنجلاديش، حيث قال: "هذه البلاد لا تنتمي إلى الهندوس.. هذه البلاد لا تنتمي إلى المسلمين.. كل من يعتقد أن هذه البلاد لهم، هذه البلاد ستكون لهم. كل من يشعر بالسعادة لرؤية هذه البلاد مزدهرة، هذه البلاد ستكون لهم.. كل من يبكي لرؤية هذه البلاد حزينة، هذه البلاد ستكون لهم.. هذه البلاد ستكون أيضًا لأولئك الذين ضحوا بكل شيء من أجل حرية هذه البلاد".

وأشارت إلى أن أولئك الذين أهانوا وهدموا تماثيله يحتقرون هذه المثل العليا وينتمون بشكل عام إلى القوى الإسلامية بقيادة الجماعة الإسلامية والحزب الوطني البنجلاديشي، وفي السادس من أغسطس، وفي خضم الضغوط السياسية التي شنتها الحركة الطلابية، أصدر الرئيس محمد شهاب الدين ممارساً سلطته في العفو بموجب المادة 49 من الدستور أوامر بالإفراج عن زعيمة الحزب الوطني البنجلاديشي خالدة ضياء، التي كانت محتجزة رهن الإقامة الجبرية، بدلاً من السجن، لمدة خمس سنوات لأسباب طبية، كما أفرجت المحاكم عن أكثر من 2000 طالب محتج بكفالة، وكان زعماء الجماعة الإسلامية في بنجلاديش يدركون أن عمالهم سيستهدفون المعابد وممتلكات الأقليات الدينية مثل الهندوس، وفي خضم هذه الأحداث المضطربة، وفي محاولة لعدم إهدار المكاسب السياسية غير المتوقعة على أبوابهم، بدأ زعماء الجماعة الإسلامية في إصدار دعوات إلى أعضائهم لحماية الهندوس وأماكنهم الدينية، وهناك بالفعل حالات لعمال الجماعة الإسلامية يحرسون المعابد والممتلكات الهندوسية.

وقالت إن حكومة بنجلاديش بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة أبرز قادة الجماعة الإسلامية اُتُهمت بارتكاب جرائم حرب عام 1971م عند انفصال باكستان الشرقية واستقلال بنجلاديش، شملت القتل والنهب والسلب تلك الأعمال التي وقعت في عام الانفصال، وكونت حكومة بنجلاديش محكمة خاصة بمحاكمة تسعة أفراد من قادة الجماعة الإسلامية وفق قانون خاص أطلقت عليه قانون المحكمة الدولية الخاصة للفصل في قضايا جرائم الحرب في عام 1971.

وأضافت أن من أهم القادة الذين تمت محاكمتهم مطيع الرحمن نظامي، أمير الجماعة الإسلامية سابقا، وزير الزراعة ثم الصناعة سابقا، وغلام أعظم، أمير الجماعة الأسبق، الشيخ دلوار حسين سعيدي، الشيخ محمد عبد السبحان، نائب أمير الجماعة الإسلامية وعضو البرلمان سابقا، علي أحسن محمد مجاهد، الأمين العام للجماعة، ووزير الشؤون الاجتماعية سابقًا، ومحمد قمر الزمان، الأمين العام المساعد الأول للجماعة، ورئيس تحرير مجلة "سونار بنغلا"، وعبدالقادر ملا، الأمين العام المساعد الثاني، وأظهر الإسلام، الأمين العام المساعد الثالث، ومير قاسم علي، عضو المجلس التنفيذي للجماعة ومدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في بنجلاديش سابقا، وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في بنجلاديش في 17 يوليو 2013  حكما بالسجن 90 عامًا على امير الجماعة الاسلامية السابق غلام اعظم بعد ادانته بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية أثناء حرب الاستقلال عام 1971، حيث ذكرت المحكمة في حكمها بأن تهم جرائم الحرب الـ5 الموجهة إلى غلام أعظم أثبتت بما لا يدع مجالا للشك تورطه في جرائم الحرب، حيث حكمت عليه بالسجن 10 سنوات على التهمتين الأولى والثانية الموجهة إليه في هذه القضية، بينما حكمت عليه بالسجن 20 سنة على التهمتين الثالثة والرابعة، وحكمت عليه بالسجن 30 سنة على التهمة الخامسة الموجهة إليه، وأدين ملا في شهر فبراير2013 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب الاستقلال عن باكستان التي خاضتها البلاد في عام 1971.

