قالت الإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، إنه في تطور خطير وغير مسبوق جاءت العملية الإرهابية التي نفذها ثلاثة أشقاء عمانيين الأسبوع الماضي ضد تجمع احتفالي بيوم عاشوراء بعد صلاة العشاء في ساحة مسجد الإمام علي في منطقة الوادي الكبير بمسقط عاصمة دولة عمان، وأسفر الهجوم عن مقتل ستة أشخاص بينهم رجل شرطة وقُتل أيضًا منفذي العملية بعد مواجهات مع الأمن العماني، وأصيب أكثر من 28 شخصًا من المتواجدين في ساحة المسجد.
وأضافت "عبدالرحيم"، خلال تقديمها برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن هذه العملية هي الأولى التي تقع في منطقة الخليج العربي؛ وأحدثت حالة من الصدمة في الشارع العماني الذي اعتاد على الأمن والهدوء ولم يعرف العنف والإرهاب؛ حيث يعيش المجتمع العماني في أجواء من التسامح بين مختلف طوائفه المذهبية من السنة والشيعة من السكان المحليين والأجانب
وأوضحت أن تنظيم داعش بادر بإعلان مسؤوليته عن الهجوم وتم تناقل فيديو مصور سجله منفذو العملية وهم يبايعون خليفة داعش، مشيرة إلى أن عملية مسقط الإرهابية فتحت الباب للتساؤل حول الكثير من القضايا وأبرزها: هل تكون بداية لوقوع دول منطقة الخليج في محيط استهدافات داعش؟.. وهل يعني ذلك أن داعش قد غير من استراتيجيته وفتح جبهات جديدة وغير تقليدية؟؛ خاصة وأن عملية مسقط تأتي في ظل تنامي مؤشر هجماته والعمليات التي نفذتها عناصره في أكثر من مكان في العالم؛ الأمر الذي يدفع للبحث عن عوامل الصعود والنمو والتمدد التي حققها التنظيم منذ بدايات العام الحالي عقب مرحلة الهزائم والانكماش والضعف التي أصابت داعش بعد انحسار دولة خلافته المزعومة وسقوط أغلب مناطق نفوذه في العراق والشام ومقتل أبرز قياداته المؤسسة، وهل يكون لتزايد مناطق النزاعات والحروب التي يشهدها العالم أثرًا في ذلك النمو والتمدد الداعشي؟،
وما هي انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من توترات وتصاعد حدة المواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة وبين روسيا والصين في الجهة المقابلة؟، وما تأثير العدوان الوحشي الذي تشنه آلة الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة؟، بل أن مجال التساؤلات يتسع ويعود ليتوقف أمام الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان وتسليم البلاد لحكم طالبان والانسحاب المفاجئ أيضا لقوات التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب في دول الساحل والصحراء بقيادة فرنسا من مالي، وكيف تستغل تنظيمات الإرهاب العابرة للحدود وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي أوضاع الدول "الرخوة" والحدود المستباحة والصراعات المذهبية والقبلية والفقر والإفقار والفساد السياسي والمالي في تلك الدول لتوسيع النفوذ وكسب الأنصار وخلق ملاذات آمنة ومستقرة؛ بمعنى شامل ما أثر غياب إرادة ورؤية واستراتيجية شاملة ومتكاملة على الصعيد الدولي لمواجهة الإرهاب وأفكاره ومخاطره؟، وما أثر كل تلك العوامل والأحداث والسياسات على عودة تنظيم داعش وتصدره للمشهد الإرهابي الأسود؟.
