هناك فى حى المنيرة الغربية بمحافظة الجيزة، كانت تعيش أم عجوز تحمل فى قلبها حنانًا لا يقدر بثمن، أمضت حياتها مكرسة لأبنائها، وأحبتهم بلا حدود، كانت الأيام تمر بسكينة، لكنها لم تكن تعلم أن الهدوء الذى كان يلف حياتها سيصبح مجرد ذكرى بعيدة وهو الهدوء قبل العاصفة، لم تكن تعلم أن الحنان الذى كانت تغمر به ابنها البكر سيتحول فى يومٍ ما إلى أداةٍ لسلب حياتها.
تحول الابن
كان ابنها الأكبر دائمًا موضع فخرها، كان من حفظة القرآن الكريم، معروفًا فى الحى بخلقه الدمث الحميد وبراعته فى تلاوة القرآن، ولكن شيئًا ما تغير فى حياته؛ شيئًا حوله من شاب هادئ ومطيع إلى شخص غريب عنها.
كان هذا الشيء هو إدمان المخدرات، بدأ الأمر بتجربة بسيطة تحت تأثير أصدقاء السوء، لكن تلك التجربة البريئة تحولت بسرعة إلى إدمان عميق، سيطر على كل جوانب حياته.
الصراع اليومي
لم تكن الأم تدرك فى البداية مدى خطورة ما يمر به ابنها، كانت تظن أن الأمر مجرد مرحلة عابرة، وأنها ستتمكن بحبها وحنانها من إعادته إلى الطريق الصحيح، لكن مع مرور الوقت، بدأت ترى أن كل محاولاتها تنتهى بالفشل، كل يوم كان يتحول إلى صراع مستمر بينها وبين ابنها، الذى أصبح يطالبها بالمال بشكلٍ مستمر لشراء المخدرات.
كانت الأم ترفض، كانت تحاول حمايته من نفسه، لكن الرفض لم يكن سهلًا، كان يُصعّد الأمور إلى مشاجرات عنيفة، أحيانًا يصرخ، وأحيانًا أخرى كان يهددها، لكنها لم تتراجع عن موقفها، رغم الألم الذى كانت تشعر به فى كل مرة.
اليوم المأساوي
فى أحد الأيام، تصاعد الصراع إلى مستوى لم تتخيله الأم أبدًا، كانت تعلم أن ابنها غاضب، لكن لم يكن يخطر ببالها أنه قد يتحول إلى وحش، فى ذلك اليوم، عاد الابن إلى المنزل تحت تأثير المخدرات، وكان يبدو عليه الجنون والغضب طلب منها المال مرة أخرى، وعندما رفضت، انفجر غضبه بطريقة لم تكن تتوقعها.
أمسك ابنها بحبل ولفه حول رقبتها، خنقها بشدة، رغم محاولاتها البائسة للدفاع عن نفسها كان الغضب والجنون قد أعمياه، حتى أنه لم يشعر بشيء حينما فارقت الحياة بين يديه، كان كل ما يريده هو المال، لكنه لم يدرك أنه بسلبه حياة والدته، فقد خسر أكثر مما يمكن أن يستعيده.
اكتشاف الجريمة
لم يمر وقت طويل حتى اكتشف الجيران الجريمة، شاهدوا الابن يهرب من المنزل مسرعًا، فشعروا بشيء غير طبيعى وعندما دخلوا شقة الأم، وجدوا جسدها ملقى على الأرض، والحبل ما زال حول عنقها كانت قد فارقت الحياة منذ دقائق قليلة، لكن الألم الذى شعرت به كان واضحًا على وجهها المتجمد.
القبض على الجاني
وصلت الشرطة بسرعة إلى مكان الجريمة، وبفضل تحرياتهم الدقيقة، تم القبض على الابن وهو يحاول الاختباء فى مكان قريب، عند استجوابه، لم يكن لديه أى دفاع، فقد كان المخدر قد سلبه كل قدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، اعترف بجريمته دون تردد، لكن لم تكن تلك الاعترافات تحمل فى طياتها أى ندم أو شعور بالذنب.
النهاية الحزينة
لم يكن لأحد أن يتخيل أن أمًا قد تضيع حياتها على يد ابنها الذى كانت تحبه وتعتنى به، كانت النهاية مأساوية بكل معنى الكلمة، لكنها لم تكن مجرد نهاية حياة الأم، بل كانت أيضًا نهاية حياة الابن، الذى ضاع فى عالم المخدرات ولم يعد يعرف طريق العودة، وتحولت مرة التعاطى من شيء صغير إلى كابوس غيّر مجرى حياة بأكملها.
ويقضى القانون المصرى بالحكم على فاعل جناية القتل العمد بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، كما جاء بالمادة ٢٣٤٤ من قانون العقوبات.
حيث إن القتل العمد لا بد أن يتحقق فيه أمران، وهما سبق الإصرار وعقوبته الإعدام، والترصد وهو تربص الجانى فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين وعقوبته الإعدام أيضًا.
أما القتل المقترن بجناية فعقوبته هو الإعدام أو السجن المشدد أحدهما قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمدًا؛ وثانيهما، أن تكون الوسيلة فى القتل مما يقتل غالبًا.
فلو أنه ضربه بعصا صغيرة، أو بحصاة صغيرة فى غير مقتل فمات من ذلك الضرب فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل فى الغالب.
كما نصت المادة ٤٥ من قانون العقوبات على أن الشروع فى القتل هو عقد العزم والنية على ارتكاب إزهاق الروح حتى تحدث بعض الأعمال الخارجة عن إرادة المتهم التى تعطل وتفسد تلك الجريمة وعقوبتها هى السجن المشدد من ١٠ سنوات وحتى ١٥ سنة.
وفى حالة إتمام تلك الجريمة فإنها تصبح تهمة قتل عمد مع سبق إصرار وترصد ويعاقب المتهم بالإعدام.