فى قرية الروضة الصغيرة، التى تقع بين الحقول الهادئة فى محافظة الدقهلية، كانت ليلى عطية تعيش حياتها اليومية ببساطة ورغم تقدمها فى العمر، كانت لا تزال محافظة على طاقتها وحبها للحياة.
«ليلى» التى بلغت الثامنة والستين من عمرها، كانت معروفة فى القرية بطيبتها وحكمتها، كانت دائمًا مستعدة لتقديم المساعدة لكل من يحتاجها، وكانت تعتبر الجدة المثالية لكل من حولها.
فى مساء الرابع عشر من أغسطس الجاري، كانت الرياح تحمل معها شعورًا بالخطر والقلق، الأهالى فى القرية لاحظوا غياب «ليلى» المعتاد عن المشهد، فبدأ القلق يتسلل إلى قلوبهم.
«ليلى» لم تكن من الأشخاص الذين يغيبون دون سبب، وكان من غير المعتاد أن يمر يوم دون أن يروها تتجول فى أنحاء القرية، توزع الابتسامات والتحيات على كل من تلتقيه.
تجمع عدد من الجيران أمام منزل ليلى، وقاموا بمحاولة طرق الباب واستدعائها، لكن لم يكن هناك أى رد.
قرر أحدهم أن يتجرأ ويدخل المنزل بحثًا عنها، بعد لحظات من البحث، جاء الصوت المروع، أحدهم قد اكتشف جسد «ليلى» مُكبلًا ومقتولًا فى بدروم المنزل.
الصدمة اجتاحت القرية كلها، وانتشرت الأخبار كالنار فى الهشيم. كيف يمكن أن يحدث شيء كهذا لشخص مثل ليلى، التى لم تؤذ أحداً فى حياتها؟
وصلت الشرطة إلى مكان الحادث، وبدأت التحقيقات فورًا، العميد أحمد الجميلي، مأمور مركز شرطة طلخا، قاد التحقيقات بنفسه، وكان يعلم أن القضية ستكون صعبة.
كانت «ليلى» محبوبة من الجميع، ولم يكن هناك أعداء واضحون يمكن أن يرتكبوا هذه الجريمة البشعة، وبعد تحقيقات مكثفة، توصلت الشرطة إلى اكتشاف مرعب، المتهم بقتل «ليلى» لم يكن غريبًا عنها، بل كان شخصًا من دمها ولحمها، حفيدها أحمد صلاح الدريجي، ابن ابنتها، كان هو القاتل.
كان «أحمد» يعمل كفرد أمن فى كمبوند بالتجمع الخامس فى القاهرة، عندما جاء إلى منزل جدته فى ذلك اليوم المشئوم، كان فى نيته سرقة مبلغ مالى منها.
ولكن القدر تدخل بطريقة لم يكن يتوقعها أحد، «ليلى»، التى كانت دائمًا ما تفتح بابها لـ«أحمد» بحب وحنان، لم تكن تعلم أن هذه المرة ستكون الأخيرة التى ترى فيها حفيدها، عندما اكتشفت أن «أحمد» يسرق منها، واجهته بغضب وحزن.
ولكن «أحمد»، الذى فقد إنسانيته فى تلك اللحظة، لم يتراجع عن جريمته. فى لحظة من الجنون واليأس، قام بخنق جدته حتى الموت، وبعد ارتكاب جريمته البشعة، لم يجد أحمد سوى بدروم المنزل ليخفى فيه جثة جدته.
أغلق الباب بقفل حديدى وترك القرية بسرعة، محاولًا الهروب من العواقب التى لا مفر منها، ولكن العدالة كانت أقوى منه.
بعد أربعة أيام من القلق والتحقيقات، تمكنت الشرطة من القبض عليه، فى مواجهة الحقيقة، لم يجد «أحمد» مفرًا من الاعتراف بجريمته.
أصبحت القرية فى حالة حداد. الجميع شعر بالحزن والغضب تجاه ما حدث «ليلى»، التى كانت مثالًا للحب والعطاء، انتهت حياتها على يد شخص كانت تحبه وتثق به ودُفنت فى قريتها، وسط دموع وحزن أهل القرية.
لم تكن جنازتها عادية كانت مزيجًا من الحزن على فقدانها والغضب تجاه الخيانة التى تعرضت لها.