في قلب قرية صغيرة تنبض بالحياة، يبرز إشعاع أمل وإبداع يتجلى في نجاح مبادرة تشجير استثنائية لم تكن لتتحقق لولا الجهود الذاتية لأهالي القرية، هذه المبادرة، التي بدأت كفكرة بسيطة تنم عن حب للطبيعة والبيئة، تحولت إلى مشروع يروي حكاية الإصرار والتفاني في خدمة الأرض، وقد قرر سكانها أن يتكاتفوا ويضعوا أيديهم في أيدي بعضهم البعض لإعادة الحياة واللون الأخضر المبهج إلى شوارعهم، وفي البداية كانت العملية متواضعة؛ أشجار صغيرة ومجموعة من المتطوعين الذين بذلوا جهوداً مضنية لتهيئة الأرض وزراعتها، ولكن يتم كسرها أو سرقتها مع الوقت، ومع مرور الوقت وتزايد الدعم من أفراد المجتمع المحلي، بدأت الأرض تستجيب لهم، ولكن القصة لم تقتصر على الزراعة فحسب، بل تتجاوزها إلى مجال تأثير المبادرة على النسيج الاجتماعي للقرية، فقد أصبحت هذه المبادرة رمزاً للوحدة والروح الجماعية.
حيث تجمع السكان من مختلف الأعمار والخلفيات للعمل سويًا من أجل هدف مشترك في ظل الاهتمام المتزايد بالبيئة وتزايد الوعي بأهمية الحفاظ عليها، أطلقت مبادرة جديدة تتبنى شعار "من أجل غدٍ أخضر"، وهي مبادرة تشجير تطوعية تنفذ في قرية محلية بمركز شبين القناطر في محافظة القليوبية، تسلط هذه الحملة الضوء على قوة العمل الجماعي والتطوعي في تعزيز الاستدامة البيئية، وتجسد قدرة المجتمع على التصدي للتحديات البيئية بطرق مبتكرة وفعالة، وقد تم خلال أسبوع واحد فقط من المبادرة، زراعة 350 شجرة من أنواع متعددة، تشمل شجيرات التوت والبونسيانا والفيكس والصبار، هذه الأشجار ليست مجرد إضافة للمساحات الخضراء، بل تشكل جزءًا من خطة متكاملة تهدف إلى تحسين جودة الهواء وتوفير ظلال طبيعية تعزز من صحة البيئة، وقد تم تنفيذ هذه المبادرة بفضل دعم المتطوعين المحليين والمزارعين، مما يبرز قوة التضافر المجتمعي في مواجهة التحديات البيئية.
بدأت الحملة بجهود مجموعة من الشباب المتحمسين متحلين بالحماسة والإرادة، حاملين معهم أدوات الزراعة والبذور والشجيرات الصغيرة التي تبرع بها صاحب مشتل محلي بقريتهم، وقاموا بزراعة الأشجار بالجهود الذتية وسط أجواء مليئة بروح التعاون والإيجابية، حيث أشرف على العملية خبراء زراعيون ومهندسون بيئيون، بالإضافة إلى رجال العمل الخدمي بالقرية، وكذلك تم تحديد الأماكن المثلى لزراعة الأشجار وضمان توافر جميع الموارد اللازمة من رعاية وحراسة لضمان نجاح المبادرة.
وفي حديثه، أكد محمد عبيد، أحد الداعمين الرئيسيين للمبادرة، أن بداية الحملة كانت بزراعة أشجار التوت، التي تُعد من النباتات ذات الفوائد البيئية الكبيرة، وتم اختيار هذه الأشجار لخصائصها في تنقية الهواء وتوفير الظل، كما تم اختيار شجرة البونسيانا لأزهارها الملونة التي تضيف جمالية رائعة وظلال كبيرة، وقد تم زراعة هذه الأشجار في "حرم الطريق" الخارجي للقرية، مقابل المركز الطبي الحكومي الوحيد في القرية، لتعزيز جمال المنظر العام وتوفير فوائد بيئية ملحوظة.
وأشار عبيد إلى أن الخطوة الأولى في الحملة كانت توعية الأهالي بأهمية الأشجار وكيفية العناية بها، وقد نظّم المتطوعون حملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي والجروبات المحلية، استهدفت الأطفال والكبار على حدٍ سواء، لتعليمهم أساسيات الزراعة والحفاظ على الأشجار، ودورهم الفعّال في تنقية الهواء وتوفير الظلال، كما أشار إلى أن هذه الحملة لم تقتصر على زراعة الأشجار فحسب، بل امتدت لتشمل أنشطة توعوية تهدف إلى زيادة الوعي البيئي بين السكان، وأشاد بالشباب المتحمس وأكد أن النتائج الأولية كانت رائعة، حيث أظهر المشاركون التزاماً كبيراً بالعمل وحرصاً على تنفيذ كل خطوة بدقة، ولم تقتصر الحملة على التأثير الإيجابي على البيئة، بل كان لها تأثير ملموس على روح المجتمع حيث تجمّع السكان في فعاليات التشجير، وأبدى الآخرون نيتهم الجادة للتعاون في الزراعة أو التبرع، مما زاد من الروح الجماعية وأكد على قوة العمل المشترك في تحقيق الأهداف البيئية.
وأوضح القائمون على تنفيذ المبادرة، أن الجمال الحقيقي لهذه الأشجار سيظهر بعد نحو عام من الآن، حيث من المتوقع أن تشهد القرية تحولاً ملحوظاً في مشهدها البيئي مع نمو هذه الأشجار، ستصبح رموزاً للجهود الذاتية والتفاني في تحسين البيئة المحلية وتنقية الهواء وتخفيف حدة درجات الحرارة، كما أن هذه المبادرة تفتح الباب لمزيد من المشروعات البيئية الطموحة، وتُعتبر مثالاً يُحتذى به في كيفية إحداث فرق كبير من خلال مبادرات محلية صغيرة، كما شددوا على أهمية استمرار هذه الجهود وتوسعها، لأنها ستكون حجر الزاوية لتحسين جودة الحياة في القرى والمجتمعات المحلية، حيث تقدم هذه الحملة مثالاً مشرقاً على ما يمكن تحقيقه عندما يتضافر الجهد الفردي لخدمة المصلحة العامة، ويُبرز كيف يمكن لفرص صغيرة ومبادرات محلية أن تُحدث فرقاً كبيراً في تحسين البيئة واستدامتها، كما أنها تُعد تجسيداً للأثر الإيجابي الذي يمكن تحقيقه من خلال مبادرات تطوعية محلية، وتُظهر كيف يمكن لجهود الأفراد والمجتمعات أن تؤدي إلى تغييرات ملموسة في البيئة المحيطة، ويدعو الجميع للتفكير في كيفية المساهمة في الحفاظ على البيئة وبناء مجتمع أكثر استدامة، مما يعزز من أهمية كل مبادرة صغيرة قد تحمل في طياتها إمكانيات كبيرة لتحسين العالم من حولنا.