وعرضت الإعلامية داليا عبدالرحيم، فيديو وال بعنوان “تصاعد تهديدات داعش حول العالم في 2024”، وكشف الفيديو عن أنه أعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي في 17 يوليو 2024، أن تنظيم داعش يحاول "إعادة تشكيل نفسه" في حين بات عدد هجماته بسوريا والعراق في طريقه إلى التضاعف مقارنة بالعام الماضي، وذكرت القيادة المركزية في بيان أن داعش تبنى 153 هجوما في كلا البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، موضحًا أن تنظيم داعش هدد مباريات الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا وليس بالتحديد في فرنسا عبر قنوات التواصل الخاصة به، ونشر تنظيم داعش صورة لرجل مسلح وأسماء أربعة ملاعب ستقام فيها المباريات، مع تعليق: "اقتلوهم جميعا"، وبعد هذا التهديد مباشرة أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان 9 أبريل 2024، أن الإجراءات الأمنية تعززت بشكل كبير في باريس في إطار مباراة باريس سان جيرمان وبرشلونة في 10 أبريل، بعدما أصدر تنظيم داعش تهديدًا يتعلق بمباريات ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، وقامت كل من بريطانيا وأسبانيا بنشر قوات إضافية لتأمين الملاعب الأوروبية خوفا من تهديدات داعش، وحسب بوابة الحركات الإسلامية كشفت تقارير أمنية في برلين أن عددًا من عناصر تنظيم داعش تجسسوا على ساحة بريتشيد بلاتز في برلين والمشجعين الإنجليز قبل يوم من المباراة النهائية لبطولة يورو ٢٠٢٤، وفي سرية تامة قامت عناصر الشرطة بمداهمة بعض الشقق والمحلات المشتبه تواجد هؤلاء بها، خاصة وأنهم تحت رقابة المكتب الاتحادي لحماية الدستور "جهاز الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا.
وتابع: وحسب ما رصدته شرطة برلين، قامت عناصر معروف انتمائها لتنظيم داعش باستطلاع ساحة بريتشيدبلاتز، وهي مقر تجمع الجماهير الإنجليزية، ولم تقدم شرطة برلين أي معلومات حول أسباب تجمع أنصار داعش في هذا المكان قبل المباراة النهائية، وهل كانت لديهم نية لتنفيذ عمليات إرهابية أم لا، ولكن الأمر قيد التحقيق والمتابعة، خاصة وأن عملية المداهمة تكشف عن وجود خطر ملموس، وخطوات استباقية تم اتخاذها، كي لا تعكر صفو البطولة، التي انتهت مؤخرا.
وأوضح أنه مع تصاعد تهديدات تنظيم داعش لأوروبا قام التنظيم في الوقت نفسه بتصعيد عملياته في غرب إفريقيا، فهناك موجة جديدة من النشاط الإرهابي استهدف منطقة غرب إفريقيا خاصة منطقة المثلث الحدودي الأخطر في العالم حاليًا والتي يسيطر عليه تنظيم داعش والمتمثل في المنطقة بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وذلك بعد فترة من الهدوء النسبي، كشف موقع بوابة الحركات الإسلامية عن وقوع (13) عملية إرهابية، أسفرت عن (312) قتيلًا، و(90) مصابًا، فضلًا عن اختطاف (266) آخرين، بهذا يكون شهر يونيو 2024 قد سجّل تصاعدًا ملحوظًا في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بعددها خلال الشهر السابق له بمعدل (23.1 %)، الأمر الذي أدى بدوره إلى ارتفاع عدد الضحايا، واتخذت دول شمال أفريقيا المبادرة في تفكيك خلايا تنظيم داعش النائمة والقبض على عدد من عناصر التنظيم ففي المغرب أعلنت السلطات المغربية في 14 مايو 2024، عن نجاح قوات مكافحة الإرهاب في تفكيك خلية إرهابية نائمة موالية لتنظيم داعش الإرهابي مكونة من 4 أفراد، كانت متمركزة بمدينتي "تيزنيت" و"سيدي سليمان"، كان بحوزتهم معدات شبه عسكرية وقد أشارت السلطات الأمنية المغربية إلى أن عناصر هذه الخلية انخرطوا في عمليات مشبوهة بغرض توفير الموارد المالية والدعم اللوجستي استعداداً لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية لاستهداف الأمن القومي المغربي.
