الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

الخلافات الليبية وتنامى الإرهاب.. مخاطر الفوضى تهدد استقرار المنطقة

الخلافات الليبية
الخلافات الليبية وتنامى الإرهاب.. مخاطر الفوضى على استقرار ا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتجدد المخاوف في ليبيا من العودة إلى حالة الانقسام والعنف، وذلك في ظل الخلافات الحادة بين المجلس الرئاسي في طرابلس ومجلس النواب في بنغازي، الذى يهدد بجر البلاد إلى مربع الصراع الأول مرة أخرى، ومن أبرز هذه المخاوف، التحذيرات المتصاعدة من إغلاق الحقول والموانئ النفطية، والتي تعدّ شريان الحياة الاقتصادي للبلاد.
الخلافات السياسية وتأثيرها على القطاع النفطي
تعتبر الخلافات بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي انعكاس لصراع أعمق يتجلى في التنافس على الموارد الحيوية، النفط، الذى يمثل أكثر من ٩٠٪ من عائدات ليبيا، أصبح ورقة ضغط يستخدمها كل طرف لتحقيق مكاسب سياسية، ومع تفاقم الخلافات، تتزايد احتمالات إغلاق الحقول والموانئ النفطية، وهو ما قد يؤدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي الهش أصلًا.
وإغلاق الحقول والموانئ النفطية ليس سلاحًا جديدًا في النزاع الليبي. فقد شهدت البلاد سابقًا محاولات لإغلاق المنشآت النفطية كوسيلة للضغط السياسي، مما أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة. وفى حال تكرار هذا السيناريو، من المرجح أن يعيد ليبيا إلى دائرة الفقر والتدهور الاقتصادي، مما يزيد من معاناة المواطنين ويعزز من احتمالات الانزلاق إلى العنف.
العواقب المحتملة
إذا تم إغلاق الحقول والموانئ النفطية مرة أخرى، ستكون العواقب كارثية. فقد يؤدى ذلك إلى:
فقدان الدولة لأهم مصدر للدخل، مما ينعكس على قدرتها في تمويل الخدمات الأساسية ورواتب الموظفين. ومن المرجح أن يزيد من حدة الخلافات بين الأطراف المتنازعة، مما قد يؤدى إلى تصاعد أعمال العنف والنزاعات المسلحة.
وفى ظل هذا الانقسام، قد تجد القوى الأجنبية فرصة للتدخل في الشئون الليبية، سواء لدعم طرف على حساب الآخر أو لتحقيق مصالحها الخاصة، وقد يمتد تأثير الفوضى في ليبيا إلى الدول المجاورة، مما يهدد الاستقرار في شمال أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وتشير التقارير إلى أن خيوط السيطرة بدأت تفلت من أيدى الفرقاء الليبيين، ما يعزز احتمالية الانحدار نحو منزلقات العنف. فعندما يفقد الأطراف القدرة على الحوار والتفاوض، تزداد احتمالات اللجوء إلى القوة العسكرية لحسم الخلافات. وهذا السيناريو، إن تحقق، سيعيد البلاد إلى مرحلة الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السابق، مع كل ما يصاحب ذلك من دمار وتهجير.
تنامى جماعات العنف والتطرف
ومع تصاعد الخلافات بين المجلس الرئاسي في طرابلس ومجلس النواب في بنغازي، وما ينجم عنها من احتمالية إغلاق الحقول والموانئ النفطية، لا يقتصر تأثيره على الاقتصاد والسياسة فحسب، بل يمتد ليشمل تنامى جماعات العنف في ليبيا، هذه الجماعات غالبًا ما تستغل الفراغات الأمنية والسياسية لتحقيق مكاسب خاصة بها، مما يعزز من خطرها على استقرار البلاد والمنطقة ككل.
فجماعات العنف والإرهاب، مثل تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة، غالبًا ما تزدهر في بيئات الفوضى والانقسامات.
إذا أُغلقت الحقول والموانئ النفطية وتراجعت الإيرادات الحكومية، ستضعف قدرة الدولة على تمويل قوات الأمن والجيش، مما يخلق فراغًا أمنيًا. هذا الفراغ يوفر بيئة خصبة لهذه الجماعات للتمدد والسيطرة على مناطق جديدة، لا سيما في المناطق النائية التي تعانى من ضعف السيطرة الحكومية.
كذلك فإن الفقر والبطالة المتزايدة نتيجة للأزمة الاقتصادية المتوقعة من إغلاق الحقول النفطية سيجعلان الشباب أكثر عرضة للاستقطاب من قبل الجماعات المتطرفة. هؤلاء الشباب، الذين يشعرون بالإحباط واليأس بسبب غياب الفرص الاقتصادية، قد يجدون في الانضمام إلى هذه الجماعات وسيلة لتحقيق مكانة أو للحصول على مصدر دخل.
كما أن الخلافات السياسية والاقتصادية تزيد من تفاقم الانقسامات الاجتماعية والعرقية والقبلية، وهذه الانقسامات تغذى بدورها العنف. في سياق ليبيا، قد تستغل الجماعات المسلحة هذه الانقسامات لتعزيز قاعدتها الشعبية أو لإثارة المزيد من الفوضى والعنف بين المجتمعات المحلية، مما يؤدى إلى دورة مستمرة من العنف والانتقام.
وفى ظل الفوضى وانهيار الدولة، تجد القوى الأجنبية أرضًا خصبة للتدخل ودعم جماعات معينة لتحقيق مصالحها في ليبيا، هذا التدخل يزيد من تعقيد الصراع ويعزز من قوة الجماعات العنيفة، التي قد تحصل على تمويل وأسلحة ودعم لوجستي من أطراف خارجية، مما يزيد من صعوبة احتواء العنف في المستقبل.
ولا شك أن تنامى جماعات العنف في ليبيا لن يقتصر تأثيره على الداخل الليبي فقط، بل سيمتد ليهدد استقرار المنطقة بأسرها. ليبيا، بحدودها الشاسعة والمتداخلة مع دول الجوار، قد تصبح مصدرًا لتصدير العنف إلى دول مثل تونس، الجزائر، ومصر، بالإضافة إلى الدول الأفريقية جنوب الصحراء.