وتابعت: وفي شهر أغسطس 2013 أصدرت المحكمة العليا في بنجلاديش حُكماً قضائياً بمنع الجماعة الإسلامية من المشاركة في الانتخابات واعتبارها مخالِفةٍ لدستور البلاد، وهى الدعوى التي رفعتها أحزاب علمانية إلى القضاء في يناير 2009، وطالبت عبرها باستبعاد الجماعة الإسلامية من الحياة السياسية، ورغم تواجد جماهير عديدة خارج قاعة المحكمة في العاصمة ووجود مكثف لقوات الشرطة والأمن، إلا أنه لم تسجل اشتباكات ولا إصابات، وكانت مجموعات كثيرة طالبت بفصل هذا الحزب والحركة المتطرفين من خوض الانتخابات البرلمانية في السابق، الا أنه فقط بعد أن تقدمت مجموعة صوفية بطلب إعلان الحزب حزبًا غير قانوني للمحكمة العليا عام 2009، تم قبول الطلب والنظر فيه، ليصدر القرار بإقصاء الحزب من الحلبة السياسية، وكانت مجموعات إسلامية تابعة لحركة "الجماعة الإسلامية" – منها منظمة "حفظة الإسلام" قد حاصرت في مايو 2013  العاصمة مطالبين بتطبيق الأحكام والشريعة الإسلامية في الدولة التي معظم سكانها هم من المسلمين، واستند القضاة، في حيثيات حكمهم إلى أن برنامج الحزب (يناقض الدستور العلماني) في بنجلاديش، مما يوفر ذريعة لحرمان الحزب من تقديم مرشحين للانتخابات المقررة في يناير 2014، مشترطين أن تعدل (الجماعة الإسلامية) من برنامجها ليصبح (مطابقا) للدستور، وبالتالي يتم السماح له مجددا بطلب تسجيله.

وعرضت تقريرًا بعنوان “دور الجماعة الإسلامية في الاضطرابات الأخيرة في بنجلاديش”، وقالت إنه في الفترة الأخيرة شهدت بنجلاديش موجة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي أثرت بشكل كبير على استقرار البلاد، ومن بين اللاعبين الرئيسيين في هذه الاضطرابات كانت الجماعة الإسلامية التي لعبت دورًا محوريًا في تأجيج الوضع وتعزيز الاحتجاجات ضد الحكومة، وكانت الجماعة الإسلامية شريكًا لحزب بنجلاديش القومي بقيادة خالدة ضياء، وفي الاضطرابات الأخيرة عززت الجماعة هذا التحالف من خلال دعم الاحتجاجات ضد حكومة الشيخة حسينة، وهذا التحالف سمح للجماعة بتوسيع نفوذها بين قاعدة المعارضة وأعطى قوة إضافية لحركة الاحتجاج، كما نظمت الجماعة الإسلامية مظاهرات واحتجاجات واسعة في أنحاء البلاد، خصوصًا في المناطق الريفية حيث تتمتع بنفوذ كبير، وركزت هذه الاحتجاجات على التنديد بما تعتبره "ظلمًا واضطهادًا" من الحكومة تجاه الإسلاميين في البلاد. كما استخدمت الجماعة خطابًا دينياً لتعبئة أنصارها وتشجيعهم على المشاركة في الاحتجاجات، واستغلت الجماعة الإسلامية الاضطرابات لتقديم نفسها كحامية للإسلام والشريعة في بنجلاديش، وطرحت نفسها كبديل للنظام الحالي، واستخدمت منصاتها الإعلامية وخطبائها لنشر رسائل تحريضية ضد الحكومة، مما أدى إلى تصاعد التوترات في الشارع.

