كشفت دراسات حديثة عن أرقام صادمة تتعلق بالوفيات المرتبطة بالحرارة في أوروبا، حيث تشير التقديرات إلى وفاة أكثر من ٤٧ ألف أوروبي بسبب الحرارة في العام الماضي، وهو أعلى رقم تم تسجيله على مستوى العالم. وفي العام السابق عليه، بلغت الوفيات المرتبطة بالحرارة حوالي ٦٠ ألف حالة. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يتوقع العلماء أن يتضاعف عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة ثلاث مرات بحلول نهاية القرن إذا وصلت درجات حرارة الأرض إلى ٣ أو ٤ درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.
ورغم خطورة هذه الأرقام، فإنها قد تقلل من حجم الخسائر التي يتسبب فيها الطقس الحار المتفاقم نتيجة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تحسين طرق قياس التأثيرات الصحية للحرارة.
يرى بعض الخبراء أن أفضل طريقة لفهم تأثير الحرارة هي دراسة كيفية تغير معدلات الوفيات مع تقلبات درجات الحرارة، كما فعلت الدراسات الأوروبية. بينما يقترح آخرون التركيز على موجات الحر المعلنة رسميًا وإحصاء الوفيات الزائدة - وهي تلك التي تتجاوز العدد المتوقع - لتحديد التأثيرات الفعلية للحرارة.
يقول عالم الأوبئة البيئية خايمي مادريجانو من جامعة جونز هوبكنز إن كلا النوعين من الدراسات "يقدمان إجابات على أسئلة مختلفة"، مشيرًا إلى أن تحليل معدلات الوفيات مع درجات الحرارة يعكس التأثيرات الصحية للارتفاع التدريجي في الحرارة، في حين أن التركيز على موجات الحر يسلط الضوء على عواقب الظروف الجوية القصوى.
وتبرز أهمية هذه الدراسات ليس فقط من الناحية الأكاديمية، ولكن أيضًا من حيث التأثير على صانعي السياسات. فموجات الحر تلفت الانتباه وتدفع الحكومات إلى تبني أنظمة تحذير من الحرارة لحماية السكان. لكن بعض العلماء يحذرون من أن الاعتماد على موجات الحر وحدها قد يغفل الوفيات التي تحدث بسبب الحرارة في الأيام التي لا تعتبر شديدة.
ويرى باراك الأحمد، عالم الأوبئة المهنية من جامعة هارفارد، أن الوفيات المرتبطة بالحرارة تتزايد في كل مكان، وليس فقط خلال موجات الحر. ويضيف أن التركيز على موجات الحر فقط يمكن أن يغفل تأثيرات الحرارة المتزايدة على المدى الطويل.
وفي حين أن ضربة الشمس تعد من أبرز التأثيرات المباشرة للتعرض الطويل للحرارة، فإنها تمثل جزءًا صغيرًا من إجمالي الوفيات. فارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم حالات صحية كامنة، مثل أمراض القلب، ما يتسبب في نوبات قلبية مميتة.
إجمالاً، يبدو أن الجمع بين الدراسات التي تركز على موجات الحر وتلك التي تحلل معدلات الوفيات مع درجات الحرارة اليومية هو الحل الأمثل لفهم العواقب الوخيمة للحرارة المتزايدة. ففي نهاية المطاف، يشير الخبراء إلى أن معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة في تزايد مستمر بغض النظر عن طريقة القياس المستخدمة.