واستطرد: وكشفت وزارة الدفاع الجزائرية في 16 مايو 2024، عن تمكن قواتها المسلحة من اعتقال 9 من العناصر الإرهابية المشتبه في انتمائهم لتنظيم داعش الإرهابي، والذين تسللوا إلى البلاد عبر الحدود المشتركة مع مالي، وكان بحوزتهم بعض الأسلحة والمخططات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد، وكذلك تمكنت السلطات التونسية من إلقاء القبض على عدد من العناصر الإرهابية المنتمين لتنظيم "جند الخلافة" الموالي لداعش، في شهر إبريل 2024، وعلى رأسهم أمير كتيبة "جند الخلافة" محمود السلامي، والذي كان معه عدد من الأسلحة والأحزمة الناسفة، متهمين إياه باستهداف التشكيلات الأمنية والعسكرية وترويع أمن المواطنين في منطقة القصرين شمالي تونس، وفي حادث مفاجئ ولم يكن متوقع تسلل تنظيم داعش بعملية نوعية وفي جغرافيا غير تقليدية في "سلطنة عمان" وهو ما يُشكل خطرًا جديدًا على كل الجغرافيات التي لم تعد عصية على التنظيم الدموي العابر للحدود، فقد أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم على مسجد شيعي في سلطنة عُمان والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص مساء الاثنين.
ونوه: وقال التنظيم في بيان له في وقت متأخر، يوم 18 يوليو 2024، إن ثلاثة من "المهاجمين الانتحاريين" التابعين له أطلقوا النار على المصلين في المسجد وتبادلوا إطلاق النار مع قوات الأمن العُمانية حتى الصباح، ونشر التنظيم أيضًا ما أدعى أنه مقطع فيديو للهجوم على تطبيق المراسلة "تيليغرام".
كما عرضت إنفوجرافًا حول العمليات التي نفذها تنظيم داعش الإرهابي خلال عام 2024، موضحة أن تنظيم داعش الإرهابي اعترف بارتكاب 1258 هجومًا خلال 2024 منها 255 تفجيرًا بالعبوات الناسفة و90 عملية اغتيال و14 هجومًا انتحاريًا، وهذه العمليات أودت بحياة 5909 من عناصر تنظيم داعش.
وأكدت أن أبرز عمليات داعش في النصف الأول من 2024 شملت: 1 يناير هجوم ببلدة بارجارام في شمال الكاميرون، و3 يناير الهجوم على حفل ذكرى قائد الحرس الثوري الإيراني، و28 يناير هجوم على كنيسة في حي بويوك ديري بإسطنبول، وفي مارس 2024 هجوم على مدينة كروكوس في ضاحية كراسنوجورسك بموسكو، وهذا الهجوم شهد إطلاق الرصاص على 6 آلاف شخص، وفي 18 يوليو شن التنظيم هجومًا في مسقط بسلطنة عمان، موضحة أن عدد الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش وتوزعها على مناطق ودول عديدة على امتداد خريطة العالم يكشف بوضوح أننا أمام تنظيم تجاوز مرحلة الهزائم والانحسار التي سبق وأن تعرض لها بعد سقوط دولة خلافته المركزية في العراق والشام، وهنا يبرز السؤال: من المسؤول عن استنهاض داعش وعودته لتصدر المشهد الإرهابي؛ كاشفة عن أهم مناطق تواجد التنظيم في العالم وأهم فروعه وقياداته التي مهدت لعودة داعش الأخيرة، موضحة أن الفرع الأول يتمثل في “التنظيم الأم” مكتب بلاد الرافدين "العراق والشام" ويقوده أبو حذيفة العراقي، وكما سبق أن أشرنا فقد تقلص نفوذه في العراق وسوريا بعد فقدانه للكثير من مناطق وأراضي سيطرته هناك ومقتل أبرز قياداته التاريخية المؤسسة لدولة الخلافة في 2014، وثانيا فرع داعش في خراسان أو ولاية خراسان ويقوده ثناء الغفاري "شهاب المهاجر" وقد تصاعد نموه ونفوذه في الأعوام الثلاثة الأخيرة وخاصة بعد انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، فضلا عن فروع التنظيم في شرق إفريقيا والصومال بقيادة عبد القادر مؤمن الصومالي الجنسية "أبو حفص الهاشمي" وفرع غرب إفريقيا بقيادة “أبو مصعب البرناوي”؛ والذي تذهب مصادر للتأكيد على مقتله مؤخرًا، وهنا نتوقف أمام اسم عبد القادر مؤمن والذي تمت مبايعته كخليفة لداعش في أغسطس 2023 واعتباره الخليفة الداعشي الخامس والذي يعود له الفضل في نهضة داعش الأخيرة؛ حيث استطاع نقل مركزية التنظيم من منطقته الأم في العراق والشام إلى إفريقيا وولاية خراسان واعتمد على تعظيم القدرات البشرية والعسكرية والمالية، كما اعتمد على نهج نقل عملياته النوعية لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، واستهدفته القوات الأمريكية المشتركة خلال الأسابيع الماضية في عملية نوعية قُتل على أثرها ثلاثة من كبار عناصر التنظيم ولكن لم يتأكد مقتل عبد القادر "أبوحفص الهاشمي".
