في عصرنا الحالي، لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة للرفاهية أو الترفيه، بل تسللت إلى كل زاوية من زوايا حياتنا اليومية.
ومن أبرز مظاهر هذا التطور التكنولوجي هو الذكاء الاصطناعي الذي تعدى حدود الخيال العلمي ليصبح واقعًا ملموسًا يسيطر على كل شيء.
لكنه في بلدنا العزيز لم يقترب حتى الآن من "العملية التعليمية" أو بالأحرى "الثانوية العامة" بما أنها حديث الساعة!
أما عن تطوير الثانوية العامة، فيبدو أن المسألة أصبحت أشبه بإعادة تصميم لعبة فيديو، وفي كل عام، تأتي وزارة التعليم بحزمة تحديثات جديدة، ومع كل تحديث، ترتفع مستويات القلق بين الطلاب وأولياء الأمور، وكأنهم يلعبون لعبة البقاء على قيد الحياة في انتظار معرفة مصيرهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا نستخدم هذا الذكاء في رسم مستقبل أفضل لأبنائنا؟ تصوروا معي، الذكاء الاصطناعي يمسك بزمام الأمور، ويقرر مصير الطلاب بكبسة زر.
هذا الذكاء الذي يمكنه الإجابة على أسئلة لم تُطرح، وتقديم حلول لمشكلات لم تظهر بعد، يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في إحداث نقلة نوعية في التعليم.
البداية ستكون مع تطوير برامج تعليمية مخصصة تعتمد على تحليل بيانات الطلاب بناء على استخدامهم اليومي لوسائل التواصل والإنترنت، مما يمكن الذكاء الاصطناعي من تقديم مسارات تعليمية فردية تناسب مستوى كل طالب واهتماماته، بدلًا من النظام التقليدي الذي يعتمد على الامتحانات النهائية كمعيار وحيد للتقييم.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم نظام تقييما مستمرا وشاملا يعتمد على تحليل أداء الطالب طوال العام الدراسي وبذلك سيتمكن الطلاب من حل اختبارات قصيرة ومتعددة، وممارسة تدريبات تفاعلية تعتمد على التعلم العميق، بحيث يتم تقييم تقدمهم بشكل دقيق ومستمر.
كما يمكن لهذا الكائن الرقمي أن يساعد المعلمين في تطوير طرق التدريس، من خلال تقديم توصيات تعتمد على أفضل الممارسات التعليمية، واقتراح وسائل تعليمية مبتكرة تتناسب مع احتياجات الطلاب مبنية على تحليل بيانات تعليمية عالمية، مما يعزز جودة التعليم ويرفع من كفاءة المعلمين.
حتى أنه يمكن لهذا الذكاء أن يسهم في تخفيف الضغط النفسي عن الطلاب من خلال تقديم نصائح وإرشادات تساعدهم على إدارة وقتهم ومواجهة التوتر.
وبالتالي سيستطيع هذا الذكاء الرقمي اكتشاف ما إذا كان الطالب قد فقد أعصابه قبل الامتحان أم لا.
في نهاية المطاف، قد يكون الحل الأمثل هو المزج بين الذكاء الاصطناعي وبعض "الذكاء البشري"، لنجعل الثانوية العامة أكثر إنسانية، وأقل ذكاءً اصطناعيًا، وربما، فقط ربما، أقل "تعقيدًا"!
آراء حرة
الثانوية العامة.. عندما يصبح المستقبل أكثر ذكاءً... وربما أقل تعقيدًا!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق