الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

غزة.. معادلات ردع جديدة بعد ضياع الفرصة الأخيرة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ستشهد منطقة الشرق الأوسط إعادة تشكيل لخريطة التحالفات الإقليمية على المستويات السياسية والعسكرية مع الإعلان الرسمى عن ضياع الفرصة الأخيرة كما ستتشكل معادلات ردع جديدة ضد الكيان الصهيونى فى لبنان وربما اليمن والعراق وسوريا دون أن تورط إيران فى حرب إقليمية واسعة فى المدى القريب على الأقل.
كذلك قد تشهد المنطقة معادلات ردع سياسية قوية من أطراف قد لا يتوقعها العدو الصهيونى؛ غير أن غزة ستكون المبادرة بخلق هذه المعادلات بإحياء القديم منها وأهمها العمليات الفدائية، واستحداث الجديد بشن هجمات عسكرية مباغتة على مناطق تمركز قوات العدو على نحو ما حدث فى محور نتساريم الاستراتيجى مطلع الأسبوع.
بدا الرئيس الأمريكى جو بايدن كاذبًا ومدلسًا عندما اتهم حركة المقاومة الفلسطينية حماس بالتراجع عما وافقت عليه فى الثانى من يوليو الماضى بناء على مبادرته هو فى ٣١ مايو؛ كذلك ظهر وزير خارجيته أنطونى بلينكن ضعيفًا أمام غريزة الإرهاب الصهيونى بنيامين نتنياهو فى القتل وانتهاك كل القيم الإنسانية.
بكل المعايير السياسية جاءت زيارة بلينكن إلى إسرائيل لتعجل بإعلان ضياع الفرصة الأخيرة لوقف حرب الإبادة وعقد اتفاق لتبادل الأسرى.
للتذكير سريعًا طرح بايدن مشروعًا للاتفاق نهاية مايو الماضى يمر بثلاثة مراحل تستغرق الأولى منها ستة أسابيع يتم خلالها تسليم الأسرى من كبار السن والنساء مع وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات بينما ينسحب جيش الاحتلال الصهيونى من قطاع غزة فى المرحلة الثانية ويبدأ التفاوض بهدف وقف دائم لإطلاق النار مع تسليم الجنود الصهاينة فوق الـ٥٠ عامًا لتنتهى المرحلة الثالثة بالاتفاق على إعمار غزة وتسليم كافة الأسرى المتبقين.
من جانبها تخلت حماس عن شرطها بالتزام اسرائيل المسبق بوقف دائم لإطلاق النار قبل التفاوض وإرجاءه للمرحلة الثانية.
لم يكن فى مبادرة بايدن الكذاب حديث عن هدنة مؤقتة مقابل تبادل الأسرى أو استمرار احتلال العدو الصهيونى لقطاع غزة وبقاء جيشه فى محورى نتساريم وفلادليفيا.
بلينكن جاء ليعلن موافقة الارهابى نتنياهو على تحديث للمقترح الأمريكى وفى الواقع أن عميد دبلوماسية أكبر دولة خضع لشروط نتنياهو، فقد وافق على استمرار تواجد الاحتلال فى محورى نتساريم وفلادلفيا وتعنت الجانب الصهيونى فى عملية الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وإطلاق يده فى إبقاء من تشاء فى السجون وإبعاد من تشاء خارج الأراضى الفلسطينية.
الأخطر تجاهل بلينكن فى تصريحاته خلال تواجده فى الكيان الصهيونى ومصر عبارة “وقف دائم لإطلاق النار” وحرص على تكرار مصطلح “اتفاق هدنة مقابل تسليم الرهائن” بحسب وصفه.
الأمريكيون والصهاينة تناسوا حقيقة ساطعة سطوع الشمس وهى أن حماس حركة تحرر وطنى مثلها مثل باقى الفصائل الفلسطينية ولا يمكن لحركة كهذه القبول باتفاق يقضى بتسليم أسرى العدو ثم استئناف حرب الإبادة ضد شعبها، وبالمناسبة أعلنت باقى الفصائل الفلسطينية رفضها للعرض الصهيو أمريكى ومن بينها الجبهة الشعبية ذات الأيدولوجية اليسارية المناقضة لأيدولوجية حماس لكن يبقى أنهم جميعًا حركات تحرر وطنى.