وأوضحت: كما استغلت الجماعة قضايا الفساد وسوء إدارة الاقتصاد من قبل الحكومة لتأجيج الاستياء الشعبي، وربطت هذه القضايا بعدم الالتزام بالقيم الإسلامية، مما ساعد في تجييش الجماهير ضد الحكومة الحالية، وردًا على دور الجماعة في تأجيج الاضطرابات شنت الحكومة حملة اعتقالات واسعة شملت قادة وأعضاء بارزين في الجماعة الإسلامية، واستخدمت الحكومة قوانين مكافحة الإرهاب وقوانين أخرى لتبرير هذه الاعتقالات، كما فرضت الحكومة قيودًا صارمة على نشاطات الجماعة، بما في ذلك منع التجمعات العامة وحظر بعض وسائل الإعلام التابعة لها، وهذه الإجراءات أدت إلى مزيد من التوتر بين الجماعة والحكومة، وتلعب الجماعة الإسلامية في بنجلاديش دورًا معقدًا في السياسة الوطنية، حيث تستغل الفترات الانتقالية والاضطرابات لتعزيز نفوذها، وفي الأزمة الحالية أثبتت الجماعة أنها قوة لا يمكن تجاهلها في المشهد السياسي البنجالي، وفي المستقبل سيكون لدور الجماعة تأثيرًا كبيرًا على استقرار البلاد ومسارها السياسي، خاصة إذا استمرت التوترات بين الحكومة والمعارضة.

ولفتت إلى أنه رغم العديد من  النداءات التي وجهها الحزب الوطني البنجلاديشي وزعماء الجماعة الإسلامية للمتظاهريين بالحفاظ على الملكيات العامة؛ فقد وقعت هجمات على معابد وممتلكات الأقلية الهندوسية في بنجلاديش، ففي السادس من أغسطس، في اليوم التالي لفرار الشيخة حسينة إلى الهند، ذكرت صحيفة ديلي ستار: "هاجمت حشود الغوغاء منازل ومؤسسات تجارية هندوسية، كما نهبت ممتلكاتهم الثمينة في 27 منطقة على الأقل أمس"، ونقلت الصحيفة عن زعيم الطائفة الهندوسية مونيندرا كومار ناث، الأمين العام المشترك الأول لحزب أويكيا باريشاد الهندوسي البوذي المسيحي في بنجلاديش، قوله: "لم تعد هناك مناطق أو أحياء لم تقع فيها هجمات طائفية.. نتلقى باستمرار تقارير من أجزاء مختلفة من البلاد عن هجمات على المنازل والمؤسسات التجارية.. إنهم يبكون ويقولون إنهم يتعرضون للضرب، ويتم نهب منازلهم وأعمالهم التجارية".

واختتمت: تُشير تقارير صحفية عدة إلى أنه بعد يومين من انهيار حكومة الشيخة حسينة، قام المهاجمون مدفوعين بالدين، وليس فقط الرغبة في نهب وتدمير ممتلكات الأقلية الهندوسية؛ إلى نهب وتدمير معبد دانوكا ماناسا باري في شارياتبور والذي تعرض للنهب من قبل حشد غاضب سحق تماثيل رادا كريشنا وهدم المعبد بالكامل؛ وتعرضت ساحة حرق الجثث في مركز ديناجبور للتخريب؛ وأُضرمت النيران في معبد هندوسي في منطقة كواكاتا في باتواخالي.

من جانبه قال الدكتور عبد الراضي عبد المحسن، أستاذ الفلسفة الإسلامية، إن هناك علاقة وطيدة وقوية للغاية بين الجماعة الإسلامية في بنجلاديش وجماعة الإخوان الإرهابية.

وأضاف "عبد المحسن"، خلال لقائه ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الرباط القوي بين الجماعة الإسلامية في بنجلاديش وجماعة الإخوان جاء من أبو الأعلى المودودي الملهم الكبير للحركة الإسلامية المعاصرة في الهند وباكستان، حيث تتماشى معتقدات وأنشطة ومباديء وأسس جماعة الإخوان الإرهابية مع الجماعة الإسلامية، موضحًا أن العلاقة بين الإخوان والجماعة الإسلامية قديمة جدًا، وبدأت منذ أن افتتحت جماعة الإخوان مقرًا دراسيًا وخصصت قسمًا للدراسين الوافدين على وجه الخصوص من أنحاء العالم الإسلامي، لكي يكونوا نواة للجماعة داخل الدول الإسلامية.

وأوضح أن العلاقة الوظيفية والترابطية بين جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية في بنجلاديش اشتد بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن جماعة الإخوان الإرهابية أرسلت رسائل تهنئة لرئيس باكستان بعد استقلال إسلام أباد، ورد الرئيس الباكستاني على هذه الرسائل بالتأكيد على قوة العلاقة الوثيقة، التي لا يمكن أن تنفصل في رسالة خاصة لمرشد الإخوان. 

