في مستشفى هادئ بمدينة جلاسكو الاسكتلندية، كان نيكولاس روسي يرقد على سريره يتلقى العلاج من كوفيد-19، غير مدرك أن لحظة الكشف عن هويته الحقيقية قد اقتربت. فقد كانت عيناه تراقبان الأطباء والممرضين الذين لم يكن يعلم أنهم كانوا يتعاملون مع رجل أوقع بنفسه في قبضة القدر. روسي، الذي اختار منذ سنوات أن يختفي عن الأنظار عبر تزييف وفاته، لم يتوقع أن نهايته ستكون هنا، على بعد آلاف الأميال من المكان الذي فر منه.
القصة تبدأ في عام 2008، في ولاية يوتا الأمريكية، عندما تورط روسي، البالغ من العمر حينها 21 عامًا، في سلسلة من الجرائم البشعة. اتُهم باغتصاب صديقته السابقة في مقاطعة سولت ليك، ولم تكن تلك الحادثة الوحيدة، إذ وُجهت إليه اتهامات باغتصاب امرأة أخرى في مدينة أوريم في نفس العام. رغم الأدلة القوية، إلا أن هويته ظلت مجهولة بسبب تراكم أدوات اختبار الحمض النووي في مختبر الجرائم بولاية يوتا، تاركة الضحايا دون عدالة تُرضيهن.
ومع مرور السنوات، بدأ روسي يشعر بالخطر يقترب منه. في عام 2020، قرر أن ينفذ خطته الجريئة، معلنًا وفاته في بيان نُشر على الإنترنت، مدعيًا أنه توفي في 29 فبراير نتيجة لمرض سرطان الغدد الليمفاوية غير هودجكين في مرحلته المتأخرة. رغم هذا الإعلان، بدأت الشكوك تحوم حول هذا الادعاء. فقد شككت السلطات وأسرته الحاضنة السابقة في مصداقية الخبر، لكن لم تكن لديهم الأدلة الكافية لإثبات كذبته.
اللغز بدأ يتكشف في عام 2021، عندما دخل روسي مستشفى في جلاسكو للعلاج. لم يكن يدري أن الأطباء الذين يعالجونه سيكتشفون أنه الرجل المطلوب بتهم اغتصاب في الولايات المتحدة. في لحظة واحدة، انهارت خطته، وبدأت فصول جديدة في قصته المعقدة. السلطات الاسكتلندية ألقت القبض عليه، ورغم محاولاته للفرار من العدالة مرة أخرى عبر الادعاء بأنه شخص آخر يُدعى آرثر نايت، إلا أن الأدلة ضده كانت ساحقة.
الآن، بعد مرور سنوات على الجرائم التي ارتكبها، سيواجه نيكولاس روسي المحاكمة في ولاية يوتا. لكن السؤال الذي يبقى: هل ستُنهي هذه المحاكمة الفصل الأخير من قصته المليئة بالخداع والمراوغة، أم أن هناك فصولًا جديدة تنتظر الكشف عنها؟ الضحايا ينتظرون العدالة، والعالم يترقب النهاية.