وتابعت: وفي سياق حديثنا عن عودة داعش الأخيرة يمكن رصد ما يُمكن اعتباره تغيير أو تطوير في المرتكزات الفكرية والعقيدية والحركية للتنظيم، ويمكن إجمال أبرز تلك المتغيرات في النقاط التالية: الأولي: التخلي عن نهج تمركز المقاتلين والأنصار في أرض دولة الخلافة الأم (العراق والشام) بعد أن طالب التنظيم أنصاره والراغبين في الالتحاق بصفوفه والهجرة إلى دولته للمشاركة في القتال في العراق وسوريا إلى التوجه إلى أرض الهجرة والجهاد الجديدة بالمصطلح الداعشي قاصدين خراسان وإفريقيا أو البقاء في بلدانهم وتنفيذ عملياتهم وجهادهم هناك عندما تسنح لهم الفرصة أو تأتيهم التعليمات؛ ويعني استخدام تكتيك الخلايا النائمة أو الذئاب المنفردة، وثاني تلك المتغيرات أن الخليفة الداعشي الخامس وهو عبد القادر مؤمن وكنيته "أبو حفص الهاشمي" صومالي إفريقي؛ مما يعني أن داعش تخلى عن شرط أساسي من شروط ولاية الخليفة الشرعية وفقًا لمحددات التنظيم الفقهية وهو أن يكون الخليفة قرشيًا هاشميًا، ومن ناحية أخرى جاءت عملية مسقط الإرهابية لتؤكد على نهج ثابت وأصيل في المكون الفكري والعقيدي للدواعش منذ التأسيس الأول للدولة الإسلامية في العراق على يد أبو مصعب الزرقاوي وكان وقتها منتميًا لتنظيم القاعدة؛ حيث كان استهداف الشيعة كطائفة مذهبية ووضعهم على قمة أولويات الزرقاوي؛ أي استهدافهم كأعداء وكانت تلك القضية نقطة خلاف بين الزرقاوي وأسامة بن لادن في الأولويات لا أكثر.
واستطردت: ومع إعلان دولة داعش في 2014 تزايد التركيز على استهداف الشيعة من القيادات والرموز الدينية والسياسية إلى المساجد والأضرحة "الحوزات" إلى مناطق التواجد السكاني والأسواق والتجمعات، وجاء الهجوم على مسجد الإمام علي بمسقط ليلة الاحتفال بيوم عاشوراء ليؤكد من خلاله قائد الهجوم وفي الفيديو المصور معاداته للشيعة كطائفة خارجة عن الإسلام وفقًا لرؤى داعش، كما جاءت عملية مسجد مسقط لتؤكد على اعتماد داعش على تكتيك الذئاب المنفردة في شن هجمات يصعب توقع القيام بها مسبقًا؛ مما يُزيد من مخاطر إرهاب داعش ويصعب من سبل دحرها.
