هتفوا له: يا بطل ! واستعرضوهُ في
الساحات. نَطَّتْ عليه قلوب الفتيات
الواقفات على الشرفات، ورششنه بالأَرُزِّ
والزنبق. وخاطبه الشعراء المتمردون على
القافية بقافية ضروريّة لتهييج اللغة:
يا بَطَلْ ! أنتَ الأَمَلْ. وهو، هو
المرفوع على الأكتاف رايةً منتصرة، كاد
أن يفقد اسمه في سيل الأوصاف.
خجول كعروس في حفلة زفافها. لم أفعل
شيئًا. قمت بواجبي الشخصي. في صباح
اليوم التالي، وجد نفسه وحيدًا يستذكر
ماضيًا بعيدًا يلوِّح له بيد مبتورة الأصابع
يا بطل ! أنت الأمل. يتطلع حوله
فلا يري أحدًا من المحتفلين به البارحة.
يجلس في جُحرْ العزلة. ينقِّبُ في
جسده عن آثار البطولة. ينتزع الشظايا
ويجمعها في صحنِ تَنَك، ولا يتألم...
ليس الوجع هنا. الوجع في موضع آخر.
لكن من يستمع الآن إلى استغاثة القلب ؟
أحسَّ بالجوع. تفقَّد معلبات السردين والفول
فوجدها منتهية الصلاحية. ابتسم وغمغم:
للبطولة أيضًا تاريخ انتهاء صلاحية.
وأدرك أنه قام بواجبه الوطنيّ !
محمود درويش