قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه على وقع الأحداث في بنجلاديش أصدر تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية بيانًا احتفاليًا بمناسبة سقوط حكومة رئيسة الوزراء السابقة شيخة حسينة، في خطوة تعكس طموحات التنظيم واستراتيجياته لتوسيع نفوذه في منطقة جنوب آسيا، والبيان الذي أُعلن عن تفاصيله عبر وسائل إعلام مرتبطة بالتنظيم يُسلط الضوء على كيفية استغلال الجماعات الإرهابية للتقلبات السياسية في دول المنطقة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، فأصدر تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية بيانًا من 12 صفحة لزعيمه أسامة محمود هنأ فيه الشعب البنجلاديشي على الإطاحة بحكومة رئيسة الوزراء المخلوعة شيخة حسينة، واعتبره انتصارًا للإسلاميين والجهاديين.
وأضافت “عبدالرحيم”، خلال تقديمها برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن بيان زعيم تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية أسامة محمود أكد أن الإسلاميين في بنجلاديش يجب أن يظلوا خارج العملية الديمقراطية الحالية، ويدعوا إلى استمرار النضال من أجل تحقيق الحكم الشرعي الكامل في البلاد، والدعوة التي وجهها التنظيم للإسلاميين في بنجلاديش لتجنب الانخراط في العملية الديمقراطية والتركيز على النضال من أجل "حكم شرعي كامل" تعكس استراتيجية التنظيم في تقويض الاستقرار السياسي وتعزيز أجندته الإرهابية، وهذا الخطاب يستهدف تحفيز الإسلاميين على تبني العنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم بدلاً من المشاركة في النظام السياسي القائم، وتستغل الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة الأزمات السياسية لتحقيق مكاسب على الأرض، والانهيار السياسي في بنجلاديش، الذي تزامن مع الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة حسينة قدم فرصة للتنظيم لتعزيز نفوذه من خلال نشر رسائل تحريضية تشجع على الفوضى والتطرف، وهذا البيان هو تجسيد لاستراتيجية التنظيم في استخدام الأزمات المحلية كوسيلة لتوسيع نطاق عملياته وزيادة تأثيره في المنطقة.
وعرضت تقريرًا بعنوان “الجماعات المتطرفة في بنجلاديش وتنامي خطر الإرهاب”، موضحة أنه لا شك أن الاضطرابات السياسية الأخيرة في بنجلاديش أحيت الجماعات المتطرفة في الدولة الأسيوية، والتي يتواجد فيها عدد من الأقليات الدينية، على رأسهم الهندوس الذين يُشكلون 8% من السكان البالغ عددهم 170 مليون نسمة، مما أدى إلى موجة نزوح قسري لمئات المواطنين إلى الهند على خلفية هذه الاحتجاجات، فمنذ رحيل الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنجلاديش يواجه المواطنون الهندوس وغيرهم من الأقليات عنفاً من قبل مجموعات محسوبة على التنظيمات الإسلامية، حيث اعتدوا على معابد ومنازل ومصالح الهندوس الذين يشكلون الأقلية الأكبر، ولعل الاضطرابات السياسية الأخيرة في بنجلاديش دفعت إلى عودة قوية للجماعة الإسلامية، التي تمثل فرع الإخوان هناك، للساحة السياسية، مع طموح للمشاركة في السلطة على خلفية ما حدث في عدد من الدول العربية بعد العام 2011.
وأكدت أن المشهد في بنجلاديش لم يختلف كثيرًا عن المشهد في مصر عندما قفز الإخوان للسلطة على خلفية الاضطرابات والفوضى التي عمت الشارع قبل ثلاثة عشر عامًا، ولعل مشهد بكاء شفيق الرحمن، زعيم الإخوان في بنجلاديش، وسط مجموعة من الأشخاص يعكس الخطر الذي تواجهه بنجلاديش خلال الفترة القادمة، وبكى زعيم الإخوان في بنجلاديش على خلفية الاضطربات السياسية التي عمت البلاد وأدت إلى رحيل رئيسة الوزراء، كما أن نفس الاضطرابات أدت إلى إعادة فتح مقر الجماعة هناك، ولعل الإخوان هناك احتفلوا بالفراغ السياسي وسط هتافات دينية وطائفية، بنجلاديش دولة ديمقراطية علمانية ذات أغلبية مسلمة ومستوى معيشي منخفض، ومنذ استقلالها عن باكستان المسلمة في العام 1971، كان التطرف الإسلامي والدفع من أجل دولة إسلامية موحدة هو الشغل الشاغل للجماعات الدينية المتطرفة التي تسعى للعودة واستغلال الاضطرابات الحالية.
ولفتت إلى أن التقرير الأخير للأمم المتحدة يُبرز العلاقة الوثيقة بين تنظيم القاعدة في الهند وحركة طالبان، ويُشير إلى أن التنظيم يعمل على توسيع أنشطته في جامو وكشمير وبنجلادش وميانمار، والتنظيم يضم حاليًا حوالي 200 مقاتل بقيادة أسامة محمود، وهو ما يُعزز قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية وتوسيع شبكة تحالفاته في المنطقة، والعلاقة مع طالبان توفر للتنظيم دعمًا لوجستيًا وأيديولوجيًا، مما يُعزز قدرته على التفاعل مع الأزمات السياسية في دول جنوب آسيا، وفي ضوء التصريحات الأخيرة للتنظيم، من المحتمل أن تواجه بنجلادش زيادة في الأنشطة الإرهابية، ويهدف تنظيم القاعدة إلى استغلال التوترات الحالية لتعزيز وجوده وزيادة نشاطه، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تصاعد العنف وتفشي الجماعات المتطرفة، مما يُهدد الأمن والاستقرار في البلاد، وعلى المستوى السياسي قد يواجه الحكام الجدد في بنجلاديش تحديات كبيرة في مواجهة هذه الجماعات، مما يستدعي استراتيجيات فعالة للتعامل مع التهديدات الإرهابية وتعزيز الاستقرار الداخلي.
واستطردت: بيان تنظيم القاعدة يعكس كيف يمكن للجماعات المتطرفة استغلال الأزمات السياسية لتحقيق أهدافها، وفي بنجلاديش حيث شهدت البلاد تقلبات سياسية حادة، يبدو أن التنظيم يسعى لزيادة تأثيره من خلال تشجيع العنف والفوضى، وهذا يضع تحديات كبيرة أمام الحكومة الجديدة، التي تحتاج إلى استراتيجيات شاملة لمواجهة هذه التهديدات وضمان استقرار البلاد.