ولفت إلى أن نشاط الجماعة الإسلامية داخل باكستان امتد إلى بنجلاديش التي انفصلت عن إسلام أباد بمساعدة الهند، مشيرًا إلى أن الجماعة الإسلامية في بنجلاديش تبنت نفس منطق جماعة الإخوان الإرهابية حول ضرورة التواجد في السلطة بأي شكل من الأشكال سواء بالتدرج أو الطفرة الكاملة، موضحًا أن جماعة الإخوان والجماعات الإسلامية تريد أن تصل للحكم، وتغيير الموازين في العالم الإسلامي.

وأكد أن الرباط بين جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات الإسلامية في الدول المختلفة يرجع إلى أن هذه الجماعات ترى أن المجتمع يعيش في جاهلية، حتى إذا كان هذا المجتمع يُعلن تمسكه بفروض الإسلام، مشيرًا إلى أن منطق الجماعات الإسلامية قائم على أن الجاهلية لا تزول إلا عند تطبيق الشريعة والإسلام وفقًا لفهم هذه الجماعة، منوهًا بأن هناك صدامًا حدث بين الجماعة الإسلامية في باكستان وحكومة بنجلاديش، مما أدى إلى القبض على قيادات الجماعة والحكم عليهم بالإعدام، ثم التراجع عن تنفيذ الحكم بسبب الضغط الشعبي.

بدوره قال الدكتور أحمد سلطان، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إن الجماعة الإسلامية في بنجلاديش أحد فروع جماعة الإخوان الإرهابية، وهي مرتبطة فكريًا وتنظيمًا بجماعة الإخوان، فالبناء التنظيمي للجماعة الإسلامية هو نفس البناء الموجود في جماعة الإخوان. 

وأضاف "سلطان"، خلال حواره مع الإعلامية داليا عبد الرحيم، عبر تطبيق "زووم"، ببرنامج "الضفة الأخرى"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن الاضطرابات الأخيرة التي أطاحت برئيسة وزراء بنجلاديش حدثت بسبب الاختلاف في نظام المحاصصة في الوظائف الحكومية، موضحًا أن رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة كانت تريد أن تُخصص 35% من الوظائف الحكومية لقدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب الاستقلال التي انتهت بانفصال بنجلاديش عن باكستان، مما ساهم بصورة مباشرة في الإطاحة برئيسة الوزراء.

وأوضح أن الجماعة الإسلامية كانت منخرطة في الحراك ضد رئيسة الوزراء في بنجلاديش، حيث كان الجناح الطلابي للجماعة حاضرًا في هذه الاحتجاجات، مشيرًا إلى أن الجماعة الإسلامية تُمارس النشاط الدعوي ولديها 120 فرعًا في بنجلاديش، مؤكدًا أن رئيسة الوزراء البنجلاديشية أصدرت قرارًا بحظر الجماعة الإسلامية وجناحها الطلابي بسبب دورها في الحراك، مشيرًا إلى أن الجماعة الإسلامية لديها فرص كبير في زيادة انتشارها خلال الفترة الحالية. 

وأكد أن الجماعة الإسلامية لديها تاريخ من المشاركة السياسية في بنجلاديش، وأقصى ما استطاعت أن تُحققه هو الفوز بـ17 مقعدًا من أصل 300 مقعد، وهذا يعكس الحجم الحقيقي للجماعة الإسلامية، لذلك لا يجب المبالغة والحديث عن دورها في بنجلاديش، مشيرًا إلى أن الجماعة الإسلامية تعمل على أسلمة المجتمع من القاعدة عن طريق الجمعيات التي تقودها مثل جميعة التربية الإسلامية، وفي نفس الوقت تسعى للاستحواذ على السلطة من خلال الدخول إلى البرلمان.

واختتم أن الجماعة الإسلامية شاركت في تأسيس الحكومة في بنجلاديش، حيث استولت على وزارة الصناعة والرعاية الاجتماعية، وتتحالف الآن مع بعض الأحزاب لشغل حقائب وزارية أكبر خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن الجماعة الإسلامية تدعي أن لديها 6 ملايين مؤيد، وهذه النسبة تُمثل 3.5% من إجمالي الشعب في بنجلاديش، ولهذا لم تستطع أن تستحوذ إلا على بضع المقاعد في البرلمان من أصل 300 مقعد.