حث عدد من القيادات الإنجيلية في منطقة الشرق الأوسط، المسيحيّين في كلِّ العالم على أن يأتوا إلى الشّرق الأوسط ليس فقط لزيارة المواقع الكتابيّة القديمة وآثار الماضي، بل أيضًا للانخراط والمشاركة مع المؤمنين بالمنطقة.
وجاء ذلك خلال بيان نص على: نحنُ قادةٌ إنجيليّون من فلسطين ومصر والأردن ولبنان وسوريا والعراق، نمثِّل كنائس وخدمات مسيحيّة عديدة، ندعو إخوتنا وأخواتنا في الكنيسة حول العالم بحرارة بأن تشاركنا وتستمِع إلى قصصنا، وتعرِف وتدرِك معًا قوّة الوحدة والإنجيل وقدرتهما على تغيير منطقتنا المُحطَّمة والمُقسَّمة. ونحنُ نقدِّم هذه الدعوة كانعكاسٍ لالتزامنا الثّابت تجاه رسالة الإنجيل وضمن جهودنا المستمرّة في أنْ نُسهِم بالكثير في حياة ملايين النّاس في الشّرق الأوسط. ونحنُ نقدِّر إرث المُرسَلين الإنجيليّين الغربيّين الذين وصلوا إلى بلادنا قبل حوالي القرنين لمساعدتنا في تعميق إرثنا الروحيّ، ونكرِم أمانة الذين منهم يخدمون في منطقتنا اليوم. ونطمح معًا إلى أن تستعيد كنائسنا في الشرق الأوسط دورها التّاريخي كمراكز لإيصال رسالة الإنجيل (أعمال 1: 8). ونجدِّد اليوم دعوتنا لعائلة الكنيسة في العالم بأن تشاركنا وتتوحّد معنا في تحقيق هذه الرؤيا.
التزامنا تجاه الوحدة
وتابع البيان" مع أنَّ هدفنا بأن نقدِّم محبة الله لكل الناس هو هدف مشترك، فإنّه توجَد فجوة واضحة بين الكنيسة الغربيّة والكنيسة الشرقيّة في الرّسالة، مما يعكس أولوياتنا غير المتطابقة في رسالتنا. يتعارض هذا الانقسام مع هويتنا المشتركة كجسدِ المسيح الواحد (غلاطيّة 3: 28). فنحنُ ندرك ونعترف أنَّ الوحدة ليست مجرَّد طموح، بل هي مهمّة إلهيّة حيّة (يوحنا 17: 20-23؛ رومية 12: 4-5). تُكرِم الوحدةُ اللهَ وتُظهِر صِحّة الرسالة في سعينا إلى تتميم المأموريّة العُظمى. لذا نحثُّ المسيحيّين الحقيقيّين في كلِّ العالم على أن يأتوا إلى الشّرق الأوسط ليس فقط لزيارة المواقع الكتابيّة القديمة وآثار الماضي، بل أيضًا للانخراط والمشاركة مع الحجارة الحيّة في الشّرق الأوسط، التي هي جماعة المؤمنين الأمناء الذين حافظوا على وجودهم في هذه المنطقة خلال قرابة الألفي سنة".
التزامنا تجاه السلام
واستكمل البيان “نؤكِّد على أولويتنا بأن نحبّ أقرباءنا وجيراننا، ونؤكِّد على حقيقة أنّهم جميعًا مخلوقون على صورة الله بالقدْر نفسه (لاويين 19: 18؛ مرقس 12: 29-31؛ غلاطية 5: 14). لدينا اقتناع عميق بأنَّ علينا أنْ نحبّ جيراننا المسلمين واليهود. ونؤكِّد على أنّ النزاعات في الشّرق الأوسط، بما في ذلك النّزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ليست إظهارات لحرب روحيّة بل صراعات متجذِّرة في ديناميكيّات اجتماعيّة سياسيّة تتطلّب فهمًا دقيقًا واستجاباتٍ استراتيجيّة. ونحنُ نرفض بصورة قاطعة كلَّ أشكال العنف من أجل تحقيق العدالة (إرميا 22: 3؛ رومية 3: 15-18)، وندين بشدّة كلَّ الأيدولوجيّات الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة التي تعوق تحقيق سلام دائم، بما في ذلك أيدولوجيّات معاداة السّاميّة والإسلاموفوبيا والصّهيونيّة المسيحيّة. وكمواطنين في بلداننا، نؤمن أنّنا مدعوّون إلى أن نتكلَّم بالحقّ ونصلّي لأجل الذين هم في سلطة لنستطيع أن نعيش في سلام (1تيموثاوس 2: 1-2؛ أمثال 21: 1). ولاؤنا هو للإنجيل، من دون تأثيرٍ سلبيٍّ آتٍ من الارتباطات السّياسيّة، مع رسوخنا في محبّة المسيح الظّاهرة في السّعي إلى صُنع السّلام (متّى 5: 9؛ مزمور 34: 14). ونؤكّد على الدّور الضّروري الذي لا غنى عنه للكنيسة في العالم في مناصرة السلام. ونحثّ كلّ المؤمنين على الاستماع إلى خطاب المسيحيّين في الشّرق الأوسط، الذين تمسَّكوا بإيمانهم بالمسيح في بيئات وظروف صعبة وغير مواتية. ونطلب من إخوتنا أتباع المسيح في كلّ مكان أن يتفاعلوا مع المناظير المتنوِّعة المُنبثقة من منطقتنا والتي تبدو متعارضة”.
التزامنا بالمأموريّة العظمى
وأضاف “تتّخذ رسالتنا المأموريّةَ العظمى أصلًا ومنطلقًا لها (متّى 28: 16-20). ولذا نؤكّد على أنَّ محبة الله الفديويّة مُقدّمة لكلّ إنسان (1تيموثاوس 2: 3-4؛ يوحنا 3: 16)، وأنّها تتجاوز كلَّ الخلفيّات الثقافيّة والعرقيّة والدينيّة. ونحنُ ندرك أن المساعي التي تتأثَّر بالأجندات الجيوسياسيّة أو الاقتصاديّة أو الخارجيّة الأخرى كثيرًا ما يُنظَر إليها بوصفها تلاعُبيّة، وكثيرًا ما تستغلّ الكتاب المُقدَّس لأجلِ أهدافٍ سياسيّة. ونتيجة لهذا، فإنَّ كثيرين في منطقتنا يرفضون رسالة محبّة المسيح التي نقدِّمها لأنَّ هذه التأثيرات تشابه الطّرق والمواقف التي اتّصف بها الحكم الاستعماريّ في الماضي، والتي تركتْ أثرًا سلبيًّا كبيرًا على الشّرق الأوسط لقرون. وتشكِّل هذه التّأثيرات حجرَ عثرة وسبب إعاقة أمام المأموريّة العظمى في بلداننا (رومية 14: 13؛ 1كورنثوس 9: 12). ولذا ندعو بكلّ حرارة وشغف الكنيسة في كلّ العالم بأن تنضم إلينا في حوار وتعاون من أجل التركيز على رؤيا واحدة، هي القوّة المغيِّرة لرسالة الإنجيل في منطقتنا”.
التزامنا في أوقات الحرب
واستطرد البيان “كأتباعٍ ليسوع المسيح في الشّرق الأوسط، نمتلئ بالحزن وننوح مع كلّ الذين يتألّمون في فلسطين وإسرائيل وأيّ بلدٍ آخر (متّى 5: 4؛ رومية 12: 15). ونحنُ ندعو كلّ المؤمنين في الغرب إلى أن يتّحدوا معنا ومع الكنيسة في كلّ العالم في إعلان إنجيل السّلام لا في إعلان الحروب (أمثال 12: 20؛ مزمور 46: 9). ونحنُ ندرِك الاستجابات المختلفة عند الكنيسة الغربيّة، وبتواضع نُقِرّ بتقصيرات إنجيليّين كثيرين في دعم إخوتنا الفلسطينيّين والشّعب الفلسطيني في ظروفه الصّعبة، وبأمانة الآخرين الذين عبَّروا عن محبة الله بطرقٍ حقيقيّة وملموسة. وفي رفضنا الأيدولوجيّات الدينية المتطرِّفة، فإننا ملتزمون بالدفاع عن السّلام والرّحمة بحسب تعاليم المسيح والمبادئ الكتابيّة (متّى 25: 37-40؛ رومية 12: 18-21؛ أمثال 25: 21؛ ميخا 6: 8). وقد أدّت الأزمة الشّديدة المدمِّرة في فلسطين، التي تتّصف بمقتل كثيرين من المدنيّين ومجاعة في غزة، إلى معاناةٍ شديدة، خاصّة وسط النّساء والأطفال. وهذا يتطلّب تعاطف المجتمع المسيحي في كلّ العالم. ولا نستطيع أن نبقى صامتين أمام هذه الحقائق القاسية والواضحة (أمثال 31: 8-9؛ مزمور 82: 3؛ إشعياء 1: 17). ونشعر بالأسف تجاه صمت بعض قادة الكنائس الغربيّة بشأن العمليّات العسكريّة في غزّة، وهي عمليّات اعتبرتْها المحكمة الجنائية الدوليّة ظاهريًا والعديد من هيئات حقوق الإنسان وأعداد متزايدة من دول العالم إبادةً جماعيّة. ونحنُ نحثّ على المحاسبة، والدّعوة إلى وقفٍ فوريٍّ لإطلاقِ النّار، وإطلاق كلّ الرهائن، والسّماح بدخول المساعدات إلى غزّة من دون قيود. كما ندعو إلى فهمِ الأسباب الجذريّة للنزاع المستمرّ منذُ ستٍّ وسبعين سنة ما بين الفلسطينيّين الإسرائيليّين، ومعالجة هذه الأسباب. وإذ نتمسّك بالأمل، فإنّنا نصلّي لأجل تعزيةٍ للمتأثّرين والمتضرّرين بفعل هذه الأزمة، ونؤكِّد على التزامنا تجاه صُنْع السّلام”.