وعرضت داليا عبدالرحيم، تقريرًا بعنوان "أثر الحروب والصراعات الإقليمية والدولية على تنامي داعش"، والذي كشف عن أن الحروب والصراعات التي ضربت الإقليم والعالم عززت وجود التنظيمات المتطرفة، بل ساعدت في تنامي تنظيم داعش، والذي نجح في بتنفيذ عملية إرهابية مؤخرًا في سلطنة عمان، رغم عدم وجود فرع للتنظيم في منطقة الخليج، وأتاحت الحروب والصراعات التي ضربت العالم شرقه وغربه الفرصة لتنامي جماعات العنف والتطرف، خاصة وأنّ العالم بات مشغولًا بهذه الحروب عن أي جهود متعلقة بمواجهة هذا التنظيم، كما كان في العام 2014 والذي شهد ولادة التحالف الدولي لمواجهة داعش، والذي اشترك فيه أكثر من ثمانين دولة.
وأوضح التقرير أن نشوب الحرب الأوكرانية قبل أكثر من عامين شغل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا عن مواجهة التنظيمات المتطرفة وبخاصة العابر منها للحدود والقارات، حيث خُصص الإنفاق العسكري للحرب في شرق أوروبا والصراع مع روسيا، كما تكرر الأمر بعد نشوب الحرب في السودان قبل أكثر من خمسة عشر شهرًا، فوفق تصريح وزير الداخلية السودان، خليل باشا سايرين، أنّ مجموعات تابعة لتنظيم داعش والقاعدة هربوا من بعض السجون ويُضاف لهم مجموعات تابعة لحركة حسم "الإخوانية"، حيث قال إن القوات الأمنية ألقت القبض قبل اندلاع الحرب على أكثر من 100 شخص ينتمون لثلاث تنظيمات إرهابية هم “القاعدة وداعش وحسم”، وهو ما يؤكد أن الحرب على الحدود المصرية أدت إلى الفوضى وبالتالي سمحت بعودة التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها داعش، ويُضاف إلى هذا وذاك الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي اندلعت قبل أكثر من تسعة أشهر، والتي وفرت ملاذًا آمنًا لجماعات العنف والتطرف وسمحت لها بالتمدد.
وأكد التقرير أن داعش أعادت تموضعها بعد الحرب والصراعات التي ضربت الإقليم والعالم، خاصة وأن العالم بات مشغولًا بحروبه عن مواجهة التنظيمات الأكثر تطرفًا والأكثر تهديدًا لأمنه، ولعل أبرز أمثلة استغلال وتوظيف تنظيم داعش وكل تنظيمات العنف والإرهاب للصراعات والحروب على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما يحدث من خلاف في الرؤى والاستراتيجيات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في مواجهة روسيا والصين على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية؛ فبينما تذهب أمريكا لصياغة تحالفات وتعاون مع باكستان لمواجهة نشاط حركة طالبان باكستان يقابلها بل ويعاكسها استراتيجية روسية أفغانية بتعاون موسكو مع نظام طالبان في أفغانستان يتم من خلال ذلك التعاون والتنسيق ضرب فرع داعش في خراسان الذي يسبب المتاعب لروسيا مقابل تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لطالبان والعمل على رفعها من قوائم التنظيمات الإرهابية، وبين تضارب الرؤى والسياسات ينكب داعش على تجميع وتدريب المقاتلين من دول وسط آسيا ومن روسيا وينمو ويتسع نفوذه وأخطاره.
من جانبها كشفت الدكتورة ليلى موسى، مُمثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، عن حجم تأثير العملية الإرهابية الأخيرة لتنظيم داعش في مسقط بعُمان، وهل سيكون لها تداعيات على العلاقة بين السنة والشيعة في المجتمع العماني.
وقالت “موسى”، خلال لقائها ببرنامج "الضفة الأخرى"، الذي تقدمه الإعلامية داليا عبد الرحيم، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، أنه على الرغم من السياسة التي اتبعتها سلطنة عمان بعد 2011 إلا أن التطورات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة كانت سببًا في جر عُمان لعدد من الأحداث.
وأوضحت مُمثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أن التناقضات التي تحدث داخل المجتمعات تُفرز انقسامات وحالة من الصراعات، خاصة عندما لا يكون حوكمة رشيدة داخل المجتمع، وهو ما يتغذى عليها أنظمة خارجية للتدخل في شئون مجتمع آخر، معتبرة أننا بصدد رسم سياسات جديدة في المنطقة، مؤكدة أنه تم التعامل مع قضية تنظيم داعش في سوريا والعراق من الناحية الأمنية فقط، ولم يتم التعامل مع تنظيم داعش من الناحية الفكرية ولذا استمرت هذه المعضلة.
وأشارت إلى أن العائدون من داعش رجعوا لبلادهم مُحملين بأفكار التنظيم، مستشهدة بأن من أسسوا التنظيم في العراق هم الشباب العائدون من باكستان، موضحة أن تنظيم داعش بالأساس هو فكرة، وحتى اليوم لا نمتلك مشروع فكري بديل للمجتمعات التي ينتشر بها التنظيم، منوهة بأننا نفتقد اليوم الجهود الدولية اللازمة لتنمية وتطوير ومعالجة فكر الأطفال الذين نشأوا في تنظيم داعش.
وشددت على ضرورة أن يشعر كل مواطن في بلده أنه جزء من النظام، حتى لا تظهر لديه ميول وأفكار تميل للتنظيمات الإرهابية وينضم إليها ويجد فيها الملاذ، مشيرة إلى أن هناك اختلافًا في الأولويات فيما يتعلق بالأمن القومي لكل دولة، ومفهوم الإرهاب غير مُتفق عليه، وهو ما يؤدي إلى عدم وجود رؤية موحدة لمواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة.
وأكدت مُمثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أن القضاء على تنظيم داعش في 2019 من الناحية الجغرافية تحقق؛ ولكن ما زال فكره موجودًا بقوة في سوريا والعراق وينشط مؤخرًا مستفيدًا من حالة الفوضى في المنطقة الآن، وحالة الصراع مرشحة للاتساع، موضحة أنه على الرغم من القضاء على تنظيم داعش جغرافيا في 2019 إلا أنه ما زال هناك خلايا نائمة، مشددة على ضرورة الانتباه لهذا الأمر.
ولفتت إلى أن كثيرًا من الدول رفضت استعادة رعاياها إلى دولهم، منوهة بأنه لا بد من تفكيك المخيمات والسجون، حيث أن وجود تجمع عنصر بشري كبير في مخيمات غير مؤهلة يؤدي إلى انتشار الفكر الإرهابي، مشددة على ضرورة أن يُصاحب وجود المخيمات فكرًا تنمويًا وبرامج تأهيل للأطفال والنساء، وإلا سنواجه مخيمات تُنتج أجيالًا لدولة الخلافة وإن لم تكن باسم داعش فستكون باسم آخر، حيث قد نشهد ولادة تنظيمات بأسماء مختلفة من رحم داعش إذا لم ننتبه للمتواجدين في المخيمات والسجون.
ونوهت بأن الأنظمة السياسية التي تفرز لونًا واحدًا وأحادية يشعر المواطنون بداخلها بالمظلومية وعدم القدرة على الانسجام والتأقلم داخل مجتمعاتهم، وهم يُمثلون بيئة خصبة لاستقطابهم من قبل التنظيمات الإرهابية، مؤكدة أن التنظيمات الإرهابية تتغذى على الأنظمة الاقتصادية الهشة، فضلًا عن أن الجهل والفقر والفوضى تُمثل حواضن يتغذى عليها التنظيمات الإرهابية.
واختتمت أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أدى لتراجع الاهتمام بالوضع السوري، وهو ما يُعد فرصة لتنظيم داعش في سوريا أن يُلملم قوته من جديد وينتقل لأماكن أخرى، معتبرة أن هناك حالة من التراجع في الاهتمام بملف داعش بسبب بؤر الصراع الجديدة.