السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

«الجارديان»: فشل التصدى لـ«جدرى القرود» يهدد بتداعيات كارثية على العالم

وكالة الأمن الصحى البريطانية تُحَدِث إرشاداتها للأطباء بخصوص السلالة الجديدة

جدرى القرود
جدرى القرود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إنه بعد عامين من المحادثات المكثفة التى أعقبت جائحة كوفيد 19، فشلت الدول الأعضاء فى منظمة الصحة العالمية هذا الصيف فى التوصل إلى اتفاق بشأن وضع خطط تضمن توزيعًا أكثر عدالة للقاحات على البلدان النامية.

وأضافت الصحيفة البريطانية فى تقرير لها أن ضمان حصول الدول الأكثر احتياجًا على الجرعات المنقذة للحياة، وعدم اقتصارها على الدول ذات الإمكانات المالية الكبيرة، لا يُعد مسألة أخلاقية فحسب، بل هو مصلحة عالمية مشتركة، نظرًا لانتشار الفيروسات وقدرتها على التحور والانتقال بين البلدان ومع ذلك، تحقيق هذا الهدف يتطلب موارد مالية ضخمة وتنازلات كبيرة من شركات الأدوية.

وأوضحت الجارديان أن المفاوضات ما زالت تراوح مكانها، مع استمرار المساومة دون تحقيق نتائج ملموسة.

ولعل التحذيرات المتزايدة بشأن سلالة جديدة أشد خطورة من فيروس إم بى أوكس (جدرى القرود) فى أفريقيا قد تساهم أخيرًا فى لفت الانتباه إلى هذه القضية الملحة.

ففى الأسبوع الماضي، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى تفشى الفيروس الحالى كـ"حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا".

ويمكن لفيروس جدرى القرود، الذى يتميز بسرعة انتشاره، أن ينتقل عبر ملامسة الجلد المصاب، أو مشاركة المواد الملوثة، أو الاتصال المباشر بالحيوانات.

وتُظهر السلالة الجديدة، المسماة "الفصيلة ١"، معدل وفيات مرتفع بلغ حوالى ٤٪ وتم اكتشاف حالات الإصابة فى ١٣ دولة أفريقية، مع تركيز الأغلبية العظمى منها فى جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تجاوز عدد الوفيات حتى الآن 500 شخص.

واستجابةً لهذه التطورات، قامت وكالة الأمن الصحى البريطانية بتحديث إرشاداتها للأطباء بخصوص السلالة الجديدة، والخميس الماضي، تم تسجيل أول حالة إصابة خارج أفريقيا فى السويد، وفى الوقت نفسه تعمل شركة التكنولوجيا الحيوية الدنماركية "بافاريان نورديك" على توسيع نطاق إنتاج لقاح يستند إلى لقاح الجدرى الذى تم تطويره سابقا وشهدت الشركة ارتفاعًا كبيرًا فى أسعار أسهمها خلال الأسبوع الماضى مع ورود طلبات جديدة على اللقاح.

وأوضحت أن التأخيرات التنظيمية على المستوى المحلي، والاستجابة الدولية البطيئة، والنقص الحاد فى التمويل، تعنى أن الكونغو الديمقراطية لا تمتلك تقريبًا أى وصول إلى اللقاحات، وقد قُدِّر سعر حقنة لقاح إم بى أوكس بنحو ١٠٠ دولار (٧٧ جنيهًا إسترلينيًا)، مما يجعل برامج التطعيم الجماعى بعيدة عن متناول الحكومات التى تعانى بالفعل من أعباء الديون الثقيلة والمفرطة للدائنين الغربيين.

وعلى الرغم من أن بعض الدول الأكثر ثراءً قدمت مساعدات، إلا أنها كانت محدودة وغير كافية فقد تعهدت الولايات المتحدة بتقديم ٥٠ ألف حقنة، لكن لديها القدرة على توفير المزيد من الجرعات التى ستكون مطلوبة بالملايين.

وفى ضوء ذلك، أشارت تقديرات وكالة الصحة العامة التابعة للاتحاد الأفريقى إلى أن القارة ستحتاج إلى نحو ٤ مليارات دولار لتنفيذ عمليات التطعيم، والمراقبة، والتعليم، مع التركيز على المناطق التى تعانى بالفعل من الفقر، وسوء التغذية، والصراع.

ورغم ذلك، لم يتم التعهد إلا بجزء ضئيل من هذا المبلغ حتى الآن وبعد أن تجاهل المجتمع الدولى تفشى حمى الضنك الأقل خطورة فى وسط أفريقيا العام الماضي، يجد العالم نفسه الآن فى مواجهة موقف أكثر خطورة لم يكن مستعدًا له بالشكل الكافي.

وخلال جائحة كوفيد-١٩، قامت الدول الغنية بتكديس اللقاحات بشكل مفرط، حيث تم تسليم الجرعات المعززة لمواطنى الشمال العالمي، بينما كانت الدول ذات الدخل المنخفض تكافح للحصول على المال والوصول إلى اللقاحات لتقديم الجرعات الأولى لشعوبها.

فى المستقبل، يجب أن تتضمن الحلول تعزيز المساواة فى توزيع اللقاحات بشكل مستدام، بما فى ذلك نقل التكنولوجيا إلى البلدان الأفقر لكن فى الوقت الحالي، هناك حاجة ملحة إلى استجابة سريعة ومعالجة فورية للأزمة الوشيكة فى جمهورية الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة فى وسط أفريقيا.

وإن الفشل فى التصدى للأزمة الحالية سيؤدى إلى تداعيات كارثية على الصحة العامة، ليس فقط فى أفريقيا، ولكن فى جميع أنحاء العالم إذا استمر فيروس إم بى أوكس فى الانتشار دون رادع، فقد نشهد تحورات جديدة أكثر خطورة قد تتسبب فى انتشار الوباء على نطاق عالمي. وبالتالي، فإن توفير الموارد اللازمة والدعم الدولى الفورى للبلدان الأفريقية المتضررة لا ينبغى أن يكون خيارًا، بل ضرورة حتمية.

وفى النهاية، إذا أرادت الدول الغنية حماية نفسها من المخاطر الصحية العالمية، يجب أن تدرك أن التضامن مع الدول النامية ليس فقط مسألة أخلاقية، بل هو أيضًا استثمار فى أمنها الصحي.