قالت صحيفة (ديلي مافريك) الجنوبية إفريقية إن روسيا يبدو أنها تسعى لتعزيز نفوذها في إفريقيا، بالتزامن مع خوضها حربا ضد جارتها أوكرانيا، وتساءلت حول إمكانية تحول إفريقيا إلى ساحة صراع غير مباشر بين روسيا والغرب.
وقالت الصحيفة -على موقعها الإلكتروني- إن إفريقيا شهدت الأسبوع الماضي اشتباكات عسكرية عندما تكبدت مجموعة فاجنر الروسية (ما يطلق عليه الآن "فيلق إفريقيا") خسائر فادحة في معركة مع الانفصاليين الطوارق والمتطرفين في تنزواتين في مالي. ما شكل انتكاسة للكرملين الذي كان يبدو أنه يوسع وجوده أو على الأقل يواجه الجهود الغربية لاستعادة النفوذ.
وأضافت أن القوات الروسية بدأت ملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الأمريكية من أغاديس في النيجر التي كانت تستخدم لمراقبة المتطرفين في منطقة الساحل. وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، التي تربطها علاقات وثيقة مع موسكو منذ سنوات، وأن عمليات مجموعة فاجنر أحبطت محاولات مجموعة الأمن الأمريكية "بانكروفت جلوبال ديفيلوبمنت" للتواجد في بانجي في يناير.
ولفتت إلى أنه على صعيد الدعاية، يبدو أن شبكة (RT) الروسية تسعى لإعادة تقديم نفسها في إفريقيا من خلال حملة تسويقية تروج لصور أبطال التحرير مثل جوليوس نيريري وأبولو ميلتون أوبوتي وكوامي نكروما وروبرت موجابي. لكن المحللين يشككون في فعالية الحملة ويعتبرونها محاولة مكشوفة لزيادة النفوذ الروسي تحت ستار مناهضة الاستعمار.
وأكدت الصحيفة أنه في المقابل، ردت أوكرانيا على هذا التصعيد من خلال فتح سفارات جديدة في إفريقيا لمواجهة الدعاية الروسية. وأكدت أوكرانيا أن المعلومات التي حصل عليها المتمردون الماليون لشن الهجوم على قوات فاجنر قد تكون قد تم تسريبها من كييف، ما أدى إلى قطع مالي والنيجر علاقاتهما الدبلوماسية مع أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه إذا كانت الحرب الروسية الأوكرانية قد انتقلت بالفعل إلى إفريقيا، فقد يكون لذلك تداعيات خطيرة على القارة. ولفتت إلى إدانة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بشكل عام التدخلات الأجنبية في المنطقة وأي محاولة لجذب المنطقة إلى المواجهات الجيوسياسية الحالية.
ونقلت (ديلي مافريك) عن سامويل راماني خبير علاقات روسيا بإفريقيا في معهد الخدمات الملكية المتحدة وجامعة أكسفورد، إشارته إلى أنه إذا كانت أوكرانيا قد تورطت بالفعل في هزيمة فاجنر في مالي، فإن ذلك يتماشى مع استراتيجيتها تجاه إفريقيا، التي تتضمن دبلوماسية توسيع السفارات و"العمليات الخاصة تحت الرادار".
ويضيف راماني -وفقا للصحيفة- أن الهزيمة التي تكبدتها فاجنر في مالي قد تؤدي إلى مراجعة أعمق، وإمكانية وضع قوات فاجنر تحت سيطرة أكبر من الدولة، ويشير إلى أن هذه الهزيمة قد تجعل بوركينا فاسو والنيجر اللتين تسمحان بوجود مستشارين روس، تعيدان النظر في تسليم مهام مكافحة الإرهاب إلى روسيا بشكل أوسع.
ويشدد راماني على أن روسيا قد عانت من نكسات عسكرية كبيرة في السابق، ومن المحتمل أن تتعافى. وقال "روسيا لاعب مرن وسريع يمكنه الاستفادة من الانقلابات والأزمات. من المحتمل أن تستمر تأثيراتها بشكل رئيسي لأن الدول الإفريقية ترى فيها قطبا أساسيا ضمن النظام الدولي وقوة يجب التعامل معها بجانب القوى الأخرى، وليست دولة ينبغي عزلها كما يريد الغرب".
وأفادت الصحيفة بأن حرب المعلومات الروسية، كما في الولايات المتحدة عام 2016، تجرى أيضا تحت المراقبة في إفريقيا، مع محاولة التأثير التكنولوجي على نتائج الانتخابات في جنوب إفريقيا ومدغشقر وربما في أماكن أخرى.
ولفتت إلى أنه رغم أن الهجوم الروسي في إفريقيا موجه بشكل عام ضد الغرب، فإنه يركز بشكل أضيق على أوكرانيا، على الأقل من حيث الدعاية. وأوكرانيا تتصدى لذلك.
ونقلت (ديلي مافريك) عن مبعوث أوكرانيا الخاص إلى إفريقيا والشرق الأوسط، ماكسيم سبوخ، قوله إن بلاده تفتح عدة سفارات جديدة في إفريقيا ليس فقط لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية ولكن أيضا لمواجهة دعاية روسيا ضدها. وإن الوجود الدبلوماسي الأوسع سيمكن أوكرانيا من مساعدة الأفارقة في التصدي لنفوذ فاجنر لأن كييف، كما قال، تعلمت كيفية التعامل مع فاجنر عندما كانت تقاتلها في أوكرانيا.