من جديد عاد "جدري القردة" ليهدد العالم، بعدما انتشرت العديد من الإصابات في إفريقيا وأوروبا، الأمر الذي دفع كبرى المنظمات الدولية للتحذير من مخاطر انتشار المرض، حيث أوصت الصحة العالمية بإطلاق حملة تطعيمات في الدول التي سجلت فيها إصابات بالسلالة الجديدة من جدري القردة.
إصابات جديدة بـ "جدري القردة"
وسجلت العديد من الدول إصابات بسلالة جديدة من جدري القردة، وتزايدت الإصابات في جمهورية الكونغو الديموقراطية، مدفوعا بالسلالة الجديدة المعروفة بـ "1بي"، والتي انتشرت أيضا في بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا، الأمر الذي دفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلان المرض "طارئة صحية عامة تسبب قلقا دوليا" في 14 أغسطس، وهو أعلى مستوى تحذير يمكن أن تطلقه الهيئة.
ومنذ عام 2022 بات العالم يتخوف من تفشي "جدري القردة"، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية حينها حالة الطوارئ الصحية العامة للسيطرة على تفشى الوباء عبر السلالة "2بي" في جميع أنحاء العالم، وتم رفع أعلى مستوى من التأهب في مايو 2023، لكن منظمة الصحة العالمية أوصت جميع الدول بإعداد خطط مكافحة وطنية أو الحفاظ على قدرات المراقبة.
توصيات الصحة العالمية حول جدري القردة
وتضم لائحة التوصيات التي أعلنتها الصحة العالمية مجموعة من التدابير التي تهدف إلى منع تفشي الوباء في العالم بعد النتشاره في العديد من الدول الإفريقية وبعض دول أوروبا، وأوصت الصحة العالمية بـ "إطلاق خطط للنهوض بأنشطة التطعيم ضد جدري القردة في المناطق التي تم فيها رصد إصابات، واستهداف الأفراد المعرضين للعدوى بشكل كبير (مخالطو المرضى والمتصلون جنسيا والأطفال والعاملون في مجال الرعاية الصحية)".
كما أوصت المنظمة بإنشاء أو تعزيز اتفاقات التعاون عبر الحدود حول مراقبة ومعالجة الإصابات المشتبه فيها بجدري القردة، ونقل المعلومات إلى المسافرين وشركات النقل، ودعت إلى ضرورة تطبيق ذلك "من دون اللجوء إلى القيود العامة على السفر والأنشطة التجارية والتي من شأنها أن تؤثر بلا جدوى على الاقتصادات المحلية أو الإقليمية أو الوطنية".
كما دعت البلدان المتضررة إلى إنشاء أو تعزيز آليات لتنسيق الاستجابة لحالات الطوارئ على المستويين الوطني والمحلي، وتعزيز مراقبة الأمراض ورصدها، والتمييز بين السلالات وإبلاغ منظمة الصحة العالمية عن الإصابات "في الوقت المناسب وبشكل أسبوعي"، وحثت على تحسين الأبحاث ومكافحة الوصمة المرتبطة بالمرض وتحسين مهارات العاملين الصحيين في مجال مكافحة جدري القردة مع تزويدهم بمعدات الحماية الشخصية.
جدري القردة في أوروبا
وبعد ظهور بعد الحالات في أوروبا قال هانز كلوغ، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا -في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء- أن "جدري القردة ليس كوفيد جديدا؛ سواء كان من السلالة 1 المسببة للوباء الحالي في وسط وشرق أفريقيا، أو السلالة 2 لجدري القردة التي أدت إلى تفشي الوباء في عام 2022" في العالم.
وشدد كلوغ على ضرورة التصدي لمرض جدري القردة. وأردف قائلا "هل سنختار أن نُشغّل الأنظمة للسيطرة على جدري القردة والقضاء عليه على مستوى العالم أم سندخل في دورة أخرى من الذعر والإهمال؟ إن كيفية تصدينا الآن وفي السنوات المقبلة ستكون بمثابة اختبار حاسم لأوروبا والعالم".
وقال كلوغ إن التركيز على السلالة الفرعية 1 الجديدة يمنح أوروبا فرصة لإعادة التركيز على السلالة الفرعية 2 الأقل خطورة، وهو ما يسمح لأوروبا بتحسين استجابتها من خلال تقديم المشورة والمراقبة بشكل أفضل، مضيفًا أن نحو 100 إصابة جديدة بالسلالة الفرعية 2 تُسجل تقريبا حاليا كل شهر في أوروبا.
السويد تسجل أولى الإصابات الأوروبية بـ "جدري القردة"
وكانت السويد قد سجلت أول إصابة حديثة بالسلالة الجديدة من جدري القردة الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي أثار المخاوف الأوروبية التي تأكدت بانتشار السلالة الجديدة خارج إفريقي
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية طارق ياساريفيتش إنه يتعين على السلطات الصحية أن تكون على أهبة الاستعداد وتتحلى بالمرونة حال ظهور سلالات فرعية جديدة أكثر قدرة على الانتقال أو سلالات قد تتغير طريقة انتقالها، لكن لا توجد توصيات بوضع الكمامات.
ردود فعل عالمية
واليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة النرويجية، استعدادها للتعامل مع أية حالات لمرض جدري القردة، في أعقاب اكتشاف أحدث حالة تم الإبلاغ عنها في السويد المجاورة.
من جانبه، قال وزير الصحة النرويجي جان كريستيان فيستري - في بيان اليوم الثلاثاء، - "إن خطر الإصابة بفيروس جدري القردة بين السكان في النرويج منخفض، وفقًا لمعهد الصحة العامة".
