قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه بينما تتابع الولايات المتحدة بقلق شديد ردود الفعل الإيرانية المتوقعة بعد مقتل أحد قادة حماس البارزين بطهران، قد لا يكون الكثيرون على دراية بأن إيران كانت تخطط منذ سنوات لحملة انتقامية عنيفة ضد الولايات المتحدة، تستهدف كبار المسئولين السابقين، بما فى ذلك الرئيس السابق دونالد ترامب.
أوضحت الصحيفة أن إيران رغم اختلاف حجم الحملات الانتقامية التى تشنها ضد إسرائيل والولايات المتحدة، تركز على تعويض خسائرها الكبيرة نتيجة مقتل عدد من كبار مسئوليها أن طهران تسعى لإثبات قدرتها على ردع القتلة.
فى هذا السياق، سلطت الصحيفة الضوء على أن الاغتيال يعد سلاحًا ذا حدين، فقد حاولت إسرائيل منع الانتقام الإيرانى من خلال التهديد بالرد العسكرى الشامل، بينما اتخذت الولايات المتحدة خطوات لملاحقة القتلة الإيرانيين المزعومين، ورغم هذه الجهود، لم ينجح أى من الاستراتيجيتين فى منع الإيرانيين من السعى للانتقام.
ووفقًا للصحيفة، تستعد إسرائيل الآن لهجوم من قبل إيران قد يشكل تهديدًا انتقاميًا لمقتل زعيم حماس إسماعيل هنية خلال زيارته لطهران الشهر الماضي.
وقد صرح المرشد الأعلى الإيراني، آية الله على خامنئي، علنًا بأن "من واجبه أن يسعى للانتقام لدمه"، نظرًا لأن هنية كان ضيفًا على إيران.
وفى الوقت نفسه، تواجه الولايات المتحدة سلسلة من التهديدات بالانتقام لمقتل اللواء قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني، فى يناير ٢٠٢٠.
فقد قُتل سليمانى فى هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار أثناء زيارته لبغداد، وهو ما أثار إشادة ترامب الذى وصف الهجوم بـ"الضربة الدقيقة التى قضت على الإرهابى رقم واحد فى العالم"؛ مؤكدًا أن سليمانى كان "يخطط لهجمات وشيكة ضد دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين".
وأكدت الصحيفة أن خامنئى تعهد شخصيًا بالانتقام لسليمانى كما فعل مع هنية.
وفى الذكرى السنوية لوفاة سليماني، صرح خامنئى بأن "من أمر بالقتل" سوف "يعاقب".
ووفقًا لوثائق وزارة العدل الأمريكية، فإن إيران نفذت مؤامرات اغتيال متعددة داخل الولايات المتحدة، لكنها لم تُسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن.
وأوضحت الصحيفة أن إيران اتبعت نفس الاستراتيجية فى هذه الهجمات، حيث حاول الإيرانيون أو عملاؤهم تجنيد قتلة محترفين من العصابات والجماعات الإجرامية. ورغم استخدامهم لأساليب معقدة لتجنب الكشف، فإنهم وقعوا فى قبضة مكتب التحقيقات الفيدرالى فى كل مرة.
وفى السادس من أغسطس، كشفت وزارة العدل الأمريكية عن أحدث مخطط إيرانى لعمليات الاغتيال، حيث تم القبض على مواطن باكستانى يدعى آصف رضا ميرشانت الشهر الماضى بعد زيارته لإيران، ووجهت إليه تهمة "تدبير مؤامرة لاغتيال سياسى أو مسئول حكومى أمريكى على الأراضى الأمريكية".
وأشارت مذكرة التوقيف إلى أن إيران "أعلنت علنًا رغبتها فى الانتقام لمقتل قاسم سليماني".
واستشهدت بمؤامرة فاشلة تم الكشف عنها قبل عام لقتل "مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق"، ربما جون بولتون، الذى أوصى ترامب بقتل سليماني.
وتحدث المدعى العام ميريك جارلاند بعد اعتقال ميرشانت عن "جهود إيران الوقحة والمتواصلة للانتقام من المسئولين الأمريكيين لمقتل سليماني".
كما أشار تقييم التهديدات السنوى الذى قدمته أجهزة الاستخبارات إلى الكونجرس الأمريكي، إلى أن إيران تحاول بناء شبكات فى الولايات المتحدة لمهاجمة المسئولين السابقين "انتقامًا لمقتل" سليماني.
وذكرت الصحيفة أن الأهداف الأمريكية لحملة الانتقام الإيرانية شملت عددًا من كبار المسؤولين الذين شاركوا فى التخطيط لعملية قتل سليماني، بما فى ذلك بولتون، وروبرت سى أوبراين، خليفة بولتون فى منصب مستشار الأمن القومي؛ ومارك تى إسبر، الذى كان وزيرًا للدفاع فى ذلك الوقت؛ والجنرال المتقاعد كينيث "فرانك" ماكنزي، الذى كان رئيس القيادة المركزية الأمريكية خلال تلك الفترة.
كما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن ترامب نفسه كان هدفًا للتخطيط الإيرانى الانتقامي، رغم عدم وضوح ما إذا كان الرئيس السابق من بين الأشخاص الذين تأمل شبكة ميرشانت فى مهاجمتهم.
وأشارت مذكرة الاعتقال الصادرة بحق ميرشانت إلى المحاولات الفاشلة لإخفاء المؤامرات الإيرانية المزعومة.
فقد أطلق ميرشانت على عمليات الاغتيال التى حاول تنظيمها اسم "سترة من الصوف"، وجند متآمرًا مزعومًا أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالى عنه، الذى أرسل عملاء سريين ليتظاهروا بأنهم قتلة مأجورون محتملون.
وطلب ميرشانت من مجنديه إخفاء هواتفهم المحمولة فى الأدراج لتجنب الكشف عن المحادثات، واستخدام هواتف مؤقتة وتجنب الرسائل النصية، واتباع سلسلة من الكلمات المشفرة التى استعادها مكتب التحقيقات الفيدرالى لاحقًا.
ولإخفاء هجماتهم، كان من المقرر أن تجند فرق القتل ٢٥ شخصًا لتنظيم مظاهرات وهمية لتشتيت انتباه الناس بعد وقوع الجرائم.
ولترتيب الدفع، طُلب منهم تصوير الرقم التسلسلى لورقة نقدية بقيمة دولار واحد وإرسالها إلى أمين الصندوق كإشارة للتعرف عليها.