خلال هذا الأسبوع تستأنف مفاوضات الفرصة الأخيرة (الضائعة) فى القاهرة فى ظل موقف صهيونى يصر على انتهاك اتفاقية المعابر لعام ٢٠٠٥ الملحقة باتفاق كامب ديفيد للسلام، فبوقاحة منقطعة النظبر أعلن الإرهابى نتنياهو تمسكه ببقاء جيش الاحتلال فى محورى نتساريم وفلادلفيا لما يمثلانه من أهمية سياسية وعسكرية.
وعلى مدار الأسابيع الماضية واجهت مصر ذات النهج الأمريكى المتمثل فى الكذب والتدليس حيث راحت وسائل الإعلام العبرية تردد موافقة القاهرة على بقاء جيش الاحتلال فى محور فلادلفيا.
مصر نفت تلك الادعاءات جملة وتفصيلًا بل أن أعضاء فى الوفد الصهيونى المفاوض قالوا لموقع أكسيوس أن هذه الجولة من المفاوضات ستفشل لتمسك مصر وحماس بشرط انسحاب جيش الاحتلال من المحور الذى يمثل أهمية استراتيجية للأمن القومى المصرى.
وتصر مصر على عدم تشغيل معبر رفح فى ظل وجود قوات الاحتلال حتى لا يكون ذلك إقرارًا لسياسة الأمر الواقع التى يسعى الإرهابى نتنياهو لفرضها وتتمسك بضرورة أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعبر من الجانب الفلسطينى.
بعيدًا عن التصريحات الدبلوماسية المعلنة، لا أظن أن بلينكن وجد ما يريده فى العلمين الجديدة حيث التقى بالرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى.
بيان الرئاسة المصرية قال أن الرئيس شدد على ضرورة أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار بداية حقيقية للاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية؛ وهذا ما يعنى أن مصر ترفض أن يكون الاتفاق اتفاق هدنة مؤقتة تعود بعدها حرب الإبادة إثر عملية تبادل الأسرى علاوة على وقوفها بقوة ضد رفض حكومة الكيان الصهيونى وبرلمانها (الكنيست) لحل الدولتين وما يصحب ذلك من مخططات خبيثة فى غزة والضفة الغربية.
أمام الإرهاب والتعنت الصهيونى والكذب الأمريكى أدركت المقاومة الفسطينية أننا على وشك الإعلان رسميًا عن ضياع الفرصة الأخيرة فأعادت استراتيجية قديمة للردع وهى العمليات الفدائية التفجيرية داخل مستوطنات الكيان، وقامت بعملية فى قلب تل أبيب فى رسالة واضحة أنه إذا لم يتم توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار فسوف تزداد هذه العمليات التى تستهدف المستوطنين ردًا على حرب الإبادة التى تشنونها ضد المدنيين فى غزة.
فهل تستطيع حكومة الإرهابى نتنياهو دفع الثمن السياسى الباهظ الذى ستتكبده جراء هذا النوع من العمليات؟! لاسيما وأنها لن تواجه انتقادات أخلاقية حادة، فجرائم الكيان فى غزة والمستوطنين الإرهابيين فى الضفة الغربية تمنح هذه العمليات مشروعية أخلاقية وسياسية.
على الجانب الآخر أرسل حزب الله مسيرة صغيرة تعرف بالهدهد لتحلق فوق منزل نتنياهو الصيفى وهى رسالة أخرى تقول: نستطيع اصطياد الرؤوس، فهل من مستجيب لدعوات السلام؟!
هذا الإصرار الصهيونى على انتهاك اتفاقية المعابر سيدفع الدولة المصرية فى لحظة ما لاستخدام ما لديها من أوراق سياسية ودبلوماسية وأخرى لا نعلمها لتشكل بدورها معادلة ردع جديدة ضد محاولة الكيان محاولة زعزعة المنطقة.
معادلات الردع لكل ستكون الفرصة الأخيرة لمنع نشوب حرب اقليمية واسعة بات الجميع مستعدًا لخوضها إذا استمر الصلف الصهيونى والغباء الأمريكى.