الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

البحث عن حلول لوقف الحرب.. أوكرانيا تطلب وساطة الصين لحل أزمتها مع روسيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد أكثر من عامين؛ لجأت أوكرانيا إلى الصين حتى تؤدى دور الوساطة فى الأزمة مع روسيا، باعتبار بكين قوة كبرى، يمكنها أن تضطلع بهذا الدور، وإن كان هناك عدد من المحددات قد تعوق الأخيرة عن أداء هذا الدور، إذ أجرى وزير الخارجية الأوكراني، ديمترى كوليبا، زيارة إلى بكين، هى الأولى منذ الحرب الروسية الأوكرانية فى فبراير ٢٠٢٢، واستمرت الزيارة التى بدأت فى ٢٣ يوليو لثلاثة أيام لبحث "إمكانات الدور الصيني" لإنهاء الحرب مع روسيا.

وسبقت الزيارة إلى بكين تلميحات من الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى حول رغبته فى المفاوضات مع روسيا فى خطاب إلى الأمّة خلال النصف الأول من يوليو ٢٠٢٤، كما اقترح زيلينسكى إرسال موسكو لوفد لحضور مؤتمر من المقرر أن ينعقد فى نوفمبر المقبل.
وترجع أسباب الطلب الأوكراني، إلى ضبابية مُستقبل استمرار الدعم الغربي، إذ تتزامن المحاولات الأوكرانية للتوصل لوساطة صينية لإنهاء الصراع مع غياب آفاق الدعم الغربي، وبالأخص الأمريكى والألماني، فرغم حصول كييف على أولى الدفعات المُقررة من مُقاتلات "إف-١٦" الأمريكية المُنتظرة منذ أكثر من سنتيْن، بواقع ١٠ مُقاتلات من أصل ٧٩ مقاتلة، فى ٥ أغسطس ٢٠٢٤؛ فإن أرض المعركة تثبت عدم جدوى الدعم العسكرى فى ظل التقدم الروسي، وإن كانت وتيرته قد تباطأت عن فترات سابقة.

من جهة أخرى، تخطط ألمانيا لخفض دعمها العسكرى لأوكرانيا العام المقبل. ومن المرجح أنه فى حالة توقف الدعم الغربي، ولم تتمكن أوكرانيا من الحصول على أموال من الأصول الروسية المُجمّدة على الأراضى الأوروبية، كما وافق على ذلك الاتحاد الأوروبى فى مايو ٢٠٢٤؛ فإن ذلك يؤثر فى قدرتها على تحقيق أى تقدم عسكرى يُذكر. 

كما تسعى أوكرانيا إلى استغلال الدور الصينى الأقرب إلى الحياد، إذ أعلن وزير الخارجية الأوكرانى رغبته فى بحث سُبُل التوصل لسلام شامل، وعادل مع روسيا مع نظرائه الصينيين؛ إذ ترغب كييف فى بناء علاقات بنّاءة مع بكين لتحفيز الدور الصينى فى محاولة دفع روسيا للسلام.

كما تأتى الزيارة بعد أن حاولت الصين منذ بداية الحرب النأى بنفسها عن الانخراط بشكل مباشر فى لقاءات مع المسئولين الأوكرانيين؛ لذلك تُعد الزيارة تغييرًا كبيرًا فى السياسة الخارجية الصينية تجاه الأزمة. 

وقد امتنعت الصين عن حضور مؤتمر السلام الذى انعقد فى سويسرا، فى يونيو ٢٠٢٤، وقد اتهم زيلينسكى بكين بمحاولة ثنى بعض الدول عن المُشاركة فى القمة.

كما ترى كييف أن الدعم الغربى لا يمكن التعويل عليه خصوصًا فى ظل الانتخابات الجارية فى عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. كما أدركت أوكرانيا صعوبة استدامة ما حققته من انتصارات فى وجه التقدم الروسى المستمر؛ إذ إن المساعدات الغربية الأخيرة ساعدت أوكرانيا على صدّ الهجمات. وترى بعض الأوساط، وخاصة الروسية، أنه قد يكون لدى كييف هدف استراتيجى بالمُماطلة فى السلام لتتمكن من تجميع وتخزين أكبر قدر من المساعدات العسكرية الغربية للقيام بهجوم مُضاد مُشابه لذلك الذى حدث عام ٢٠٢٣، ويبدو أن روسيا تدرك ذلك؛ ومن ثم فإنها تسعى إلى المضى قدمًا فى تقدمها على جميع الجبهات منذ إعادة انتخاب بوتين؛ بل وبعد فتح جبهة جديدة حول خاركيف.

وهناك عدد من الدلالات التى يشير إليها طلب أوكرانيا للوساطة من الصين، إذ تعد التغيرات السياسية المُحتملة فى واشنطن، على وقع الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى نوفمبر ٢٠٢٤، أكبر حافز للتحركات الأوكرانية؛ على أساس أن الولايات المتحدة هى أكبر داعم مادى وعسكرى لكييف.

كما يبدو أن الرئيس الأوكرانى يتطلع لمجيء إدارة ديمقراطية إلى البيت الأبيض، وذلك فى ضوء التخوف من فوز المرشح الجمهورى والرئيس السابق دونالد ترامب، والذى أعلن أنه يقلّص دعم بلاده لكييف إلّا أن ترامب قد أجرى مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، فى ١٩ يوليو ٢٠٢٤، وصفها ترامب بـ"الجيدة"، أكّد خلالها نيته إنهاء الحرب وإرساء السلام فى المنطقة، بينما صرّح زيلينسكى أن المكالمة تناولت سُبُل إرساء سلام عادل ودائم

كما أكّد الرئيس الأوكراني، فى سياق آخر، ضرورة إحلال السلام والحفاظ على حياة المدنيين وهو خطاب مُختلف عن اهتماماته الخطابية بـ"الأراضي" والتضحية، فى مُقابل الحفاظ على سلامة أوكرانيا كدولة مُوحّدة وذات سيادة على نفس الإقليم الذى حصلت عليه بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.

وعلى عكس أوروبا؛ فإن التعاون الصينى مع روسيا هو تعاون مُستمر؛ أى إن روسيا لديها حلفاء يمكن التعويل عليهم ولا يتم التحكم فى سياساتهم الخارجية عبر أى آليات سياسية كما هو فى أوروبا والولايات المتحدة، وتعتمد أساسًا على المصالح بشكل مباشر، وفق رؤية كييف.

كما تعتبر أوكرانيا ومجموعة الدول الغربية الداعمة لها أن الصين هى أكبر داعم لروسيا من خلال مدّها بالتكنولوجيا والمواد المُستخدمة فى استدامة الصناعات العسكرية الروسية، وكذلك الدعم العسكرى من خلال مُشترياتها الكبيرة من النفط والغاز؛ ما عوّض بشكل كبير الحظر المفروض على المحروقات الروسية

وفى المقابل؛ تحاول أوكرانيا تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين لكنها تفاجأت أن الغرب يرفض تلك الخطوات كما أن لدى بكين فرصة ذهبية للوساطة خصوصًا وأن الرئيس الصينى شى جى بينغ، تجمعه ببوتين صداقة متينة، واجتمع الطرفان مرّات كثيرة كقائدين لبلديهما، ولدى الصين سطوة اقتصادية على موسكو خصوصًا بعد اعتماد موسكو المتزايد على الأجهزة ثنائية الاستخدام وكذلك كمستورد مهم لصادرات الطاقة الروسية بجانب الهند.