ما زالت سيناريوهات الحرب والعدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة غامضة رغم الحديث الخافت عن توقفها أو حدوث هدنة وتفاوض فالسيناريوهات متعددة ما بين حرب محدودة أو شاملة بمنطقة الشرق الأوسط ودخول أطراف محلية أو دولية إليها ام ستستمر حربا بالوكالة وفي كل سيناريو هناك تداعيات اقتصادية وخاصة علي أسواق السلع الرئيسية وأهمها النفط حيث تعد منطقة الشرق الأوسط الخزان الرئيسي له وكلما ازدادت التوترات الجيوسياسبها زادت التقلبات في سوق النفط.
وفي العودة للتاريخ وبالتحديد في حرب أكتوبر عام 1973 عندما فرضت منظمة الدول العربية المصدرة للنفط "أوابك" بقيادة المملكة العربية السعودية حظرا نفطيا على امريكا ودول أخرى أدى ذلك مباشرة إلى زيادة بل وتضاعف أسعار البترول 4 أضعاف وبالتالي زادت معدلات التضخم وحظث ركود اقتصادي كبير، وانهارت الأسهم في العديد من الاقتصادات الاوروبية وكذلك الاقتصاد الأمريكي.
وفي هذه السطور ندق ناقوس الخطر بشأن تأثير تصاعد وتيرة الحرب على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط في ظل تزايد المخاوف من احتمال اشتعال حرب إقليمية شاملة فالتداعيات السلبية ستطال الجميع.
ويمثل الشرق الأوسط مخزن الطاقة "نفط وغاز" على مستوى العالم في ظل وجود كميات ضخمة به حيث يضم الشرق الأوسط ثلث إنتاج النفط في العالم كما ان المنطقة يقع فيها كثير من الموانئ البحرية والممرات الملاحية والمضايق وعلى رأسها مضيق هرمز الذي يعد ممرا بحريا رئيسيا لنقل النفط الخام وكذلك مضيق باب المندب الممر المائي الاستراتيجي الذي يربط خليج عدن بالبحر الأحمر ويمر حول منطقة الشرق الأوسط حوالي 45 % من حجم التجارة الدولية في المحيط الهندي، و15 % من خلال البحر الأحمر كما يمر في البحر الأحمر حوالي 10 % من النفط و8 % من الغاز المحمول بحرا وبالتالي فالمنطقة شديدة الأهمية اقتصاديا وأي توترات جيوسياسية فيها ورغم صعوبة توقع مقدار وفترة الزيادة في أسعار النفط لان ذلك يترك لسيناريوهات الحرب والتوتر الجيوسياسي لكن السيناريو الأسواء حال شن هجمات على منشآت النفط في المنطقة أو ناقلات النفط الخام، أو فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران قد يشير الي ارتفاع أسعار النفط والغاز بنحو 50 % وربما تصل اسعار النفط لمستوي 150 دولار أو اكثر للبرميل الواحد فضلا عن الزيادة الكبيرة في تكاليف التأمين والشحن ما يحدث تضخم هائل في فترة لا يزال معدل التضخم فيها أعلى من مستهدفات البنوك المركزية العالمية كما سيتراجع معدل نمو التجارة العالمية بسبب استمرار الهجمات على سفن الشحن.
والسيناريو، الأكثر تفاؤلا هو ان تنتهي الحرب وفق المفاوضات الحالية التي تتوسط فيها مصر وقطر وبالتالي تظل أسعار النفط والغاز قرب معدلاتها الحالية أو ربما تنخفض قليلا لتراجع الطلب العالمي ورفع الدول غير الأعضاء في تحالف "أوبك +" إنتاجها وزيادة مخزونات الغاز في أوروبا بشكل كبير.
واليوم الثلاثاء انخفضت أسعار النفط، بعد أن قبلت إسرائيل اقتراحا يقلص الخلافات التي تعوق التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مما ساعد في تهدئة المخاوف من تعطل الإمدادات في الشرق الأوسط.
وانخفضت أسعار خام برنت 0.15 % بأكثر من دولارين للبرميل إلى 77.54 دولار وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لأقرب شهر استحقاق والتي تنتهي الثلاثاء عند 74.23 دولار للبرميل بانخفاض 0.2 % وانخفض عقد الشهر الثاني الأكثر نشاطا في التداول 0.2 % إلى 73.52 دولار وتراجع برنت نحو 2.5 % يوم امس الاثنين، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط 3 %.
وتراجعت أسعار النفط في المعاملات الآسيوية المبكرة، يوم امس الاثنين، مع تأثر معنويات السوق بمخاوف من ضعف الطلب في الصين "أكبر مستورد للنفط" وتررت انباء عن تقدم محادثات وقف إطلاق النار في غزة وهو ما قد يقلل من مخاطر الإمدادات بعد ان وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل اول امس الأحد، في جولة تاسعة له بالشرق الأوسط للضغط من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة لكن الخلافات بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية مازالت بعيدة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: إن المساعي الدبلوماسية الأخيرة لواشنطن بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة تمثل على الأرجح أفضل فرصة، وربما الفرصة الأخيرة مناشدا جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق قبل النهاية.
وفي حال اجتياح إسرائيلي لجنوب لبنان سنجد أنفسنا أمام أزمة طاقة في لبنان وإسرائيل والأردن وعدد من الدول الاخري حيث أن هناك حقل غاز تعتمد عليه إسرائيل في إمدادات الغاز المحلية وهو حقل "كاريش" القريب من الحدود اللبنانية وبالتالي سيستهدفه حزب الله.
وتحاول إسرائيل شراء كميات فحم كبيرة من عدد من الدول لتعويض احتمالات توقف إنتاجها من الغاز حال توسع الحرب لكن الرئيس الكولومبي فاجأها او صدمها منذ منذ أيام بحظر صادرات الفحم لإسرائيل بسبب المجازر في غزة.
ومنذ بدء الحرب على غزة، قبلواكثر من عشرة اشهر اتخذت أسواق النفط موقفا أقرب إلى الانتظار والترقب إذ اختار تجار السلع الأساسية الانتظار حتى حدوث انقطاع فعلي في الإمداد قبل دفع الأسعار إلى الارتفاع.