ألشجرة أخت الشجرة، أو جارتها الطيّبة.
الكبيرة تحنو على الصغيرة، وتُمدُّها بما ينقصها
من ظلّ. والطويلة تحنو على القصيرة،
وترسل إليها طائرًا يؤنسها في الليل. لا
شجرة تسطو على ثمرة شجرة أخرى، وإن
كانت عاقرًا لا تسخر منها. ولم تقتل
شجرةٌ شجرةً ولم تقلِّد حَطّابًا. حين صارت
زورقًا تعلَّمت السباحة. وحين صارت
بابًا واصلت المحافظة على الأسرار. وحين صارت
مقعدًا لم تنسَ سماءها السابقة.
وحين صارت طاولة عَلَّمت الشاعر أن لا
يكون حطابًا. الشجرة مَغْفَرةٌ وسهَرٌ.
لا تنام ولا تحلم. لكنها تُؤتمنُ على أسرار
الحالمين، تقف على ساقها في الليل والنهار.
تقف احترامًا للعابرين وللسماء. الشجرة
صلاة واقفة. تبتهل الى فوق. وحين
تنحني قليلًا للعاصفة، تنحني بجلال راهبة
وتتطلع الى فوق... الى فوق. وقديمًا قال
الشاعر: «ليت الفتى حجر». وليته قال:
ليت الفتى شجرة!
محمود درويش