وأضاف "مع ذلك، لا يزال من الممكن تسجيل حالات معزولة في النرويج، كما رأينا في السويد.. تتمتع بلادنا باستعداد صحي جيد ونظام صحي متطور وإمكانية الوصول على نطاق واسع إلى اللقاحات لعلاج عدوى فيروس جدري القردة بشكل فعال".
وأشارت الوزارة إلى تعاونها المستمر مع منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي والوكالات الصحية النرويجية، فضلًا عن المنظمات الصحية الإقليمية، لرصد أي تطورات والاستجابة لها.
الهند تحذر من انتشار جدري القردة في آسيا
وعلى صعيد متصل، أصدرت الحكومة المركزية في الهند، توجيهات للسلطات في المطارات والمواني وعلى الحدود مع بنجلاديش وباكستان بتوخي الحذر، وذلك بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الارتفاع الأخير في عدد الإصابات بجدري القردة بات يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا.
وأوضحت الحكومة - حسبما ذكرت قناة "إنديا تي في" الهندية اليوم الثلاثاء - أنه سيتم تخصيص ثلاثة مستشفيات مركزية في البلاد للعزل في حال اكتشاف إصابة بالفيروس، مشيرة إلى أنه لم يتم حتى الآن تسجيل أي حالة إصابة بجدري القردة في الهند، إلا أنه تم اتخاذ تدابير المراقبة اللازمة لضمان الكشف عن الإصابات والاستجابة السريعة.
ماذا نعرف عن جدري القردة؟
ومرض جدري القردة أو جدري القرود هو فيروس تم اكتشافه لأول مرة في عام 1958، وتم الإبلاغ عن أول حالة إصابة بشرية به في إفريقيا في جمهورية الكونغو، عام 1970، وجدري القردة هو مرض فيروسي ينتشر بشكل أساسي في مناطق الغابات المطيرة الاستوائية في وسط وغرب إفريقيا، وينتقل عن طريق الاتصال بشكل وثيق مع شخص مصاب، أو عبر ملامسة حيوان مصاب أو مادة ملوثة بالفيروس، ويسبب الحمى والطفح الجلدي، وأعراضه تشبه أعراض الإنفلونزا.
ومرض جدري القردة كان فيروس يقتصر انتشاره على مناطق غرب ووسط أفريقيا، إلا أنه في عام 2022 تفشي وانتشر في العديد من دول العالم بسبب ظهور متحور جديد من المرض يُعرف بـ«كلاد2» في الكونغو، وفي سبتمبر 2023، والذي جرى رصده في بلدان أفريقية مختلفة.
وفي 2022، انتشر متحور «كلاد2» عالميًا، مؤثرًا بشكل رئيسي في الرجال المثليين. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أعلى مستوى من التأهب في يوليو (تموز) 2022، ورفعت مستوى التأهب في مايو 2023 بعد وفاة 140 شخصًا من بين نحو 90 ألف إصابة، قبل أن تعيد إعلانه حالة طوارئ عالمية الأربعاء الماضي.
طرق انتقال جدري القردة
وبالنظر إلى طرق انتقال فيروس جدري القرود أو جدري القردة، فإنه ينتشر من شخص لآخر من خلال عدة طرق من أهمها المخالطة الوثيقة لشخص مصاب، مثل التلامس الجسدي أو التقبيل أو الاتصال الجنسي.
وينتقل الفيروس من خلال التلامس مع الجلد المصاب أو إفرازات الجسم مثل الدم، واللعاب، أو السوائل من البثور. ويمكن أيضًا أن ينتقل الفيروس عبر التعرض للرذاذ التنفسي من الأشخاص المصابين خلال الاتصال الوثيق، مثل التحدث أو السعال بالقرب من المريض.
وبالإضافة إلى الاتصال المباشر، يمكن أن ينتقل الفيروس عبر الاتصال غير المباشر، لأن الفيروس يبقى على الأسطح والأشياء الملوثة لفترة، مما قد يؤدي إلى انتقال العدوى، ويشمل ذلك ملامسة الأسطح أو الأدوات الملوثة بإفرازات من المرضى، مثل الملابس أو الفراش الذي تلوثه السوائل الجسدية.
والحيوانات أيضًا تحمل الفيروس، ويمكن أن ينتقل الفيروس من الحيوانات إلى البشر من خلال ملامسة الحيوانات المصابة، مثل القرود والقوارض البرية، أو تناول لحومها غير المطهية جيدًا.
في المقابل، قد ينتقل الفيروس من البشر إلى الحيوانات، لذا يُنصح المصابون بتجنب التلامس الوثيق مع الحيوانات، بما في ذلك الأليفة منها، للحد من الانتشار.
هل هناك علاج لـ جدري القردة؟
وعن طرق العلاج، فإن هناك العديد من طرق العلاج وأهمها الأدوية التي تخفف من أعراض المرض مثل الحرارة والألم، وتشمل الأدوية المسكنة والأدوية التي تساعد على تخفيف الحكة، والعناية بالطفح الجلدي، ومنع المضاعفات، وفق منظمة الصحة العالمية.
وفيما يتعلق باللقاحات، هناك لقاح مُعتمد من هيئة الغذاء والدواء الأميركية منذ 2019، واسمه «جينيوس Jynneos» وهو فعَّال بنسبة 85 في المائة ضد المرض، كما يتوافر لقاحان آخران، وفقًا للمنظمة.
ويمكن أن يساعد الحصول على لقاح ضد جدري القردة في منع العدوى، ويفضل إعطاؤه في غضون 4 أيام من مخالطة شخص مصاب، أو في غضون 14 يومًا إذا لم تظهر أعراض.