دعوتنا لكم
في الختام قال البيان" ونقدِّم دعوتنا المُخلِصة لإخوتنا وأخواتنا في كلّ العالم للانضمام إلينا في مهمةٍ تتخطّى أيّة انقسامات عرقيّة أو سياسيّة أو لاهوتيّة. نرجو منكم أن تأتوا وتقفوا إلى جانبنا وتنضمّوا إلينا في ما يعمله الله في وسطنا. تعالوا وانظروا قوّة الإنجيل الحيَّة في الشّرق الأوسط. شاركوا في مدّ الجسور فوق أودية الانقسامات، وفي مبادرات تشفي الجروح، وفي شراكاتٍ تُساهِم في امتداد ملكوت الله. حقول رسالتنا مبيضّة للحصاد، إذ تمتلئ بالفرص للذين يسعون إلى أن يخدموا معنا ويتعلَّموا من ثبات قوّة كنائسنا وإيمانها. دعونا نخلق معًا مستقبلًا روحيًّا يُرى فيه الشّرق الأوسط لا بعدسات صراعاته بل بوصفه مثالًا على كنيسةٍ ثابتة وصامدة تكرِم المسيح. اليوم هو يوم الفرصة لتقدُّم المأموريّة العظمى في واحدةٍ من أهم مناطق الأرض تاريخيًّا. نستطيع معًا أن نكتب الفصل التّالي من قصّة الله في منطقتنا، فصلًا يكرِم إيماننا الحقيقي الواحد ويتطلَّع إلى مستقبلٍ ممتلئ بالأمل والسّلام. نستطيع معًا أن نُظهِر لعالمنا المُحطَّم قوّة وحدتنا المسيحيّة. نستطيع معًا أن نجعل الشّرق الأوسط مركزَ كرازةٍ يمتلئ بالحيوية. هذه هي دعوتنا. ولذا نرجو أن تأتوا وتكونوا جزءًا من هذا التّاريخ الحيّ".
ووقع البيان عدد من القساوسة ممثلين عن مجموعة من الكنائس الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، وجاءت الأسماء كالتالي:
القس الدكتور فارس إبراهيم أبو فرحة
خدمة الجيل التالي، خدمة إقليمية
القس الدكتور إدوارد عوابدة
كنيسة الاتّحاد المسيحي الإنجيليّة، سورية
القس داني عوض
الكنيسة المشيخية، فلسطين
القس الدكتور آرا باداليان
رابطة الكنائس الإنجيليّة الوطنيّة، العراق
القس خلف بركات
المجمع المعمداني الإنجيلي العام، مصر
القس جهاد حدّاد
كنيسة الكرمة الحقيقية، لبنان
القس الدكتور منذر إسحاق
كلية بيت لحم للكتاب المُقدَّس، فلسطين
القس الدكتور حكمت قشوع
كنيسة القيامة، لبنان
القس الدكتور حنّا كتناشو
كلية النّاصرة الإنجيلية، إسرائيل
القس جوي ملوح
كنيسة الله، لبنان وسوريا
السيد بطرس منصور
رئيس سابق لمَجْمَع الكنائس الإنجيلية في إسرائيل
القس الدكتور سامح موريس
كنيسة قصر الدّوبارة الإنجيلية، مصر
د. سليم منير
خدمة السلام والمصالحة، خدمة إقليمية
القس جوزيف نجم
مجمع الكنيسة الإنجيلية الحرّة، لبنان وسورية
القس الدكتور عصام رعد
خدمة الصّحة للشّرق الأوسط (HOME)، خدمة إقليميّة
القس نور سهاونة
كنيسة الاتّحاد المسيحي – المفرق، الأردن
القس أندرو سلامة
كنيسة الناصري، المُشرِف الإقليمي، لبنان
القس الدكتور سهيل سعود
الكنيسة الإنجيليّة المشيخيّة الوطنيّة، لبنان
القس الدكتور جاك سارة
الأمين العام للاتّحاد الإنجيلي للشّرق الأوسط وشمال أفريقيا
القس الدكتور نزار شاهين
نور لجميع الأمم، خدمة إقليمية
القس الدكتور عزّت شاكر
سنودس النيل الإنجيلي، مصر
وفي سياق متصل، قال الشيخ الدكتور إيهاب الخراط شيخ بالكنيسة الإنجيلية المشيخية بقصر الدوبارة، إن البيان الذي وقعة القادة الإنجيليون العرب أكثر من رائع وكتابي وعميق وصوت نبوي حقيقي.
وأشار “الخراط” إلى أن القيادات الدينية حذروا من معاداة السامية والإسلاموفوبيا معا، ورفضوا ما يسمى بالمسيحية الصهيونية، كما أطلقوا صيحة تنبيه أن نحب كل من اليهود والمسلمين ونسعى للسلام العادل.
واستطرد الخراط ، أن قادة الكنائس دعوا لبحث جذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القادم منذ ٧٦ عاما ويزيد.
واختتم "الشيخ الدكتور إيهاب الخراط تعليقه على موقف قادة الكنائس بتقديم التحية لرجال الله العظام ونفتخر بأشقائنا المصريين الدكتور القس عزت شاكر رئيس سنودس النيل الإنجيلي المشيخي، والدكتور القس سامح موريس راعي الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة.