استمرت فعاليات القمة الثالثة لصوت الجنوب العالمي التي تنظمها الهند وتعقد افتراضيا في العاصمة نيودلهي والتي من المقرر أن تختتم أعمالها اليوم الأحد.
وقالت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيتارامان، إنه حتى مع بقاء النمو كأفضل ترياق للعديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه يظل غير كاف لدفع التقدم في مجال التنمية والحد من الفقر.
وأضافت سيتارامان - في تصريحات لها خلال القمة الثالثة لصوت الجنوب العالمي التي تنظمها الهند - أن ثمة حاجة ملحة لمعالجة فجوة التمويل البالغة 4 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشارت سيتاراما - في حديثها في جلسة وزراء المالية في القمة الثالثة لصوت الجنوب العالمي- أيضا إلى "التحدي الملح" المتمثل في عدم كفاية الوصول إلى تمويل التنمية والذي من شأنه أن يعيق الاقتصادات النامية عن تحقيق أهدافها الإنمائية، مضيفة أنه من الأهمية بمكان توفير النوافذ الميسرة المخصصة للدول ذات الدخل المتوسط لمعالجة التحديات ذات الصلة بالمناخ، حسبما نقلت صحيفة /إكسبرس تريبيون/ الهندية.
وقالت - خلال جلسة ضمن فعاليات القمة - إن ارتفاع ضائقة الديون وارتفاع تكاليف خدمة الديون قد قيدا بشدة من الموارد المتاحة لتمويل الاحتياجات التنموية لا سيما في البلدان منخفضة الدخل، مضيفة أن الظروف المالية العالمية الصعبة والتصنيف الائتماني السيادي المؤيد للدورة الاقتصادية قد قيدا وصول الاقتصادات النامية إلى التمويل السوقي، مما يجعلها تلجأ إلى مصادر تمويل أكثر خطورة، ومن ثم يعرضها لمخاطر العملة وأسعار الفائدة وإعادة التمويل، مضيفة أن "العوامل الأساسية وراء ضائقة الديون معقدة وستستغرق معالجتها وقتا وتتطلب جهدا ينطوي على مزيج من التدابير القصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل والمشاركة السياسية المستمرة على المستويين الوطني والعالمي".
وطلبت سيتارامان الحصول على آراء بلدان أخرى حول كيفية تعزيز فعالية الآليات القائمة لتخفيف الديون ودعم السيولة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، بما في ذلك الإطار المشترك لمجموعة العشرين والمائدة المستديرة العالمية للديون السيادية جنبا إلى جنب مع الضمانات التي يجب وضعها لمنع أزمات الديون في المستقبل.
ومضت قائلة: أود أن ألفت انتباهكم إلى التحدي الملح الذي يعيق الاقتصادات النامية عن تحقيق أهدافها الإنمائية ألا وهو عدم كفاية الوصول إلى تمويل التنمية. وتكشف التقارير الأخيرة عن ركود تنفيذ العديد من أهداف التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية مع تراجع بعض المؤشرات.
وتقدر فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة بنحو 4 تريليون دولار سنويا للدول النامية، مضيفة أن الجنوب العالمي يتأثر بشكل غير متناسب بحالة عدم اليقين العالمية.
ووفقا للأمم المتحدة، يواجه العالم فجوة تمويلية سنوية تبلغ حوالي 4 تريليون دولار لتحقيق التنمية المستدامة، مما يترك البلدان بالكاد لديها أي موارد للاستثمار في التعليم الأفضل أو الرعاية الصحية أو الطاقة المتجددة أو الحماية الاجتماعية.
وتهدف القمة الثالثة لصوت الجنوب العالمي، التي تحمل موضوعا شاملا "جنوب عالمي مُمكن من أجل مستقبل مستدام"، إلى توفير منصة لتوسيع المناقشات التي عقدت في القمم السابقة حول مجموعة من القضايا مثل الصراعات وأزمات الأمن الغذائي والطاقة وتغير المناخ والتي تؤثر بشكل غير متناسب على البلدان النامية.
وقالت سيتارامان "يخلق النمو حلقة من ردود الفعل الإيجابية حيث يؤدي الأداء الاقتصادي المحسن إلى فرص مالية أكبر والعكس صحيح. "يتعين أن تتمثل أولويتنا في إيجاد مسار نمو يركز على الناس ويمكّن الأكثر ضعفا وتهميشا من المشاركة في رحلة التنمية.
وذكر تقرير البنك الدولي الصادر في يونيو 2024 أنه بحلول نهاية هذا العام، سيكون واحد من كل أربعة اقتصادات نامية أفقر مما كان عليه قبل الوباء. وبالتالي، يظل النمو غير كاف لدفع التقدم في التنمية والحد من الفقر.
وقالت: "من أجل تسريع وتيرة التقدم في أهداف التنمية المستدامة، هناك حاجة ملحة لمعالجة فجوة التمويل البالغة 4 تريليون دولار وخلال رئاسة الهند، أوصت مجموعة العشرين بتبني أوسع لأدوات التأثير الاجتماعي وأدوات التمويل المختلطة الأخرى وأطر الرصد والقياس، وتدابير تخفيف المخاطر".
وأشارت وزيرة المالية الهندية إلى أنه من الأهمية بمكان تلبية طلبات التمويل المقدمة إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف بسرعة. وقالت "سيتطلب هذا إصلاحات على المستويات التشغيلية وكذلك تحديد مصادر تمويل إضافية جديدة. ويتعين أن يظل ضخ رأس المال الجديد خيارا نشطا للنظر فيه من جانب مجالس بنوك التنمية متعددة الأطراف جنبا إلى جنب مع تدابير تحسين الميزانية العامة والابتكارات المالية. وفيما يتعلق بالتمويل الميسر، قالت إن البلدان منخفضة الدخل ستظل تمثل الأولوية، ولكن من المهم توفير نوافذ التمويل الميسر المخصصة للبلدان متوسطة الدخل لمعالجة التحديات المتعلقة بالمناخ. وفيما يتعلق بتعبئة رأس المال الخاص، يتعين على بنوك التنمية المتعددة الأطراف أن تتعاون مع وكالات التصنيف الائتماني واستكشاف كيفية تحفيز تدفق رأس المال الخاص لتمويل التنمية بشكل أفضل. وأشارت إلى أن البلدان النامية لا تزال تواجه عجزا كبيرا في تمويل المناخ".
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، قد دعا -في كلمته الافتراضية أمام القمة أمس- إلى الوحدة في الجنوب العالمي لمواجهة التحديات مثل الصحة والغذاء والأمن الطاقي، واقترح إنشاء "ميثاق التنمية العالمي" على أساس الأولويات التي حددتها البلدان النامية.
وأعلن مودي أثناء مخاطبته قمة صوت الجنوب العالمي الثالثة إن الهند ستشارك قدراتها مع الجنوب العالمي لتعزيز التجارة وتعزيز أهداف التنمية المستدامة. وأعلن عن مساهمة أولية قدرها 25 مليون دولار لصندوق التأثير الاجتماعي الذي تم إنشاؤه لتسريع استخدام البنية التحتية العامة الرقمية الهندية في الاقتصادات الناشئة.
واقترح مودي الميثاق العالمي للتنمية والذي يعتمد على تنمية الهند وخبراتها في شراكات التنمية مع البلدان الأخرى. كما سيركز على أولويات التنمية التي حددتها البلدان في الجنوب العالمي.
وقال متحدثا باللغة الهندية: "ستركز الاتفاقية على الإنسان وستكون متعددة الأبعاد من أجل التنمية وستعزز نهجا متعدد القطاعات. ولن تثقل كاهل البلدان المحتاجة بالديون باسم تمويل التنمية. وستساعد في التنمية المتوازنة والمستدامة للدول الشريكة".
من جانبها أشارت الصحيفة الهندية إلى أن تصريحات مودي بدت تضع الاتفاقية المقترحة كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي ألقي عليها باللوم في خلق "فخاخ الديون" في بلدان في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا من خلال ضخ مليارات الدولارات في مشاريع غير مستدامة.
وقال مودي إن الاتفاقية العالمية للتنمية ستركز على التجارة من أجل التنمية، وبناء القدرات من أجل النمو المستدام، ومشاركة التكنولوجيا، والتمويل الميسر ومنح المشاريع. وستبدأ الهند صندوقا خاصا بقيمة 2.5 مليون دولار لتعزيز أنشطة الترويج التجاري وصندوق آخر بقيمة مليون دولار لتوفير التدريب في مجال السياسة التجارية والمفاوضات التجارية.
وقال مودي "سنعمل على توفير الأدوية النوعية بأسعار معقولة وفعالة للجنوب العالمي. وسنساعد أيضا في تدريب الجهات التنظيمية للأدوية. وسنكون سعداء بمشاركة خبرتنا وتقنيتنا في الزراعة الطبيعية في القطاع الزراعي".
وفي إشارة إلى المخاوف المتعلقة بالتوترات والصراعات التي تثيرها الدول في الجنوب العالمي، قال مودي إن هذه "قضية خطيرة" وأن حل هذه المخاوف يعتمد على "الحوكمة العالمية العادلة والشاملة" والمؤسسات التي تعطي الأولوية للدول النامية.
وأضاف "يجب اتخاذ خطوات لتقليص الفجوة بين الشمال العالمي والجنوب العالمي. ويمكن أن تصبح قمة المستقبل التي ستعقد في الأمم المتحدة الشهر المقبل معلما مهما لكل هذا".
وقال إن القمة تعقد وسط "أجواء من عدم اليقين"، حيث لا يزال العالم يتصارع مع تأثير كوفيد-19 والتحديات الجديدة للتنمية بسبب الحروب. وقال "إننا نواجه بالفعل تحديات تغير المناخ.. والإرهاب والتطرف والانفصالية لا تزال تشكل تهديدات خطيرة لمجتمعاتنا".
وأشار إلى أن "الفجوة التكنولوجية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة المتعلقة بالتكنولوجيا آخذة في الظهور. ولم تتمكن الحوكمة العالمية والمؤسسات المالية التي تم بناؤها في القرن الماضي من مكافحة تحديات هذا القرن".
تجدر الإشارة إلى أن الهند أنشأت منصة صوت الجنوب العالمي بعد توليها رئاسة مجموعة العشرين في عام 2022 لتحديد احتياجات البلدان النامية حتى يمكن إدراجها في جدول أعمال الكتلة المكونة من أكبر 20 اقتصادا. واستضافت الهند فعليا قمتين من هذا القبيل خلال رئاستها لمجموعة العشرين ودمجت اقتراحات من مجموعة العشرين.
اقتصاد
الهند تدعو إلى معالجة فجوة التمويل البالغة 4 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق