الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

«علي دير العدرا وديني»… 5 موالد تُحيي ذكرى السيدة العذراء مريم في مصر..القس داود مکرم: مناسبات تعبر بها الجماعة في تلقائية عن عاداتها ومعتقداتها الراسخة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

⁂ يا ريس وديني للعدرا....... وأديلك من ندري شمعة توضعها ف بيتكم بركة
⁂ امدح فيكي يا أم النور....... في بهجة وفرح وسرور 
⁂ أقوم الصبح ف وش النوم....علي دير العدرا وديني أوفي ندوري والرب داعيني
⁂ يا أبونا بتاع الدير إحنا جينا جبل الطير

هذه بعض الأبيات من الفلكلور الشعبي التي يتلوها الأقباط الأرثوذكس خلال موالد السيدة العذراء مريم المقامة في فترة صومها الذي يودعه الأرثوذكس اليوم بعد 15 يومًا من بدء الصوم، ويسعى الأقباط على مدار العام إحياء تذكار «أم النور» عبر العديد من المناسبات والاحتفالات، حيث يُحييها الأقباط من خلال الأديرة والكنائس الشهيرة التي تحمل اسمها؛ ولعل «الموالد» أبرز تلك المظاهر المرتبطة بهذه الاحتفالات الدينية.

يُعد دير درنكة ودير المحرق، ودير جبل الطير بسمالوط من أشهر تلك المعالم الدينية التي تنطلق منها الاحتفالات الدينية والشعبية، وترجع شهرة هذه الأماكن كونها ضمن مسار العائلة المقدسة في مصر، وتشهد هذه الأديرة والكنائس، احتفالات مكثفة خلال فترة صوم العذراء، حيث تنظم قداسات يومية، ونهضة روحية مسائية.

تلقي «البوابة نيوز» الضوء على ظاهرة الموالد الشعبية بشكل عام بجانب حصر الموالد التي تحمل اسم السيدة العذراء مريم في مصر.

إرث مشترك 
الاحتفال بالمناسبات الدينية ظاهرة قديمة عند المصريين؛ فحتى بعد دخول المسيحية مصر وفق المصريون الكثير من العادات والتقاليد مع الدين الجديد، كان أبرزها ظاهرة «الموالد» كأحد مظاهر الاحتفال التي تبرز وتعبر عن ثقافة ومعتقدات المصريين؛ وهذا الذي يوضح وجود موالد لدى المسلمين كذلك، وكل ذلك يؤكد أن الكثير من المعتقدات المصرية هي إرث مشترك يؤمن به الشعب المصري على اختلاف فئاته، وبيئاته وحتى معتقداته. 

يقول د. القس داود مکرم، الحاصل على الدكتوراة في الفنون الشعبية، في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»: «إن الموالد الشعبية هى مناسبات تعبر بها الجماعة في تلقائية عن عاداتها ومعتقداتها الراسخة في وجدانها، ويأخذ هذا التعبير أشكالًا عديدة تُمثل وتُبلور أفكار ومعتقدات هذه الجماعة، كما تُعد الموالد مجالًا لظهور الاحتفالات الرسمية والشعبية والتي تتنوع وتختلف حسب مناسباتها، سواءً من حيث الشكل أو المضمون، وعلى ذلك فالاحتفالات الشعبية هي تعبير الجماعة عن مناسبة ما: قد تكون عائلية، أو قومية، أو دينية، أو اجتماعية… إلخ، ولكل جماعة شخصيتها في التعبير عن احتفالاتها تبعا للخلفية التاريخية، والثقافية، والمكانية، وتبعا لانتمائها الديني، والاجتماعي كذلك».

وتابع: «تمثل الاحتفالات الشعبية في الموالد القبطية مجالًا كبيرًا لظهور العديد من أشكال الإبداع الفني الشعبي للأقباط، وما يميزه، ويعكسه من ظواهر، ودلالات تكشف عن القدرات الإبداعية للشعب المصري، ولا شك أن للعقيدة الدينية الأثر الكبير في وجود العديد من المعارف الشعبية، واستمرارها، فقد استطاعت المسيحية عند دخولها مصر أن تحول العديد من الممارسات المصرية القديمة الخاصة بالمصريين القدماء إلي ممارسات تتفق مع الديانة الجديدة، أو على الأقل لا تتعارض معها، فتميزت احتفالات الأقباط في الأعياد والمناسبات الدينية بخصائص وسمات خاصة يلتقي فيها كثير من الموروثات الثقافية المصرية المتراكمة عبر العصور السابقة».

وأكمل: «كانت الاحتفالات في مصر القديمة احتفالات دينية في حقيقتها، وإن تنوعت مظاهرها، بين الاحتفال بالحصاد والفيضان، أو تجليس فرعون، أو  تذكار موتى، إلا أنها احتفالات لها صفة القداسة، تنقل المشاركين فيها لعالم آخر، يعايشون فيه إحساس الانتقال إلى حياة روحية أسمى، وهذا الإحساس هو عمق ما توحي به الاحتفالات الدينية في مصر القديمة فضلا عن إضفاء الطابع الميتافيزيقي عليها».

وعلق القس داود على الموالد القبطية بالقول: «بدأت مثل هذه الاحتفالات في الأصل لتكريم القديس برفع الصلوات وإقامة القداسات وقراءة الميامر للتشبه بهذا القديس وقدوته الصالحة، لكن لكثرة الأعداد وكثرة الاحتياجات انحرفت هذه الاحتفالات عن طبيعتها الدينية البسيطة إلى مظاهر مادية تجارية كانت سببًا في تسرب كثير من الشرور، الاجتماعية إلى تلك الموالد، للدرجة التي خص فيها أحد قديسي القرن الرابع الميلادي عظة كاملة منددا فيها بتلك الشرور، وكانت هذه الاحتفالات للأقباط بمثابة متنفس، فلقد عانى أقباط مصر من الاضطهاد الديني والسيامي في القرون الأولى للميلاد وبخاصة في عصر الشهداء، ومن المنطقي أن يكون الأقباط قد أفادوا من مناخ هذه الاحتفالات في تخليد ذكري هؤلاء الشهداء والقديسين، ولعل ما ساعد علي ذلك ما استحدثته الجماعة القبطية لنظام الرهبنة الديرية ووجودها في الأماكن النائية والمناطق الصحراوية، مما يسر على الأقباط في ذاك الوقت ذلك النوع من الاحتفالات».

 د. القس داود مکرم

موالد «أم النور»

دير المحرق

يقام المولد بدير السيدة العذراء المعروف بدير المحرق فى أسيوط، خلال الفترة من 18 إلى 27 يونيو من كل عام، ولا يعتبر فقط مجرد دير للتعبد، بل هو أيضا مزار سياحي، كون ما يحويه من أثر قبطي تاريخي، حيث اختبأت به العائلة المقدسة «مريم العذراء، وطفلها يسوع، وراعيهما يوسف النجار» أثناء هروبها من فلسطين، من مطاردة الملك «هِيرودُس»، الذى كان يسعى لقتل الطفل، ومكثت به العائلة فترة أطول من أي مكان آخر اختبأت به، 6 أشهر وعشرة أيام، وذلك ما تذكره المصادر الكنسية، مثل كتاب الأنبا غريغوريوس «الدير المحرق»، نقلًا عن التقليد الكنسي.

 

دير المحرق بأسيوط

مولد دير درنكة

يقام المولد بدير السيدة العذراء مريم في درنكة طوال فترة صوم العذراء بداية من 7 أغسطس حتى 22 من نفس الشهر، ويتوافد خلال أيام المولد ما يقرب من مليون زائر للتبرك من مغارة العذراء بالدير.

يعد هذا الدير أحد أشهر الأديرة في مصر والعالم، لكونه آخر محطات رحلة العائلة المقدسة، ويقع على بعد 10 كم من مدينة أسيوط و3 كم من قرية درنكة، ويرتفع أكثر من 100 متر عن سطح البحر، وكان يتم اللجوء إلى كنيسة المغارة للاحتماء من فيضان النيل منذ أيام الفراعنة.

 

دير جبل الطير بمركز سمالوط

يقام مولد السيدة العذراء مريم بدير جبل الطير بسمالوط في مطلع يونيو من كل عام، ويمثل هذا المولد أحد أهم الموالد التي تقام سنويًا  في مصر، ويقع دير العذراء بجبل الطير على ارتفاع 100 متر، وله سلالم منحوتة في الجبل وقد بنيت الكنيسة في عهد القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين في عام 328م، وهي منحوتة بالكامل في الصخر، وبداخلها المغارة التي اختبأت بها السيدة العذراء في الجبل.

يعتبر هذا المولد أحد أكبر الاحتفالات السنوية في الكنيسة، إذ يقبل عليه ما يقرب من نصف مليون من المصريين، ويكثر البائعون حلوى المولد حول الكنيسة خلال فترة الموالد، كما يقبل الأقباط على دق الصلبان وصور القديسين على أيديهم في الكنيسة من خلال جهاز للوشم يحفر على الجلد.

مولد العذراء بمسطرد

يقام المولد حول كنيسة السيدة العذراء الأثرية فى منطقة مسطرد بالقليوبية، في منتصف شهر أغسطس من كل عام تزامنا مع صوم العذراء، كما ترجع أهمية هذه الكنيسة الى أن العائلة المقدسة استظلت بشجرة كبيرة تفجر بجانبها عين ماء أخرى فغسلت العذراء طفلها وسمى المكان بعد ذلك «المحمى»، وهو مكان استحمام السيد المسيح، حسب كتاب «أطلس الأديان».

لذلك يحرص الأقباط خلال فترة الاحتفالات أن يتبركوا من موضع زيارة السيدة العذراء والمسيح وخاصة بئر المياه التى شربت منها العائلة المقدسة. 

مولد العذراء بـ«بياض العرب»

يقام الاحتفال بدير العذراء مريم بمنطقة بياض العرب شرق النيل بمحافظة بنى سويف، وتمتد الاحتفالات خلال صوم العذراء من كل عام فى الفترة من 7 إلى 21 أغسطس، ويستمد المكان أهميته لكونه أحد نقاط رحلة العائلة المقدسة ويقال إن الدير يقع بنفس المنطقة التى عثرت فيها ابنة فرعون على الطفل موسى النبي.

وتنقسم أعياد العذراء مريم بشكل عام إلى الأعياد الميرمية الكبرى، ويبلغ عددها سبعة أعياد، وتأتي أهميتها من كون جميع الكنائس في العالم تحتفل بها، القسم الثاني هو الأعياد المرتبطة بمراحل من حياتها، كالزيارة إلى أليصابات أو تقدمتها إلى هيكل سليمان، ويختلف الاحتفال بها حسب الرعايا والطوائف وحسب البلدان أيضًا؛ القسم الثالث هو الأعياد الخاصة بذكرى ظهورها أو طلب شفاعتها لبلد أو منطقة وتتميز بكونها محصورة في البلد والمنطقة وأحيانًا بالطائفة الخاصة بذلك أو الكنيسة المشادة على اسمها.

وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بـ«أم النور» تسع مرات فى العام، بالإضافة أن لها شهرًا خاصًا احتفاليًا في نهاية كل عام وهو شهر «كيهك»، وذلك خلال الفترة من 10 ديسمبر إلى 7 يناير، وأعياد الكنيسة هى: «عيد البشارة 13 أغسطس، عيد ميلادها 9 مايو، عيد دخولها الهيكل 13 ديسمبر، عيد مجيئها مصر ومعها العائلة المقدسة، أول يونيو، عيد وفاتها 30 يونيو، عيد العذراء ومعجزة حل الحديد وهو يوم 21 من كل شهر قبطي»، تذكارًا لنياحتها فى 21 طوبة «الموافق يوم 30 يناير تقريبًا»، عيد ظهورها فى الزيتون على قباب كنيسة العذراء وكان ذلك يوم 2 أبريل سنة 1968 واستمر على مدى سنوات ويوافق 2 أبريل.

ويُعتبر الصوم من الدرجة الثالثة من بين أصوام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويسمح فيه بأكل الأسماك، بالإضافة إلى الأكلات النباتية ويمنع أكل اللحوم والألبان وكل المنتجات الحيوانية كباقي الأصوام.

وعلى الرغم من أن الصوم من الدرجة الثانية إلى أنه يحظى بمكانة كبيرة في القلوب، وذلك يرجع لمكانة السيدة مريم العذراء في ذاتها لدى المصريين، فقد وطأت قدميها أرض مصر وتجولت في شوارعها، وتجلت في سمائها عدة مرات؛ لذلك مكانتها كبيرة وذكرياتها ما زالت محفورة فى أذهان شعب مصر، لذلك إحياء ذكراها أمر اعتاد عليه المصريون في أي مناسبة ترتبط باسمها، وتحقق قولها في الكتاب المقدس «فهو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني» لو48:1.